هل تعرفون مربيًا عالج التربية إما لأبنائه أو طلابه أو عامة الناس يرى أن التربية سهلة وميسورة، ولو أن احدًا زعم ذلك لثار في وجهه معظمنا.
إن التربية علم مستقل بل ويتشعب إلى علوم شتى، فهو بئر بعيد القعر وصحراء مترامية الأطراف، وما كُتب في التربية من الكتابات لا حصر لها، ولكن ماذا يفعل المربي في وسط هذا البحر الهائج من الكتب والكتابات والنظريات.
إن أفضل طريقة تيسِّر للمربي عمله هو السير في طريق معبد، وتجربة ناجحة وهذا يحصل له الاغتراف والنهل من أصفى معين للتربية، حيث التوجيهات الصائبة، والتطبيق العلمي، والقدوة المعصومة، كل ذلك وأكثر في كنز من أعظم الكنوز التي بين أيدينا ألا وهو السيرة النبوية المحمدية.
المربي والسيرة النبوية
إن السيرة النبوية معين لا ينضب وشعلة لا تنطفئ في مختلف مجالات الحياة، بما فيها التربية حيث يجد المربي التربية بالقدوة الحسنة فالنبي ﷺ كان قدوة في أقواله وأفعاله وأخلاقه، وكذلك الشمولية فقد تناولت السيرة النبوية جميع جوانب الحياة: العقائدية، الاجتماعية، الأخلاقية، والسياسية، وجمعت بين العبادات والأخلاق، وبين الحقوق والواجبات، وبين الروح والجسد، ونجاح الدنيا وفلاح الآخرة، وفيها أيضا التربية بالتدرج في بناء النفوس وفي الإصلاح، وتتضمن التربية بالرحمة واللين والحب والثقة، كما أنها تربية عملية تطبيقية واقعية، وتجمع بين التربية الفردية والجماعية مع مراعاة الفروق الفردية.
أما في الأساليب فتشمل التربية بالحوار والإقناع فالنبي ﷺ يحرص على مخاطبة العقول وإقناعها بالحجة والبرهان وكذلك التربية بالمواقف المؤثرة، ومن روائع التربية بالسيرة النبوية أنها تربط القلوب بالله دائمًا، وتغرس الإيمان بطريقة تُجدّد العلاقة مع الله سبحانه وتعالى.
فإذا أراد المربي أن ينهل من معين السيرة النبوية، عليه أن يدرك أنها ليست مجرد قصص تُسرد، بل هي دروسٌ حية تتجسد في كل فعلٍ وكل قولٍ للنبي ﷺ.
بناء النفوس
من خلال هذه السيرة، يجد المربي المنهج الأمثل لبناء النفوس، وزرع القيم، وصياغة الشخصية المسلمة المتوازنة. فبإتباعه لنهج النبي ﷺ في الرحمة واللين، وفي التدرج في التربية، وفي التعامل مع المواقف المؤثرة، يضمن المربي أن تكون تربيته قائمة على أسس راسخة من الإيمان والصدق. وإذا كانت السيرة تربط القلوب بالله وتغرس الإيمان، فهي بالتالي أفضل ما يمكن أن يتسلح به المربي في مهمته السامية، ليحقق تربية صادقةً تثمر في النفوس وتُعِدُّ الأجيال الصالحة.
وختامًا فإن المربي المشغول قد يجد صعوبة في تخصيص وقت طويل لدراسة السيرة النبوية بشكل مفصل، ولكن هناك عدة طرق يمكنه من خلالها الاطلاع على السيرة بيسر وسلاسة دون أن يؤثر ذلك على جدول أعماله المزدحم. إليك بعض الطرق التي قد تكون مفيدة كالاستماع إلى محاضرات صوتية، أو استخدام تطبيقات الهاتف المحمول، أو قراءة ملخصات السيرة النبوية أو الكتب التي تعرض أحداث السيرة بأسلوب مبسط وسريع.
مثل هذه الكتب تتيح للمربي الحصول على فائدة كبيرة دون استغراق وقت طويل، وإذا أحب المربي خلاصة ذلك فعليه بكتاب مهم هو: كيف عاملهم ﷺ؟ للشيخ: محمد بن صالح المنجد حفظه الله، وإن كانت همتك أعلى فعليك بكتاب: اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون ﷺ، للشيخ: موسي راشد العازمي، والكتاب كذلك متوفر صوتيًا.
سالم محمد أحمد5>