أوضح الباحث عصام جمعة، المتخصص في شئون الأسرة، أن من أهم المفاهيم التي يجب ترسيخها لدي الشباب عن الزواج والأسرة، هي أن الزواج مسؤولية وتضحية وقبول للاختلاف والرأي الآخر، وأن هذه المفاهيم ترتب حقوقًا وواجبات على كل طرف نحو الآخر.
ورصد عصام جمعة، في حواره مع “إسلام أون لاين“، عدة تحديات تواجه الأسرة، مثل إدمان استخدام الأجهزة الإلكترونية، بحيث لا يحدد الأبناء الوقت الذي يستخدمون فيه هذه الأجهزة.. محذرًا من أن ذلك يصيب الشباب أو الأطفال بالتوحد والتشتت والميل إلى العزلة، وكلها تحديات صعبة ومؤثرة على شخصية الشباب في المستقبل.. فإلى الحوار:
الأسرة لها أهمية كبرى في المنظور الإسلامي. نريد توضيح ذلك.
في الحقيقة موضوع الأسرة من أخطر الموضوعات في هذا الزمان، نظرًا لكثرة التحديات التي تواجهها, فهي مهددة بعدم الاستقرار، وان شئت فقل: أصبحت في مهب الرياح! والدليل على ذلك كثرة نسب الطلاق في الوطن العربي، وهذا يجعلنا ندق ناقوس الخطر للحفاظ علي الأسرة. فالأسرة هي اللبنة الأولى في المجتمع؛ فإن كانت قوية ومتماسكة كان المجتمع قويًّا، وإن كانت ضعيفة متفرقة متنازعة كان المجتمع على شاكلتها.
ولاهتمام الإسلام بالأسرة نجد أن كثيرًا من صور القرآن احتفت بهذا المعني الأصيل في بناء المجتمعات، بل وفي تكوين النسل الإنساني وامتداده؛ فنجد سورة آل عمران فيها إشارة إلى اسم أسرة، وسورة النساء تتحدث عن خلق الإنسان من أصل واحد ونفس واحدة، وسورة المائدة هي جزء من أساس البيت، وسورة الحجرات هي الحجرات التي يسكنها النبي ﷺ مع زوجاته أمهات المؤمنين, وسورة الممتحنة، وسورة التحريم، وسورة الطلاق، وسورة التكاثر من تكاثر الإنسان، وسورة العلق، والعلق مرحلة من مراحل خلق الإنسان, وسورتي الأحزاب والنور تتحدثان عن أحكام النساء والعفة وغض البصر في المجتمع المسلم, وغيرها من السور المتعلقة بأحكام الأسرة.
هل تشكيل الأسرة يبدأ من لحظة عقد الزواج أم يكون سابقًا عليها؟
لقد جاء الإسلام والعالم كله يتخبط في الفوضى والانحلال ومنها العلاقات الأسرية، فأراد إنقاذ البشرية ولذا اهتم بتأسيس الأسرة وأحاطها بسياج كبير لأنها وحدة بناء واستقرار المجتمع، ووضع لها من التشريعات ما يضمن تماسكها واستقرارها
ومن هنا، كانت عناية الإسلام بالأسرة من قبل تأسيسها وقبل عقد الزواج، وهذه العناية تبدأ من اختيار الزوجين والبحث عن الزوجة صاحبة الدين والأصل والحسب والنسب والمعدن العريق، كما قال أبو الطيب المتنبي:
وَما تَنفَعُ الخَيلُ الكِرامُ وَلا القَنا
إِذا لَم يَكُن فَوقَ الكِرامِ كِرامُ
وكما قال أبو الأسود الدؤلي لأبنائه: لقد أحسنت إليكم صغارًا وكبارًا وقبل أن تولدوا، قالوا: كبارًا وصغارًا، قد عرفناه، فكيف قبل أن نولد؟! قال أبو الأسود: بحسن اختياري لأمكم.
