تحقُق تمامِ التوافق والتآلف والإفضاء بين الزوجين – كما أراده الله- يحتاج لتوافر سبعة مستويات من التوافق، وفي كثير من الأحيان يقفز الزوجان من المستوى الثالث إلى المستوى السابع، ثم يتعجبان من شعورهما غير المبرر بالخواء. فما هي أنواع ومستويات التوافق بين الزوجين؟ وماهي أسبابها وكيف يمكن تحقيقها؟ وماهي أدنى درجات تحققها لإقامة علاقة زوجية دائمة؟
أولا وقبل كل شيء، على من يشعر بهذه المشاعر أو يجد بعض المساحات المفقودة أن يتحاور مع شريكه محاولاً التأكد إن كان هذا الإحساس مشتركًا. فإذا كنتما تشعران بالخواء والفراغ، فعليكما بتفقد مساحات الإفضاء الفكري والروحي والعاطفي، لأنها المساحات المفقودة في كثير من العلاقات، واستخدام الأسئلة التالية سيساعدكما على التعرف على المساحات المفقودة في علاقاتكما. فيما يلي بعض أنواع ومستويات التوافق بين الزوجين التي من شأنها أن تحدد قيمة العلاقة الزوجية وترسم مساراتها في مراحل مختلفة من التجربة.
التوافق الشكلي
من أشهر أنواع ومستويات التوافق بين الزوجين، التوافق الشكلي ويشمل المظهر والسلوكيات والجاذبية الخارجية، وللتأكد من وجود هذا المستوى من التوافق، أجيبا عن الأسئلة التالية، وكلما زادت نسبة الإجابات بنعم، كلما كنتما أكثر توافقًا.
- هل كل طرف منكما راضٍ تمامًا عن شكل شريكه ورائحته وصوته؟
- هل كل طرف منكما راضٍ تمامًا عن تصرفات شريكه؟
- هل يشعر كل منكما بالفخر والسعادة عند تواجدكما سويًّا؟
- هل تجدان مشاعر إيجابية عندما يفكر كل واحد منكما في الآخر أو يرى صورته؟
التوافق في الأذواق
تتمتعان بهذا المستوى من التوافق إذا كانت إجابتكما بنعم على الأسئلة التالياة:
- هل أنتما متوافقان في ما تحبان سماعه أو رؤيته من الفنون المختلفة؟
- هل أنتما متوافقان في اختياركما لأصناف الطعام المختلفة؟
- هل يتشابه ذوقكما عند اختيار الملابس أو الأثاث أو الحلي أو ما شابه؟
التوافق الترويحي
- التوافق الترويحي يشمل التشارك في الهوايات والاهتمامات، وهنا نحب أن ننوه لأهمية وجود أنشطة مشتركة بين الزوجين، وأنشطة خاصة بكل طرف على حدة. الأنشطة الخاصة تمارس مع الأصدقاء والصديقات ولو لسويعات قليلة؛ لأن هذا يدعم الخصوصية والتميز، ويتيح سويعات من الإجازة الزوجية، بينما يمارس الزوجان الأنشطة المشتركة سويًّا لتتيح لهما فرصة التعرف على المساحات المشتركة بينهما مع الاستمتاع بالوقت معًا.
وعمومًا، فأنتما تتمتعان بهذا المستوى من التوافق إذا كانت إجابتكما بنعم على الكثير من الأسئلة التالية:
- هل تستمتعان بقضاء الوقت سويًّا بغض النظر عن النشاط الذي تمارسانه؟
- هل تستطيع تذكر هواية أو اهتمام شريكك؟
- هل هناك أنشطة مشتركة بينكما؟
- هل هناك أنشطة غير مشتركة بينكما؟
- هل يضايقك أن يقضي شريكك بعض الوقت بعيدًا عنك في نشاط يحبه؟
- هل تسعد بمشاركته الخبرات الجديدة؟
التوافق الفكري
- لعل أهم أنواع ومستويات التوافق بين الزوجين، التوافق الفكري والذي يعني التشارك في الآمال والمخاوف والآراء والمعتقدات، وليس له علاقة بمستوى الذكاء أو التعليم، والوصول إلى التوافق الفكري يعتبر أول اختبار حقيقي للعلاقة، وللأسف يغفل الكثيرون عنه ولا يسعون لدعمه، وأهميته تنبع من أن الوصول لمرحلة الثقة في الشريك هو الذي يسمح بالتشارك في الآمال والمخاوف والآراء والمعتقدات بدون خوف من سخريه أو عقاب.
