في مقطع فيديو جديد نشرته مؤسسة “الفرقان” التابعة لتنظيم “داعش”؛ خرج من وُصف بأنه أميرهم “أبوبكر البغدادي” بخطاب مدته حوالي ١٨ دقيقة حسب وكالات الأنباء. وبغض النظر عن مدى صحة المقطع، ولا حقيقة صاحب الخطاب، ولا من وراء هذا التنظيم، ولا مدى علاقته بأجهزة استخبارات دولية، ولا من المستفيد من تصريحاته وأعماله، إلا أن ما يستوقفنا فيما نشر من الخطاب قوله “إن الهجمات التي تعرضت لها كنائس في سريلانكا أثناء احتفالات عيد الفصح نُفذت في إطار عمليات انتقامية ردا على خسارة التنظيم مدينة الباغوز السورية”. فحق لنا أن نتساءل بأي ذنب قُتل رواد الكنائس؟!! وبأي شريعة أحل دمهم؟!!
إن من حمية أهل الجاهلية الثأر بقتل غير القاتل والتكايل بالدم بأن يكال دم فرد بدماء كثيرة، “وقد بلغ بهم تطرفهم في ذلك إلى وشك الفناء لو طال ذلك فلم يتداركهم الله فيه بنعمة الإسلام”، كما يقول الإمام ابن عاشور، أما في الإسلام فالمبدأ هو قوله تعالى ((وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)) [البقرة:190].
وقد جاءت السنة النبوية لتؤكد هذا المبدأ وتفصله، فهذا رسول الإسلام عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام كان إذا بعث جيوشه أوصاهم: ((انطلقوا باسم الله وبالله، وعلى ملة رسول الله، ولا تقتلوا شيخاً فانياً، ولا طفلاً، ولا صغيراً، ولا امرأة، ولا تغلُّوا، وضموا غنائمكم، وأصلحوا، وأحسنوا إن الله يحب المحسنين)) [رواه أبو داود]، وفي رواية أحمد قال: ((لا تغدروا، ولا تغلوا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا الولدان، ولا أصحاب الصوامع)).
وبهذا المبدأ التزم الخلفاء الراشدون والأمراء الصالحون؛ فهذا الخليفة الراشد أبو بكر الصديق رضي الله عنه يوصي أمير جيشه إلى الشام يزيد بن أبي سفيان – رضي الله عنه – فيقول “لا تقتلوا صبيا، ولا امرأة ولا شيخا كبيرا، ولا مريضا، ولا راهبا، ولا تقطعوا مثمرا، ولا تخربوا عامرا، ولا تذبحوا بعيرا ولا بقرة إلا لمأكل، ولا تغرقوا نحلا ولا تحرقوه” [السنن الكبرى، كتاب السير، باب ترك قتل من لا قتال فيه من الرهبان والكبير وغيرهما].
وما ينافي هذا المبدأ ليس من الإسلام في شيء، بل هو انتكاسة إلى الجاهلية الأولى، وهو عدوان بنص القرآن والسنة وهدي الخلفاء الراشدين المهديين.
فبالله عليكم أي شريعة يتبع أتباع الخليفة المزعوم أبي بكر البغدادي؟!! وبأي هدي يقتدون؟!!