وقال الرِّيَاشِيُ:
وأعظمُ إحساني إليكمْ تَخَيُّري
لِمَاجِدَةِ الأعراقِ بادٍ عَفَافُهَا
وحسن اختيار الزوجين من أخطر الأمور في قضية الأسرة، فإذا حسنت البدايات حسن النهايات، فالزواج من الأمور التي ينبغي على كلا الزوجين بذل الأسباب لإنجاحه على الوجه الأمثل، فالمرأة المسلمة ووليها يتحرون الخاطب صاحب الخلق والدين؛ لقول النبي ﷺ: “إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَأَنْكِحُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ” (رواه الترمذي). فالخطاب في هذا الحديث موجه للولي بأن يختار لمن يتولى تزويجها الأصلح وصاحب الخلق والدين ومن تتوفر فيه الكفاءة، ومخالفة هذا التوجيه النبوي- بتزويج الفتاة ممن لا تنطبق عليه هذه الصفات- قد يؤدي إلى الفتنة والفساد العريض وانهيار الأسرة.
– الإسلام اعتنى بالأسرة وتكوينها حتى من قبل تأسيسها
والرجل كذلك يحرص على اختيار الزوجة الصالحة صاحبة الخلق والدين، فقد جاء الحث الصريح على ذلك في قوله ﷺ: “تُنْكَحُ المَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَدَاكَ” (متفق عليه). فالزواج من الأمور التي يتحمل الزوج نتائج وتبعات اختياره فيها.
وفي هذه المرحلة غالبًا ما يقوم الخاطب أو المخطوبة بالسؤال عن الطرف الآخر، والواجب على من يستشار ويسأل عن شخص معين، أن يعلم أن شهادته هذه أمانة، يجب عليه فيها بذل النصيحة لمن سأل على وجه الصدق، فهي من حقوق المسلم على أخيه المسلم، لقوله ﷺ: “حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ”، وذكر منها: “وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ” (رواه مسلم), وقوله ﷺ: “المُسْتشَارُ مُؤْتَمَن” (رواه أبو داود).
ومن ذلك قول الصحابية الجليلة فاطمة بنت قيس رضي الله تعالى عنها للنبي ﷺ: أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ، وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَانِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “أَمَّا أَبُو جَهْمٍ، فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ، وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ، انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ”. فَكَرِهْتُهُ، ثُمَّ قَالَ: “انْكِحِي أُسَامَةَ”، فَنَكَحْتُهُ، فَجَعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا، وَاغْتَبَطْتُ بِهِ” (رواه مسلم).
ما أهم عوامل استقرار الأسرة؟
تظل الأسرة مستقرة ما تحقق السكن والمودة والرحمة, يقول تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الروم: 21).
إن المودة والرحمة عنصران مهمان للتفاهم بين الزوجين، ذلك أنّ الحياة اليومية لا تخلو من مشاكل كبيرة أو صغيرة، ولا تخلو من منغِّصات, ومن هنا وضع التشريع الإسلامي قاعدة أساسية للتفاهم والتعامل بين الزوجين، وهي المودة والرحمة؛ والمودة تعني المحبة والألفة وصفاء السريرة والتفاهم بالتي هي أحسن، فإذا توفّرت هذه العناصر، فإنّ العلاقة الزوجية ستكون مستقرة وفي سعادة, والإسلام يريد للزواج أن يكون سكنًا للإنسان وليس حالة من الاضطراب والقلق، إذن الزوجة هي السكن، والزوج يسكن لدى الزوجة.
“السكن” هو سكينة النفس وطمأنينتها واستقرارها؛ وهو الحماية والأمن والسلام والراحة والظل والارتواء والشبع والسرور.. و”السكن” قيمة معنوية وليس قيمة مادية، ولأنّ “السكن” قيمة معنوية فإنّ الزوج يجب أن يدفع فيه أشياء معنوية، وهو أن يتبادل المودة والرحمة مع الزوجة، فهذا السكن يُقام على المودة والرحمة؛ فالمودة والرحمة هما الأساس والهيكل والمحتوى، وبغياب المودة والرحمة ينهار السكن, وجاء السكن سابقًا على المودة والرحمة، إذ لابدّ للإنسان أن يسكن أوّلاً، أن يختار المرأة الصالحة ويتقدم إليها ويتزوجها ليتحقق السكن، فإذا قام السكن جعلت المودة والرحمة.
