مما لاريب فيه أن الحاجة إلى إستيعاب الفقه مستحدثات العصر ومتغيرات الواقع تزداد يوما بعد يوم، ويصوغ البعض ذلك تحت عبارة أكثر اتساعا وأقل انضباطا وهي عنوان شاع في وقتنا هذا بين رافض ومؤيد وبين مفرط ومنضبط ومقيد وهو تجديد الخطاب الديني، وإيما كان القول فإن فقه الواقع سواء إدرج تحت عنوان تجديد الخطاب الديني أو غيره من العناوين أصبح ضرورة حالة إذ إن الشريعة الغراء قادرة على استيعاب أحوال المسلمين بمتغيراتها ومستجداتها فهي صالحة لكل زمان كما هي صالحة لكل مكان لا جدال في ذلك إلا لمن عميت أفئدتهم.

ولا شك أن أحد الآليات الهامة والضرورية في القيام بهذا الدور هو نظرية المقاصد أو كما يحلو للبعض علم المقاصد وأيما كان المسمى فالعبرة بالمضمون والمعنى المقصود، وليس بالمبنى ولا التكوين الحرفي.

المقاصد إذًا آلية هامة للنهوض بتطور الفقه ومسايرته لواقع المسلمين سريع التجدد والتغير غزير التجديد والمستحدثات من أمور الحياة بكل مناحيها، ويثور التساؤل دائما حول مشروعية كل مستجد واستمرار حكم كل متغير من عدمه.

كما أن المقاصد من شأنها أن تساعد هذا التجديد في الخطاب الديني أو التطور الفقهي من الانتقال من حيز التنظير والفتوى إلى حيز التطبيق العملي فيصبح الدين واقعًا يعيشه المسلمون ويساهم في بناء الحياة على نحو صحيح ومتكامل ومنضبط، ويرُد عن الشريعة شبهات ضالة وأكاذيب مُرَوَّج لها ‘ فتلك الشريعة الغراء كاملة البنيان، مستقيمة المنهج، يزعم المغرضون انها لا تبرح حيز المسجد ونطاق العبادة ولا تستطيع مسايرة الحياة وأنها تقف هناك عند حدود البادية مكانًا، وعصر الرسالة والصحابة زمانًا، دون أن تبرحها إلى عصور مليئة بواقع صاخب وتطور لافت بل غير مسبوق وغير محدود ومتجدد يوميًا بل كل ساعة ولحظة وهذا حال عصرنا الراهن، ولاريب في ان تفعيل نظرية المقاصد يساهم في دحض هذه الأكذوبة التي أصبح يروج لها وبشدة بعض مثقفي العصر ودعاة ما يعرف بالتنوير، وهو في حقيقته التفريط في الثوابت والتبذير في الانحلال من كل قيد ديني وأخلاقي.

من هنا كان من الضرورى إنعاش الذاكرة بالبحث الدؤوب والعملي من أجل فهم وتطوير نظرية المقاصد ليس لاعتبارات الترف الفكري الإسلامي أو التنظير فقط بل لاعتبار أهم وأجدى وهو التطبيق العملي لقواعد الشرع في حياة المسلمين وعدم ترك أمور الحياة بمستجداتها ومتغيرات واقع حياة المسلمين الدينية والدنيوية في فراغ أو دون غطاء من الشريعة الغراء التي وسعت كل شيء. وأحاطت بكل صغيرة وكبيرة، إما إجمالًا بوضع قواعد عامة وكلية ومطلقة، وإما تفصيلًا بوضع حكم منضبط خاص ومقيد ولكل لفظ دلالته ومدلوله الذي لا تتسع هذه المقدمة لإلقاء الضوء عليه كما أنه لا يغيب عن فطنة أصحاب العقول الراجحة.

