يعود دخول لإسلام لمنطقة شرق إفريقيا لنهاية القرن الثامن الهجري بعد اعتناق مجموعات البونتو للإسلام في هذه الرقعة من إفريقيا انطلاقا من السواحل الصومالية.
دخل الإسلام أولا جزر القمر في نفس القرن ثم امتد شعائه ليدخل منطقة مدغشقر عن طريق التجار العرب الذين أسسوا المستودعات التجارية هناك. إلا أن حركة التجار العرب و إقبالهم على المنطقة تسارع في الفترة ما بين القرنين التاسع ميلادي و الثاني عشر ميلادي. إلا أن نفوذ المسلمين الديني بدأ يأخذ زخمه في القرن الثامن عشر ميلادي بعد إقامة المسلمين لعلاقات تجارية مع مملكتي ساكالافا و آنتاناكارانا.
و تُجسد اليوم بعض مناطق البلاد شواهد الحضور الإسلامي بهذه المنطقة من خلال المقابر و المخطوطات الإسلامية و العربية المتواجدة بشكل أخص بمنطقة كينغاني.
و قد حاول البرتغاليون محو آثار الحضور الإسلامي بالبلاد من خلال طمس بعض المعالم و إحراق المستودعات التجارية للمسلمين في القرن السادس عشر ميلادي،
و كانت قوة الدفع الثاني للتواجد الإسلامي في الهجرة القوية من الجزيرة العربية في الفترة ما بين القرنيين الثاني عشر و السابع عشر، و قد خلفت تركة ثقافية كبيرة في مناطق فوهيبونو مانكارا فارافانغانا. أما الموجة الثالثة فقد تزامنت مع فترة دخول الاستعمار للمنطقة حيث تركز عمل المسلمين في شمال البلاد بسبب الجهود الجبارة للقمريين و الجيبوتيين و اليمنيين.
لمسلمي البلاد اليوم رابطة تسمي رابطة مسلمي مدغشقر تأسست سنة 1962 و حازت الترخيص الرسمي سنة 1974، و تسعي لنشر الإسلام المعتدل بطريقة تحترم المكونات الدينية الأخرى.
و رغم تمسكهم بقيم التسامح و الاعتدال يواجه المسلمون منذ سنوات إلي اليوم موجة من الكراهية بعد إعلان أجهزة المخابرات في مدغشقر عن وجود عبد الله محمد فاضل احد الأدمغة المدبرة لتفجيرات نيروبي في كينيا سنة 2008 بمدغشقر و تعيين وزير مسلم في حكومة الرئيس السابق ديدي راتسيراكا سنة 2000، حيث باتت المنظمات و الكنائس الكاثوليكية تغذي حملة مسعودة لشيطنة المسلمين و للنيل منهم.
و مما يغيظ المعادون للمسلمين أكثر الحضور السياسي للمسلمين حيث سبق و أن شكلوا حوالي 30 نائبا من أصل 137 نائب في الجمعية الوطنية أي ما يمثل حوالي 22% من ممثلي الشعب في احد البرلمانات السابقة ، و هو ما يعتبره خصومهم تغلغلا كبير في دوائر التمثيل السياسي ، و أن هذا التمثيل يفوق حجم المسلمين من سكان البلاد.
و قد شهد الإقبال على الإسلام في الآونة الأخيرة تدفقا كبيرا، حيث تشير التقارير الرسمية إلي أن أعداد المسلمين بمدغشقر انتقل من 1.1% ليصل قبل عقدين ليصل 15% من تعداد السكان البالغ عددهم 25 مليون نسمة سنة 2010.
و شهدت مناطق مانكارا و فوهيبينو إقبالا كبيرا على الإسلام في السنوات الأخيرة، و قد عبر العديد من كرادلة البلاد عن استيائهم من المد الإسلامي بالجزيرة، و حذر السقف دزيري تزاراهازانا، الذي يرأس المجلس الكنسي الذي أنشأه البابا فرانسيس من التزايد المذهل للإسلام في البلد، واصفا ما يجري بحملة “غزو” تتعرض لها البلاد،و ذلك أثناء مقابلة له مع صحيفة كنسية.
و ابدي الأسقف انزعاجه من انتشار الحجاب و كثرة بناء المساجد بمدغشقر، و يسعي المسلمون لإعطاء نموذج جيد للتعايش مع المخالفين عقديا رغم موجات الشيطنة التي توجه لهم.
و يحرصون على خدمة المجتمع بغض النظر عن انتماء الشرائح المستهدفة بالعمل الخيري و الخدمي، و ذلك في محاولة لإعطاء الوجه الحقيقي للإسلام
و يدفع المسلمون عن أنفسهم تهم التطرف و الإرهاب في المنابر الإعلامية المحلية، و قد وصلت مظاهر التضييق على المسلمين قيام السلطات بإغلاق 16 مدرسة قرآنية بالبلاد، متعللة بأنها لا تدرس المناهج الحديثة المعتمدة بالبلاد. و هي خطوة اعتبرها المسلمون محاولة من السلطات لثني الناس عن الإسلام و التخويف منه.