تلعب الاستثمارات الخارجية دورا هاما في السياسات التنموية للعديد من الدول الإفريقية حيث ترتكز معظم هذه الدول على المساعدات والقروض الخارجية، وتتدخل المؤسسات المالية الدولية من خلال قروض تستهدف المشاريع التنموية في إفريقيا.
يشير تقرير الاستثمار الدولي World Investment Report 2018 إلى أن قيمة الاستثمارات الخارجية إلى إفريقيا وصلت سنة 2017 إلى 42 مليار دولار. وتتربع كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا و فرنسا والصين على لائحة الدول الأكثر استثمارات في إفريقيا وذالك بقيمة استثمار على التوالي : 57 مليار دولار ، 55 مليار دولار ،49 مليار دولار ، 40 مليار دولار(احصائيات 2016).
هذه الاستثمارات استطاعت بعض الدول تحويلها إلى عنصر إيجابي في تنميتها من خلال التسيير الجيد والمتقن للمشاريع المستهدفة بهذه الاستثمارات وكذالك من خلال تطوير الوسائل الرقابية على أداء هذه المشاريع وهذه الدول قليلة جدا، غالبية الدول الافريقية تعاني من سوء تسيير الاستثمارات الخارجية التى تحصل عليها بسبب انتشار الفساد وسوء التسيير وضعف البنية الإدارية و غياب الوسائل الرقابية.
وقد تسببت هذه الوضعية فى زيادة مديونية هذه الدول وضعف أداء مؤشراتها الاقتصادية كمؤشر التعليم، والصحة، البطالة، وغيرها.
من خلال هذه المقالة سنسلط الضوء على الاستثمارات الخارجية في إفريقيا وما تواجه من تحديات تعيق الاستفادة من هذه الاستثمارات.
غياب الرؤية التنموية
حسب التقارير التقييمية التى تشرف عليها الهيئات التابعة للجهات المانحة فإن أغلب المشاريع التى يتم تمويلها في إفريقيا لا يتم إنهائها في الوقت المطلوب، ولا بالمعايير المطلوبة.
إلا أن الأزمة الحقيقية التى تعاني منها هذه الدول في ما يتعلق بالاستثمارات الخارجية هي غياب الرؤية ، فقد تسببت فوضوية المشاريع وعدم اتخاذ الأولوية في تنفيذها وغياب الرقابة عليها إلى ضعف استفادة هذه الدول من الاستثمارات الخارجية. فالاستثمارات الخارجية لها دور أساسي في عملية التنمية الاقتصادية وتحقيق الرفاهية شرط أن تكون هناك رؤية حقيقية واضحة المعالم وقابلة للتنفيذ ، رؤية في التعليم ، والصناعة ، والصحة و غيرها من المجالات التى تحتاج هذه الاستثمارات والتى يؤدي تحسينها وتطويرها إلى نهوض الدولة وتطورها وينعكس ذالك بشكل كبير على حياة الناس و على مكانة الدولة إقليميا ودوليا.
غياب الرؤية لدى الدول الإفريقية دفع مؤسسات الاستثمار الدولية إلى العمل على إعداد برامج تنموية تستهدف هذه الدول وتشمل هذه البرامج قطاعات التعليم ، الصحة ، الزراعة ، وغيرها من القطاعات التى تلامس حياة الناس وقد ساهم في نجاح هذه البرامج الدور الرقابي الذي تقوم به هذه المؤسسات على مشاريعها في إفريقيا.
الإصلاح الاقتصادي
يعتبر الاصلاح الاقتصادي أهم ركائز جذب الاستثمارات الخارجية ، هذا الإصلاح يعرف غيابا واضحا في العديد من الدول الإفريقية ويمنعها من الاستفادة من الاستثمارات الخارجية والقروض الأجنبية.
غياب الإصلاح الإداري وسن قوانين تنظيم السوق ومراقبة المشاريع و تطوير قوانين الاستثمار يؤدي كل ذلك إلى ضعف إمكانية الاستفادة من الاستثمارات الخارجية وتوجيهها توجيها صحيحا في مشاريع تخدم المجتمع وتحسن من وضعيته.
بعض الدول الإفريقية استطاعت من خلال تجربة تراكمية بناء منظومة متماسكة واقتصادية قوية ساعدها ذالك في تحقيق انجازات هامة على مستوى اقتصادها و اسقرارها. ويقول خبراء التنمية التابعين للأمم المتحدة أن أهم تحديات تواجها إفريقيا في مجال التنمية هو الاستقرار والاصلاح الاقتصادي وتركيز الدول على مواجهة هذه التحديات يشكل مفتاح النجاح لها في المستقبل.
تطوير البنية التحتية وبيئة الاستثمار
في أي اقتصاد تعلب البنية التحتية دورا أساسيا في عملية التنمية الاقتصادية وذالك بما تساهم به من تسهيل في عملية نقل الناس والبضائع وربط مختلف مناطق البلاد بالطرق والقطارات إضافة إلى المونيء والمطارات، وتشير احصائيات البنك الدولي حول سياسات الاستثمار في إفريقيا إلى أن الدول الافريقية التى تمتلك بنية تحتية قوية تمتلك فرصا أكثر في الحصول على الاستثمارات الخارجية مقارنة بالدول التى تمتلك بنية تحية هشة أو ضعيفة، حيث أن معايير منح الاستثمارات تأخذ في الإعتبار مستوى البنية التحية في البلد المستهدف بهذه الاستثمارات.
لذالك فإن خبراء التنمية ينصحون الدول الإفريقية بالتركيز على تطوير بنيتها التحية حيث أن ذالك يجعلها أكثر جذبا للاستثمارات الخارجية ويمنحها فرصة للاستفادة من هذه الاستثمارات. إضافة إلى تطوير البنية التحتية ودوره في قدرة الدولة على جذب الاستثمارات هناك أيضا ضرورة قصوى لتطوير وتنمية بيئة الاستثمار حيث أن العمل على تطوير العمل الإداري وتحسين كفائته وسرعته يسهم بشكل كبير في جذب المستثمرين ومنحهم بيئة ملائمة لنشاطاتهم التجارية.
إفريقيا القارة الفتية ذات الأرض الغنية، تعتبر وجهة للاستثمارات الخارجية من مختلف المؤسسات المانحة والدول الصناعية حيث تسعى هذه الدول والمؤسسات إلى الاستفادة من ثروات هذه القارة وهي ثروات لا يمكن للدول الإفريقية الاستفادة منها نتيجة إنعدام الوسائل اللوجستية والمادية وغياب الخبرة العلمية وإرتفاع تكلفة الانتاج ، تستقطب هذه الدولة قروضا ضخمة تصل مليارات الدولارات إلى أن الاستفادة من ريع هذه الاستثمارات يبقى ضعيفا جدا في غالبية الدول الإفريقية والسبب حسب خبراء التنمية هو إنتشار الفساء وغياب الرقابة وفوق ذالك كله غياب الرؤية الطموحة للتنمية والإرادة القوية في الإصلاح .