لذا كان من الضروري الاهتمام بنظرية المقاصد إلى جانب غيرها من القواعد العامة في أصول الفقه، لكن المقاصد بالذات تبدو أكثر أهمية وضرورية؛ إذ أن حياة المسلمين وديمومتها وتطورها السريع وعلاقتها بالغير داخل الدولة وخارجها سواء على مستوى الأفراد أو الدول والمنظمات واتساع هذه النطاق بكل جوانبه واتجاهاته، خلق العديد من المقاصد العامة والتفصيلية يصح لدى البعض أن تكون مقاصد مستقلة بذاتها، أيًّا كان تصنيفها أو أن تكون مقاصد مندمجة في المقاصد الخمسة الغالبة لدى الفقه.

ولا شك أنه مع كل تغيير لقائم أو خلق لمستحدث في العلاقات البشرية والمكتشفات العلمية وتطور الحياة في كل صورها يكون هناك جديد يصلح أن يندرج تحت نظرية المقاصد؛ إذ لا شيء إلا بغاية ولا عمل إلا بقصد والأفعال أيًّا كان نوعها بمقاصدها، فلابد إذًا من ضبط المقصد وتحديد مدى مشروعيته لينعكس ذلك على الفعل المادي والسلوك الإنساني في جملته ليتحدد مدى الشرعية في الفعل والسلوك من عدمه.

إذًا هناك العديد من المقاصد كشف عنها تطور الحياة من شأنها أن توسع من البنيان الداخلي والتكوين العضوى لنظرية المقاصد أيًّا كان توصيف أو تصنيف أو تقسيم هذه المقاصد كالحفاظ على البيئة وضرورة التعليم وحرية الرأي ومقصد العدالة والمساواة وغيرها.

المهم أن هذه المقاصد وارتباطها بالمقاصد الشرعية الأساسية من جهة ثم كونها إفرازًا لواقع قائم وضروري سوف تؤدي إلى تطبيقات متناهية ومتعددة للعديد من الأحكام التي تواجه فعلًا جديدًا غير موصوف سابقًا في منظومة الحياة الإسلامية فعلًا نابعًا من العلاقات الدولية الخارجية، كعلاقات السلام أو الحرب مع الدول غير المسلمة والتحالفات والمنظمات الدولية وكذلك من الناحية الداخلية والاجتماعية بين الطوائف المختلفة وبحسب تواجد المسلم في دولة مسلمة أو غير مسلمة، وكذلك المقاصد التي ترتبط بالاكتشافات العلمية والمستحداثات التقنية والطبية وغيرها،  أمور جديدة وحياة جديدة وواقع جديد تمارس فيه العبادة كل ذلك يدفعنا للوقوف مع نظرية المقاصد لبيان دلالتها وتأثيرها على استنباط الحكم الشرعي للفعل والسلوك دون ترك فراغ لا تُسأل عنه الشريعة الغراء، فلا هي قاصرة ولا هي مفرطة ولكن القصور والتفريط يأتي منا نحن؛ إذ إن لدينا معينًا لا ينضب من كتاب الله وسنة رسوله ونبعًا لا يجف إلى أن تقوم الساعة وما علينا إلا الرجوع إلى صفاء هذا النبع ونقاء ذلك المعين للأخذ منه والاجتهاد فيه، فإن أصبنا فلنا أجران وإن أخطأنا فقد كرمنا الله بأجر المجتهد وعلى الله التوكل وله الأمر من قبل ومن بعد.

أهمية المقاصد الشرعية وأهدافها

لقد اجتهد العلماء في حل كل المسائل والمشاكل منذ عهد الإسلام الأول وحتى يومنا هذا مستدلين بالنص والدليل، ثم كانت قواعد منضبطة لأصول الفقه، ولكن تطور الحياة وتعقيدها، ومستحدثات الأمور ومستجداتها جعلت علم المقاصد بابًا يلج فيه الفقه حتى لا يقف حائرًا أمام أحكام لم يجد لها دليلًا قاطعًا، فكان العقل المقاصدي الذي حوَّل المسلم من حالة التقليد والتلقين إلى حالة الاجتهاد والتفكير، عقل نبراسه القرآن الكريم، والسنة الشريفة، وهو مبني على التفكير العلمي الصحيح موافقًا الفطرة الإنسانية السليمة، مستندًا إلى الدليل، مستفيدًا من وقائع الحياة والتاريخ.