– المودة والرحمة عنصران مهمان للتفاهم بين الزوجين
إذن، لا يمكن أن تقوم المودة والرحمة إلّا من خلال وفي إطار سكن، أي من خلال زواج, والله يقول: {وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ}، أي أنّ الله هو الذي جعل المودة والرحمة؛ وهذا ضمان من الله لكلِّ مَن أراد الزواج، فإذا أردت أن تسكن فلابدّ أن تتزوج, وإذا تزوجت فلابدّ أن تنعم بالمودة والرحمة, وبالتالي تصبح الزوجة هي أصل المودة وهي أصل الرحمة؛ لأنّها التي وفرّت السكن، فلا دعامة لهذا السكن إلّا بالمودة والرحمة.
لإنجاح تجربة الزواج.. كيف يمكن تهيئة الشباب والفتيات المقبلين على الزواج؟
في حياتنا، كل من يعمل باتجاه أمر معين يسعى لأن يؤهَّل نفسيًّا، الجندي قبل أن يذهب إلى ساحة المعركة يؤهل للحرب، وكذلك الطبيب والمدرس وغيرهم، لكن عند الزواج- وهو أخطر ثلاثة أمور تحدث للإنسان: الحياة والموت والزواج- للأسف لا يتم تأهيل الشباب المقبلين علي الزواج، أو يؤهلون بطريقة غير صحيحة! مثل أن يقعوا فريسة للإعلام حيث تصور الأفلام والمسلسلات الزواج على أنه حب وهيام وغرام، وفلل وقصور وسيارات فارهة ونزهات وخروجات، دون الحديث عن الخلافات والمشاكل والتحديات التي تواجه الأسرة خاصة في بداية الزواج.
والحق يقال: إن الحب جزء من الزواج، ولكن ليس بالحب وحده تُبنى البيوت وتنجح، وأتساءل: ما معنى أن أحب فتاة لأتزوجها ولكنها ليست جديرة بتحمل المسؤولية؟ وما معنى أن تحب الفتاه شابًا ولكنه لم يتدرب ويؤهَّل لرعاية البيت وتحمل المسؤولية؟
لذلك، لابد من تأهيل الشباب عن طريق إقامة دورة تأهيلية ويكون مشروعًا عامًّا للدولة عن طريق الوزرات المعنية؛ مثل وزارات التعليم والثقافة والشباب والأوقاف، حتى تؤسس الأسر على علم وفهم؛ فيكون البناء قويًّا. ويدرس الشاب والفتاة سواء في المرحلة الثانوية والجامعية بعض المفاهيم الضرورية عن الزواج, يعرفون فيها الحقوق والواجبات لكلٍّ منهم, وكيف يتعاملون مع المشكلات الأسرية.
إذا جئنا إلى المفاهيم التي من المهم ترسيخها لدى الشباب عن الأسرة.. ما أهم هذه المفاهيم؟
هناك ثلاثة مفاهيم أساسية يجب ترسيخها لدي الشباب عن الزواج والأسرة.
الأول: الزواج مسؤولية:
باختصار، كل شاب يفكر في الزواج يعلم أنه يذهب برضاه نحو تحمل المسؤولية. فهو قبل الزواج كان مسؤولاً عن نفسه فقط، في الطعام والشراب، في السهر خارج البيت أما بعد الزواج فقد أصبح مسؤولاً عن زوجة من حقها أن تعود إليها مبكرًا، وبعد سنة من الزواج ربما يصبح مسؤولاً عن مولود. وكذلك الكلام موجه للفتاة بعد الزواج؛ فقد أصبحت مسؤولة عن زوج ينتظر من زوجته أن تستيقظ قبله تعد له الطعام وتسهر على راحته.
ولذلك، اختصر القرآن الكريم مسؤولية الرجل والمرأة، في قوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} (سورة النساء: 34).
الثاني: الزواج تضحية:
لابد للشاب والفتاة المقبلين على الزواج أن يكونا مستعدين للتضحية؛ فما من فتاة مستقيمة إلا ولها أم ضحت من أجلها، فالزوجة تضحي من أجل أولادها, وأذكر هنا قصة النبي ﷺ عندما أرد أن يخطب أم هانئ ابنة عمه أبي طالب، وكانت أرمله ولها أطفال أيتام، فقالت: قد كبرت ولي عيال أيتام أخشى إن اعتنيت بحقك أقصر في حقهم، وإن اعتنيت بحقهم أخشى أن أقصر في حقك, واعتذرت عن الزواج برسول الله ﷺ، وهنا بَيَّن رسول الله ﷺ فضائلَ نساء قريش التي اسْتَحْقَقْنَ بها أن يكُنَّ خير نساء العرب فقال: فقال ﷺ: “نساءُ قُرَيْشٍ خَيْرُ نِساءٍ رَكِبْنَ الإبِلَ، أَحْنَاهُ على طِفْلٍ وأَرْعاهُ على زَوْجٍ في ذاتِ يَدِهِ” (رواه البخاري).