أنت وشريكك تتمتعان بالتوافق الفكري إذا أجبتما بنعم على معظم الأسئلة التالية:
- هل تتوافقان في الآراء والتوجهات على الأصعدة المختلفة (الدينية، السياسية، تربية الأولاد…)؟
- هل يمكنكما مناقشة حتى الآراء والتوجهات التي لا تتفقان فيها تمامًا بحرية وبدون أن تخافا من السخرية والاستهزاء؟
- هل كل واحد منكما يعرف أهدافه وآماله وأحلامه؟
- هل يعرف كل منكما ما يخشاه ويخافه شريك حياته؟
- بدون أن تلاحظا، هل تشعران بتشابه بينكما في التصرفات والأفعال وأسلوب الكلام؟
التوافق الروحي
- التوافق الروحي يشمل التوافق في الأخلاقيات والقيم والأهداف وأنماط الحياة المشتركة، هنا تبدأ العلاقة بحق، نصبح “نحن” بالفعل، ولكنها من أصعب المراحل، والوصول إليها يحتاج لبذل الوقت والجهد، والكثيرون لا يفكرون فيها ولا يصلون إليها، وغياب التوافق في هذا الجانب يعتبر سببًا رئيسيًّا ومحوريًّا للكثير من مشكلات العلاقات، وعندما يصل الزوجان إلى هذه المرحلة يصبح لعلاقاتهما معنى وقيمة، والوصول لهذه المرحلة من التوافق والتواؤم يتطلب أن يتمكن كل طرف من طرفي العلاقة من حل صراعاته الداخلية حول هويته الشخصية وأهدافه من الحياة.
معظم الناس يتصورون أن التآلف الروحي يعني التوافق في الأمور الدينية، وبالفعل الأمور الدينية تمثل جزءًا أساسيًّا من هذا التوافق، ولكن هذا التوافق أكثر شمولاً؛ حيث نتوافق في أنماط حياتنا.
أنت وشريكك تتمتعان بالتوافق الروحي إذا أجبتما بنعم على الأسئلة التالية:
- هل بالفعل أصبحتما تتحدثون بصيغة “نحن” بدلاً من “أنا”، و”هو” أو “هي”؟
- هل بالفعل يوجد توافق بينكما على المستوى القيمي والأخلاقي؟
- هل الاختلاف الموجود بينكما في هذه الجوانب اختلاف مقبول لكليكما؟
- هل لديكما أهداف بعيدة المدى وأهداف قصيرة المدى؟
- هل استطعتما التغلب على مشاكل العلاقة، فلا يوجد هروب أو اعتمادية؟
- هل الدين بالفعل حاكم لحياتكما؟
- ماذا يعني الزواج بالنسبة لكليكما؟ وهل تتوافقان في هذه النظرة؟
التوافق العاطفي
- التوافق العاطفي ويشمل المشاعر والثقة والحماية والأمان، ومعظم الأزواج لا يصلون لهذه المرحلة. ففي هذه المرحلة عليك أن تتقبل شريكك كما هو بدون تحفظات وبدون تصدعات في العلاقة، وفي هذه المرحلة تشعر بالراحة عند مشاركتك لشريكك بدون خوف، وتتشاركان سويًّا في مشاعر الغضب والسعادة والإسرار، كما تتشاركان في الجوانب الحسية والجنسية، ويدرك كل واحد منكما أنه يحب شريكه وأن شريكه يحبه، بغض النظر عن التصرفات والكلمات.
أنت وشريكك تتمتعان بالتوافق العاطفي إذا أجبتما بنعم على معظم الأسئلة التالية:
- هل تتقبل شريكك كما هو وتدرك أنك تحبه وأنه يحبك كما هو وبكل ما فيه؟
- هل تتشاركان في الأزمات والأفراح؟
- هل شريكك هو الملجأ لك عند الخوف أو الغضب؟
- هل يمكن أن تبكي أو تظهر إحباطك واكتئابك أمامه؟
- هل يمكنكما التحدث حول كل الأشياء سويًّا (الأسرار، المشاعر، الاحتياجات…)؟
- هل تعتقد أن حبكما أقوى من المرض والكوارث والأزمات المادية؟
- هل يعبر كل منكما عن الحب للآخر بالطرق المختلفة؟
- الأخطاء، هل يتم مناقشتها ثم التغاضي عنها؟
- هل العنف والعدوان السلبي موجود في علاقتكما؟
التوافق الجنسي
- التوافق الجنسي من أهم أنواع ومستويات التوافق بين الزوجين، ويشمل اللمسات والكلمات والعلاقة الجنسية والحوار حولها، وعادة ما يحدث قفز فوق المستويات السابقة للبحث عن التوافق الجنسي، وتصبح الممارسة الجنسية للكثيرين هي الوسيلة الوحيدة للتعبير عن المشاعر، وهذا يؤدي إلى الكثير من المشاكل؛ فممارسة الجنس تختلف كثيرًا عن الوصول للحميمية والتوافق الجنسي، والعلاقة الحميمة بين الزوجين مهمة في سياقها وتتأثر وتؤثر في مستويات التوافق الأخرى، وحدوث التوافق الجنسي لن يتم إلا عبر الحوار والمصارحة حول هذه الأمور بين الزوجين.