إن توقف الاجتهاد فترة من الزمن أوقف الكثير من الدعاة مترددين حائرين أمام مستحدثات الأمور، أو جعلهم يقرّون أحكامًا قررها علماء سابقون في زمن سابق ومكان مختلف، مما جعل الجميع يشعر بقصور في أحكام هذه الشريعة، وهذا القصور ناتج عن قصور الرجال الذين تجمدت عقولهم عن التفكير في مقاصد هذه الشريعة السمحة ولم يعلموا بأن الاجتهاد في زمان معين ومكان معين، ليس بالضرورة أن يكون هو نفسه في زمان ومكان آخرين، فكيف يكون لنا أن نتعامل مع كل هذه المتغيرات بنفس الوسائل القديمة العاجزة عن الوصول إلى الحقائق، إن هذا جعلنا نشعر بالقصور والتخلف، والوقوف موقف المنهزم أمام غطرسة الحضارة المادية، والتكنولوجيا العصرية، ولعل هذا من أكبر المشاكل التي نعاني منها هذه الأيام.

ومن هنا نلحظ دور العقل المقاصدي الذي يستطيع فهم هذه الشريعة ومقاصدها، وأهميتها لمواكبة كل حديث ومتطور، وهذا يدعم ويؤكد صلاحية هذه الشريعة واستمرارها. إن توقف الاجتهاد يحتاج إلى إعادة النظر أكثر من أي وقت مضى خاصة في عصرنا الحاضر، عصر التقنيات الحديثة المتطورة، والمعطيات العلمية التي وفرت للباحثين والمجتهدين الكثير من الجهد والوقت والتفكير مما يمهد لهم الطريق في الاستنتاج والاجتهاد مستفيدًا من علم أصول الفقه وقواعده التي هي اجتهادات سابقة، لكنها تحولت هذه الأيام مع توقف الاجتهاد إلى فلسفات مجردة عقيمة عن توليد أحكام شرعية مسايرة لهذا التطور المعاصر، والحداثة المخيفة.([1])

إن التطور الحاصل وبقوة في كافة مناحي الحياة أدى التي تغير كثير من أحوال المسلمين وواقعهم، كما أنه استحدث جديدًا لم يكن موجودًا ولا معروفًا كل أولئك إنما يتطلب فقهًا جديدًا حاكمًا لهذه الأمور لشرعنتها من عدمه على أن يكون مستمدًا من المنابع الصافية للشريعة الإسلامية الغراء ملتزمًا مقاصدها الكلية، فقهًا يقوم على تحقيق المصالح المنضبطة على أصول الشرع وهادفة إلى حفظ الكليات فتتحول إلى مقاصد عامة تحقق الشريعة وحكم الله في الأرض والخلق والدنيا والدين.

وإذا قال قائل بكفاية تراثنا قلنا إن حاجتنا إلى الفقه المعاصر وفقه النوازل وفقه الواقع لا يعني رمي التراث الفقهي بالقصور، فلكل حدث حديث ولكل زمن واقعة، فقد استحدثت أمور في الحياة مثل الصلاة في وسائل النقل كالطائرات، أو الصوم عند وجود المسلم في بلاد لا ليل فيها أو لا نهار لها، فماذا هو فاعل في الصوم، وكيف يخرج الزكاة في بلد على غير ملة الإسلام ودواليك مما كشف عنه واقع الحال وتغير الأزمان، أمور تغيرت فغيرت من بيئة ممارسة العبادة وأصبحت في حاجة إلى ضبط يتفق مع أصول الشرع ويحقق مقصد حفظ الدين أما في مجالات الحياة فقد وجدت أمور لم نكن نعرفها، كسرقة برامج الكمبيوتر وسرقة حقوق التأليف ووجدت أيضًا مسائل مثل الحمل خارج رحم الأم، والاحتفاظ بمني الرجل مجمدًا بعد موته، ونقل الأعضاء والدم، ومعاملات البنوك، وأمور تتعلق بإدارة الدولة وعلاقتها بالدول والمنظمات الأخرى، كل هذه المستجدات تتطلب بناء عقل شرعي يستوعب مقاصد الدين ويهدف إلى تحقيقها.