والشاهد من القصة هي التضحية من أجل أولادها، فاعتذرت من الزواج بأفضل الخلق وحبيب الحق سيدنا محمد وهو ملء العين والسمع وهي ليست عنه بمستغنيه.
– الحب جزء من الزواج ولكن ليس به وحده تُبنى البيوت وتنجح
ومن أمثلة التضحية للرجال زواج سيدنا جابر بن عبدالله بثيّب؛ فقد روى الشيخان عن جابر قال: قال رسول الله ﷺ: “هل نكحت؟”، قلت: نعم، قال: “أبكرًا أم ثيبًا؟” قلت: ثيب، قال : “فهلا بكرًا تلاعبها وتلاعبك؟”. قلت: يا رسول الله قُتل أبي يوم أحد وترك تسع بنات فكرهت أن أجمع إليهن خرقاء[أي صغيرة السن دون خبره في التربية] مثلهن، ولكن امرأة تمشطهن وتقوم عليهن. قال: “أصبت”.
الثالث: الزواج قبول للاختلاف والرأي الآخر:
فعندما تتزوج اعلم أنك قبلت الاختلاف مع زوجتك، فالخلاف بين الزوجين أمر طبيعي؛ وذلك لأنه راجع إلى التفاوت والاختلاف في الأفهام والعقول والإدراك، وهو خلاف محمود إذا ما أحسن الطرفان احتواءه والتعامل معه، لأنه في حقيقته ما هو إلا نقد بناء وتعبير عن الرأي يساعد ويعمل على توثيق العلاقة الزوجية، من خلال حل الكثير من المشاكل التي تعترض الزوجين.
ومع ذلك لا يمكن القول: بأن كل خلاف زوجي يعد خلافًا محمودًا، بل إن هناك خلافات زوجية حادة وصراعات لا يمكن حلها أو علاجها للأسف إلا بالتفريق بين الزوجين.
أهم التحديات المعاصرة التي تواجه الاسرة؟
أولى هذه التحديات طغيان الحياة المادية والاقتصادية وزيادة نسبة الفقر والعوذ والحاجة في المجتمعات في ظل الغلاء المتزايد، وعجز الزوج عن تدبير النفقات لأولاده، مما يهدد تماسك الأسرة بل ويعرضها لخطر الخلافات والشقاق ثم الطلاق للهروب من المسؤولية.
أضف إلى ذلك نظرة الكثير من الناس إلى المظاهر والمادة، وعنايتهم بالمظهر والصورة، وإعراضهم عن الجوهر والمخبر، وعدم اعتبار الأخلاق والقيم والمثل العليا.
ومن التحديات المعاصرة أيضًا انتشار وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مخيف ومرعب وصل الى حد الظاهرة التي باتت تهدد كيان الأسرة، من حيث إنها شغلت كل أفراد الأسرة عن التواصل مع الآخر، وزادت الفجوة بين الزوجين، وشغلت المرأة قبل الرجل عن بعض الحقوق الزوجية، بل أصبحت طريقًا سهلاً ميسورًا إلى ارتكاب المحرمات مثل الخيانة الزوجية والتي هي سبب رئيسي من أسباب الطلاق.
– الانشغال الزائد بالهواتف والمواقع يقطع التواصل بين أفراد الأسرة
ويضاف لهذه التحديات، الندية والنسوية؛ وقد تعالت الأصوات التي تدعو إلى تفكك وانهيار الأسر وتشتتها، حيث تُشجع المرأة على عدم تأدية واجباتها سواءً أكانت للزوج بشكل خاص، أم للبيت والأولاد، وأيضًا تشجعها على عدم القيام بالأعمال المنزلية في بيت الزوج وعدم الخدمة.. وهذه التحديات تحتاج إلي فهم ووعى وعقل لتتجاوز الأسرة هذه الرياح العاتية؛ فالمؤامرة كبيرة على البيوت المسلمة، وخاصة المرأة لأنها هي عماد البيت وأساس التربية للجيل الناشئ.