ويمكن التأكد من وجود التوافق الجنسي إذا كانت إجاباتك بنعم على هذه الأسئلة:
- هل الممارسة الجنسية تتضمن الكثير من أشكال الملاعبة وتكون مرضية لكما سويًّا؟
- هل تتبادلان الهدايا الرومانسية؟
- هل التقديم والتمهيد للعلاقة يتم بصورة مرضية لكما سويًّا؟
- هل كل واحد منكما يعرف ما الذي يحبه الآخر وما الذي يكرهه؟
- هل يمكنكما التحاور حول علاقتكما الجنسية بحرية؟
- هل يمكن لكل واحد منكما أن يجرب أشكالاً جديدة من المداعبة؟
التوافق غير المشروط
- التوافق غير المشروط: وهو يعني الحب والدعم بدون توقعات، حيث يتم تقبل الشريك كما هو وبدون أن يقدم أي شيء لرعاية العلاقة، ومع هذا لا تتكون ضده أي مشاعر سلبية على مدار الأيام، فهو حب بدون أي توقعات: “أحبه كما هو وكيفما يتصرف وكيفما يفكر”. ومن الصعب الوصول إلي هذا المستوى بين الأزواج؛ وذلك لأن العلاقة الزوجية علاقة تبادلية، تحتاج من كل طرف من طرفيها أن يبذل جهدًا من أجل رعاية العلاقة ودعمها، بحيث تحقق احتياجات الطرفين بصورة مرضية لكليهما، ويمكننا أن نجد هذه الحالة من التوافق في علاقاتنا مع أولادنا، فنحن نحبهم كما هم ومهما فعلوا.
وبعد أن تعرفنا على مستويات التوافق المختلفة وعلى الكيفية التي تمكننا من أن نتعرف على توافر كل منها أو غيابه، نجد أنه من المهم أن نؤكد على أن العلاقة بين الزوجين هي علاقة ديناميكية ومتحركة، أحيانًا تتواجد كل المراحل وأحيانًا أخرى يسقط بعضها.
ومستويات التوافق هذه يمكن استخدامها كدليل أو معيار لقياس قوة ومتانة العلاقة بين الزوجين، ومواطن الخلل والقصور، وعندما تتعرف على موطن المشكلة والخلل، فمن المهم أن تناقش الأمر مع شريكك، وأن تبحثا سويًّا عن وسائل لعلاج هذا الخلل.
كيف تقيِّم مستوى توافقك مع شريك حياتك؟
التآلف والإفضاء الزوجي هو حالة من الانفتاح على شريك الحياة على كل الأصعدة والمستويات؛ مما يتيح للزوجين التعبير بأمانة عن المشاعر والاحتياجات والأحلام والتخيلات والمخاوف والآمال والضعف والعيوب.
وتحقق هذا التوافق يحتاج لشرطين أساسين هما:
1. الشعور بالأمان: حيث يصبح شريك الحياة هو الملجأ والملاذ عندما يحدث أي أمر يخيف أو يروع، ويصبح الشريك هو الجنة الآمنة، ولا يُكتسب هذا الشعور إلا عبر الثقة المتبادلة التي تنبني على سلوكيات وأفعال الحياة اليومية.
2. الشعور بالترابط والتناغم مع الشريك: وذلك لوجود الكثير من الأرضيات المشتركة للتلاقي والتقابل، مع وجود اختلافات مقبولة، فليس مقبولاً ولا ممكنًا أن يكون كل شريك نسخة كربونية من الآخر.
والخلاصة أن الإفضاء الحقيقي لا يمكن أن يتحقق بدون الشعور بالأمان والترابط.