المصائب والمحن والمشكلات كلها حوادث حياتية متنوعة تقع لبني البشر فجأة ودون سابق إنذار، وأحياناً ربما تسبقها مؤشرات تدل على قرب وقوع مصيبة أو محنة، والتي تأتي دون موعد محدد سلفاً، حتى إذا جاءت لا تفرق بين أحد، فالناس كلهم سواسية أمامها، لا تعرف فقيراً أم غنياً، قوياً أم ضعيفاً، مسلماً أم غير مسلم.
هناك من الناس من تخور قواه فوراً أمام أول محنة يتواجه معها – حفظنا الله وإياكم من كل المصائب – ومنهم من تخور قواه بعد فترة من الدهر قصيرة، ويجثو على ركبتيه. ومنهم من يصمد لفترة أطول، ومن الناس من يواجه المحنة بعزيمة وإصرار كبيرين على التحدي والانتصار عليها.
المصائب والمحن تتنوع، بدءاً من حادثة سيارة مؤلمة أو الوقوع ضحية أمراض متنوعة، مروراً بالوقوع في مشاكل الطلاق والفصل من العمل أو خسارة مال أو تجارة أو خسارة صديق لسبب ما، وانتهاء بالمصيبة الكبرى في حياة أي إنسان وهي الموت.
في عقيدتنا الإسلامية، ولله الحمد، تعلمنا الإيمان بالقدر خير وشره، وهذا ما يجعل المرء المؤمن يطمئن إلى أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، فإنه قدره وأن الأمر قد انتهى الله منه وقدّره علينا قبل أن نوجد على هذه الأرض وفي هذه الدنيا، فقد رفعت الأقلام وجفت الصحف. وتعلمنا أن المؤمن يُثاب على أي مكروه يصيبه، حتى الشوكة يشاكها له فيها أجر، أجر الألم أولاً وبعد ذلك أجر الصبر على الألم.. وتعلمنا أن المؤمن أمره كله خير، إن أصابه خير فشكر كان له أجر، وإن أصابه شر فصبر كان له أجر أيضاً، لكن العبرة في الصدمة الأولى.
نحن كتلٌ من الأحاسيس والمشاعر المتحركة، نتفاعل مع ما يحدث لنا وحولنا، والمصيبة مؤلمة وقاسية مهما كان نوعها، وكلنا نتفاوت في درجات الإيمان وقوته. منا من يكون على درجة عالية فيقدر على الصبر عند الصدمة الأولى والذي رغم ذلك لا يمكن أن يخفي مشاعر الألم بشكل تام، ومنا من يصبر، ولكن بتأثر شديد، ومنا من ينهار ثم يفيق بعد ذلك ويعود إلى رشده وإيمانه.. المصيبة مهما تكن فهي قوية ومؤثرة على أي إنسان، مهما بدا أنه قوي لا يتأثر..
لكن الأهم، وهو خلاصة هذا الحديث، أن المحن والمصائب أمور طبيعية في حياة البشر، تنزل على الجميع دون استثناء وتتنوع في قوتها وطبيعتها.. وكل ما ندعو إليه أولاً هو التضرع إلى الله دائماً في صلواتنا وخلواتنا أن يلهمنا الصبر والقوة على مواجهة المحن والشدائد إن وقعت، وأن نخرج منها ثانياً، سالمين آمنين في الدنيا قبل الآخرة..
وهذا لب الموضوع.