في ظل بيئة الهواتف الذكية وما تحمله من مضامين.. هل يمكن القول بأن تربية الأبناء أصبحت أمام تحديات جديدة؟
لابد أن نعترف بأهمية التكنولوجيا ودورها في نشر المعرفة، وهذا الجيل هو جيل نشأ وتربى علي الهواتف الذكية، ومن ثم لا يمكن للأبناء أو حتى المجتمع المعاصر أن يقوم بالاستغناء عنها.
وقبل أن أحدثك عن الجوانب السلبية والتحديات التي تواجه الآباء والأمهات، علينا أن نستفيد من الجوانب الإيجابية التي توفرها التكنولوجيا لأطفالنا في حال استخدامها بشكل جيد وإيجابي. ومن الجوانب الإيجابية, تنمية المهارات العقلية للأطفال؛ فهناك بعض الألعاب والتطبيقات تعمل على تحسين المهارات المعرفية، وكذلك ألعاب الذاكرة للأطفال الذين يرغبون في تحسين ذاكرتهم، وألعاب الانتباه للأطفال الذين يرغبون في تحسين انتباههم، وألعاب الرياضيات للأطفال الذين يرغبون في تحسين مهاراتهم الرياضية، كل هذه البرامج تعمل على زيادة مستوى ذكاء الأطفال.
ولا شك أن من التحديات التي يواجهها الأهل في العصر الرقمي والهواتف الذكية، إدمان استخدام الأجهزة الإلكترونية؛ فلا يحدد الأبناء الوقت الذي يستخدمون فيه هذه الأجهزة، وبالتالي ربما يستمر الشاب أكثر من 8 ساعات في اليوم دون هدف أو مصلحة دينية أو حتى دنيوية.
– التحدث مع الأبناء والاستماع إليهم يزيد من التقارب معهم
وهذا الوقت الطويل الذي يقضيه الأطفال في استخدام الأجهزة الإلكترونية يمثل تحديًّا آخر في التربية؛ حيث يصيب الشباب أو الأطفال بالتوحد والتشتت والميل إلى العزلة، وكلها تحديات صعبة ومؤثرة على شخصية الشباب في المستقبل, نستطيع أن نقول إن الأطفال يتعرضون لجميع أنواع الأضرار النفسية على الإنترنت وشبكات التواصل.
بل وصل الأمر في التحديات التي تواجه الأسرة مع وجود الهواتف الذكية، أن بعض الآباء والأمهات ينشغلون بالهواتف ومواقع التواصل، فينقطع التواصل بين أفراد الأسرة.. وهذه من أكبر التحديات.
كيف يتحقق التفاهم بين الآباء والأبناء؟
في البداية نؤكد أن ضغوطات الحياة والعمل وسعي الآباء إلى تلبية متطلبات أسرتهم، يؤدي إلى بناء الحواجز بين الطرفين وليس الحوار ولا التفاهم، وهذا يؤدى الى ضعف العلاقات بينهم، وكثرة التوتر والمشاحنات داخل الأسرة، وكل هذا قد يقود الأبناء إلى البحث عمن يستمع إليهم ولمشاكلهم فيجدون البديل، وهم رفقاء السوء الذين يجرونهم إلى عالم الانحراف!
ولتحقيق التفاهم وإيجاد لغة حوار بين الآباء والأبناء، هناك بعض النصائح يجب أن نضعها في عين الاعتبار منها:
- أن يكون الأبوان قدوة أمام الأبناء في كل شيء.
- التحدث مع الأبناء والاستماع إليهم؛ فهذا مهم جدًّا؛ لأن التحدث مع الأبناء يزيد من التقارب معهم في المجالات التي تهمهم؛ مثل الحديث عن المدرسة، والمستقبل والطموح، والحديث عمن يصاحبون.
- أن تكون هناك لقاءات دورية وحوارات ونقاشات بين الآباء والأبناء حول شؤون الأسرة، والمشاكل الأسرية وطريقة حلها؛ لتجعله يتحمل المسؤولية مع تنمية قدرات الأبناء على التفكير والإبداع.