إن مواكبة الشريعة الإسلامية لحاضرنا وإزالة عثرات الحياة التي قيدت الأمة الإسلامية وكبلتها بأغلال التبعية لا علاج لها بغير الأخذ بفقه المقاصد الذي يوازن بين الدين والدنيا فلا يهدر أصل الدين ولا يقتِر على الناس ويضيق عليهم فيما وسع الله لهم فيه.

وإن التمسك بفقه زالت علته، وأحكاما تبددت مقاصدها لن ينتج عنه إلا مزيدًا من الجمود والقصور للعقل البشري لا للشريعة الغراء الصالحة لكل زمان ومكان.

وعلى ذلك إذا كان العلماء قد تكلموا في أهمية علم المقاصد في عصور سلفت، وأزمنة مضت فإن الحاجة إلى هذا العلم في حاضرنا ومستقبلنا أصبحت ضرورة حالة وأهمية قصوى بدونها سيتخلف المسلمون، وسترمى الشريعة بالباطل بالجمود وتتهم بالقصور، ولا عيب فيها وإنما العيب فينا.

وإلى جانب ما تقدم فإن للمقاصد أهمية قصوى ليس لأهل الفقه فقط، وإنما للمسلم العادي وكذلك بالنسبة للمتخصص المجتهد، كما لها أهميتها البالغة لعلم الفقه والدعوة في ذاتها على النحو التالي:

أولا ـ أهمية وفوائد المقاصد بالنسبة للمسلم العادي

تكمن أهمية علم المقاصد فىي الكشف عن حكمة الحكم الشرعي والمسلم حين يدرك حكمة الحكم، فإنه يزداد يقينًا على يقين ويكون تسليمه به إلى جانب كونه تسليمًا بإردة الخالق وإطاعة لأهل العلم والدين، ومن قبيل حسن الخلق، فإنه يتحول إلى تسليم بالعقل والمنطق فيقوى إيمانه وتزول عنه سحائب الشك، وإن صغرت.

رغم أن بعض العلماء رأى غير ذلك بالنسبة للمسلم العامي، غير المتخصص، وأن عليه أن يتلقى الحكم الشرعي ليعمل به لا أن يناقشه فيقول ابن([2]) عاشور، رحمة الله عليه “ليس كل مكلف بحاجة إلى معرفة مقاصد الشريعة؛ لأن معرفـة مقاصد الشريعة نوع دقيق من أنواع العلم، فحق العامي أن يتلقى الشريعة بدون معرفة المقصد، لأنه لا يحسن ضبطه ولا تنزيله، ثم يتوسع الناس في تعرفهم المقاصـد بمقـدار ازدياد حظهم من العلوم الشرعية، لئلا يضعوا ما يلقنون من المقاصد في غير موضـعه فيعود بعكس المراد”

ومن العلماء من رأى عكس ذلك، يقول الإمام الغزالي، رحمة الله عليه: “معرفة باعث الشرع ومصلحة الحكمة اسـتمالةٌ للقلوب إلى الطمأنينة والقبول بالطبع والمسارعة إلى التصديق، فإن النفوس إلى قبول الأحكام المعقولة الجارية على ذوق المصالح أميل منها إلى قهـر التحكم ومرارة التعبد، ولمثل هذا الغرض استحب الوعظ وذكر محاسـن الشريعة ولطائف معانيها وكون المصلحة مطابقةً للنص، وعلى قدر حذقه يزيدها حسناً وتأكيداً”([3]).

والحق أن المقصود بمعرفة المسلم العادى للحكمة أو المقصد الشرعي ليس معناه ترك استخلاصه له ولا لمحض اجتهاده، فهو غير مؤهل لذلك وإنما المقصود أنه يتلقاه عن أرباب الفقه وأهل العلم فيقوى به إيمانه وتثبت به عقيدته ويتمسك بالالتزام بالحكم والنزول على مقتضاه.

