لقد وقع الإسلام بقلب جيمي فليتشر، الأمريكي ذي الأصول الكولومبية، في لحظة غير متوقعة من حياته، يقول جيمي – والذي كان أحد أفراد العصابات في الماضي، يقضي وقته في السُّكر، ومطاردة النساء، وقيادة السيارات بسرعة جنونية – في حواره مع شبكة Public Radio International (PRI): في إحدى الليالي كنت أجلس مع أحد أصدقائي الذين تربيت معهم خارج هذا المنزل بعد قضائنا وقتًا في الشرب والجلوس بأحد النوادي، فنظر إلى الشراب الذي في يديه وقال: “لا أصدق أني ما زلت أفعل هذا”، فقلت له: “لماذا؟” فقال: “لا أصدق أني ما أزلت أفعل هذا بعد زيارتي لمكة!” فسألته: ما مكة؟، فقال: “إنها المكان الذي يوجد به بيت الله تعالى، وقد كان ذلك غريبًا على مسامعي، وقال بعد ذلك: إن الإسلام دين الله الحقيقي، فقلت له: “الجميع يقولون: إن دِينهم دين الحقيقة”.
لقد كانت هذه المُحادَثة بين فليتشر وصديقه بمثابة الشرارة التي شجعته على البحث عن الدين الحقيقي، ومثل كثير من اللاتينيين؛ فقد نشأ فليتشر وتربَّى بين أسرة نصرانية كاثوليكية، ولكنه أكَّد أن والديه حثَّاه على البحث عن الحقيقة التي يراها، وفي رحلة بحثه طلبًا للحقيقة درس النصرانية واليهودية والطاوية والبوذية، حتى وصَل إلى أن الإسلام دين الله تعالى الحق، وكان ذلك الوقت الذي قرر حينه الرجوع إلى الإسلام حاملاً اسم “مجاهد فليتشر” متخلِّصًا من واحد من مساوئ الكاثوليكية، وهو: الاعتراف أمام القس، يقول فليتشر: “يمنح الإسلام معنًى واضحًا لطلب المغفرة أو التوبة من الله تعالى مباشرة دون أية وسائط”.
وبالنسبة لكاثرين إيونج، أستاذة الأديان بجامعة كولومبيا، فإن هذا السبب ذاته قد ذكَره العديد ممن عادوا إلى الإسلام، فيوجد محبطات بهيكل الكنيسة الكاثوليكية، ومن بينها نظام الكهنوت الهرمي التسلسل؛ ولذلك يقول عدد من النصارى الكاثوليك: إنهم يصابون بالملل من القُدَّاسات، والتي تبدو منقطعة الصلة عن احتياجاتهم اليومية”.
وتعليقًا على هذا تقول إيونج: إن الإسلام والبروتستانتية يملأان ذلك الفراغ لدى الكثير من النصارى الكاثوليك.
لقد انجذب الكثير من اللاتينيين تجاه الإسلام في أعقاب هجمات 11/9للتعرُّف على المزيد مما يتعلق بالإسلام، وفي هذا تقول إيونج: “ربما يكونون قد رأوه منظمة إرهابية وأرادوا التعرُّف على سبب أن يُصبِح المسلمون إرهابيين، فبدؤوا بالبحث عبر الإنترنت، أو قراءة القرآن للتعرُّف على إذا ما كان الإسلام يدعم العنف فعليًّا أم لا، ولكن العديد وجدوا أن الإسلام دين سلام، وأنه مألوف لديهم أكثر مما كانوا يتوقعون، وكذلك تعرفوا على جمال تعاليمه وتقاليده كلما تعمَّقوا فيه أكثر.
تنامي المجتمع الإسلامي اللاتيني:
وبعد اعتناقه الإسلام أراد فليتشر أن يَعتنِق اللاتينيُّون الإسلام أيضًا؛ ولذلك أنشأ شركة أسماها: “الإسلام بالإسبانية”، والتي بدأ خلالها ترجمة الآيات، وتسجيل بعض المقاطع الصوتية، وقام بالتعاون مع والده الذي اعتنق الإسلام أيضًا بتسجيل أكثر من 500 قرص مُدمج، و200 عرض تلفزيوني يُمكِن الوصول إليها، تتناول الإسلام.
يقول: “الهدف النهائي لشركة الإسلام بالإسبانية هو: تعريف اللاتينيِّين بالإسلام حول العالم”.
وفي الوقت الراهن، يَحضُر فليتشر دروس مركز مريك الإسلامي في شوجر لاند، إحدى الضَّواحي الثرية بهيوستن، ويُشبه المسجد الكبير المساجد التي يُمكِن أن تراها بالشرق الأوسط، أو تركيا؛ فهو مَبنًى جذَّاب مُرتفِع بمداخل مقوَّسة الشكل، وبأعمدة وبمِئْذنتين.
ويشير فليتشر إلى أن المسلمين اللاتينيين يَنتشِرون في مناطق صغيرة داخل المدن الكبيرة مثل هيوستن.
فعلى بُعد ثلاثين دقيقة من المسجد الذي يرتاده فليتشر، يوجد دنيال عبدالله هيرنانديز، أمريكي بورتوريكي، نشأ كاثوليكيًّا وأصبَحَ الآن إمامًا بأحد مساجد مدينة بيرلاند، ويؤكِّد هرنانديز والذي كان أحد أفراد العصابات سابقًا، أن الإسلام ساعد في تحويلِه إلى زوج وأب يتحمَّل المسؤولية؛ يقول: “في البداية يَعتقِد الأفراد أنه مرحلة، ولكن والدتي بعد عامين من اعتناقي الإسلام، أصبحَتْ مسلمة”، وأعقب ذلك اعتناقُ والده وأخيه للإسلام أيضًا، وزارت الأسرة معًا مصر لدراسة الإسلام في رحلة أزالت أي شكوك تتعلق بكونهم مسلمين لاتينيِّين.
يقول: “ظننتُ أنا وأسرتي أننا سنكون وحدنا أيام العطلات، وذلك العام الأول كنا نجلس خلاله مع الإسبان نكسر الخبز ونتناول الطعام، وكنا جميعًا مُندهشِين من حالتنا”.
من الصعب تقدير عدد اللاتينيين الذين اعتنقوا الإسلام من المقيمين بالولايات المتحدة، ولكن تَعتقِد إيونج أن الأرقام تشير إلى وجود ما بين 50 ألفًا و100 ألف، وقد رصد مسح مساجد الولايات المتحدة لعام 2011، والذي أجرى لقاءات مع قادة 524 مسجدًا عبر الدولة، أن عدد النساء اللاتي اعتنقن الإسلام حديثًا زاد بنسبة 8 بالمائة مقارنة بعام 2000، وشكَّل اللاتينيون 12 بالمائة من مجموع المسلمين الجدد بالولايات المتحدة عام 2011.