كما أنه في عصرنا الحاضر الذي أصبح العقل أساس الحياة، وأصبح الفكر يغزو البشر قبل غزو الجيوش، يكون من الحكمة تفقيه المسلم العادي وإعلامه بمقصد الشرع ومبتغاه فلايقع فريسة لغزو فكري ولا تحت تأثير شكوك وسهام مسمومة اعتدنا مؤخرًا أن نتلقاها ممن يهاجمون أحكام الشرع وهم كُثر اليوم وبين ظهرنينا فحاجة المسلم لمعرفة المقصد الشرعي هي مصلحة دنيوية ودينية تصب في نصرة الدين والاستقامة في الحياة على وجه سليم دون تحايل على الحكم الشرعي أو العبث به.

ثانيا ـ أهمية وفوائد المقاصد للمسلم الفقيه المجتهد

إن مقاصد الشريعة في الحقيقة مهمة جدًا للمجتهد والفقيه؛ لأنها ليست مجرد متعة معرفية، وليست مجرد تعمق في المعاني والمرامي، بل إن لها أثرًا عمليًا، وفائدة في الواقع.

فيقول ابن القيم رحمه الله: “ولله سبحانه في كل صنع من صنائعه وأمر من شرائعه حكمة باهرة، وآية ظاهرة، تدل على وحدانيته. وحكمته لا تنكرها إلا العقول السخيفة، ولا تنبو عنها إلا الفطر المنكوسة” وقال الشاطبي رحمه الله: “المقاصد أرواح الأعمال، فأهمية علم المقاصد بالنسبة للمجتهد تكمن في:

  • أولًاـ تنمية ملكة الاجتهاد.
  • ثانيا: أنه يساعد على التطبيق الصحيح للأحكام في الواقع.
  • ثالثا: مقاصد الشريعة تفيد المجتهد في قضية الترجيح على ضوء المقاصد عند تعارض الأدلة تعارضًا في الظاهر؛ لأنه في الباطن لا يوجد تعارض قال تعالى: ” وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) “النساء: 82).
  • رابعا: معرفة الفتوى في النوازل بما يتفق مع مقاصد الشريعة، وأحكامها الأساسية، وهي قضية ضبط الفتوى، حتى لاتكون الفتوى غريبة شاذة، فبعض الفقهاء يصدرون فتاوى عجيبة غريبة، ومن أسباب إصدارهم لهذه الفتاوى: أنهم لا يفهمون مقاصد الشارع.
  • خامسا: من إفادة علم مقاصد الشرع للمجتهد: تحقيق التوازن والاعتدال في الأحكام وعدم الاضطراب، فإن الأصل في الأحكام أن لا تكون مضطربة، والشرع لا يفرق بين المتماثلات، ولا يجمع بين المختلفات.

فمقاصد الشريعة تؤدي إلى المحافظة على هذا الانضباط، ومقاصد الشريعة تحمي من الظاهرية المفرطة والغلو فيها، وبين الإفراط في المعاني لدرجة ترك النص والانصراف عنه وإهمال النص، بل ومخالفة النص.

سادسًا: بمعرفة المقاصد تتم الموازنة بين المصالح والمفاسد، وتقديم الأهم، ومعرفة خير الخيرين وشر الشرين. كما يقال: ليس العاقل الذي يعلم الخير من الشر وإنما العاقل الذي يعلم خير الخيرين”.([4])

ثالثا ـ أهمية المقاصد بالنسبة لعلم الفقه في ذاته

وتكمن أهمية علم المقاصد في الفوائد التي تتحقق من ورائه، وقد حصرها البعض([5]) في:

  1.  تقييم المسار العام للفقه وأصوله وفاعليته.
  2. تعيين حدود الفقه وصلاحياته.
  3. رفع التعارض في مجال التشريع والتنفيذ الفقهيين.
  4. تقييم السند من خلال تقييم المتن.
  5. التوافر على نظم وقواعد فقهية.
  6. تصنيف الأحكام والمسائل الشرعية في مجاميع منتظمة متماسكة.
  7. تنظيم العقل وطريقة التفكير.
  8. في القضاء والإفتاء والاجتهاد، خاصة في المسائل التي ليس فيها نص في إطار الأصول الشرعية، وعلى حفظ الدين والعقل والنفس والعرض والمال.