تعد استراتيجيات التسويق من المجالات ذات الأهمية البالغة والتى يجب مراعاتها بعناية كبيرة من قبل راسمي السياسات في البنوك الإسلامية وتنبع هذه الأهمية من الحاجة الماسة إلى تحسين أداء البنوك الإسلامية وضمان نمو مستدام لهذه البنوك والتى تواجه منافسة شرسة من البنوك التقليدية ذات الخبرة الطويلة في مجال العمل المصرفي. ومع تصاعد المنافسة في القطاع المالي يتعين على البنوك الإسلامية تصميم استراتيجيات تسويق فعالة مع تقييم أداء عمل هذه البنوك وفهم الاحتياجات المتغيرة لزبنائها.
ويعتمد نجاح أي استراتيجية تسويقية على مجموعة من العوامل أهمها : الأسلوب الإداري المتبع وتجربة المؤسسة والبيئة التى تعمل فيها ، ويمكن الحكم على نجاح أي مؤسسة مصرفية من خلال تتبع السياسات التسويقية المتبع من طرفها، تسلط هذه المقالة الضوء على استراتيجيات التسويق في البنوك الإسلامية ودور هذه السياسات في نجاح تجربة هذه البنوك.
استراتيجية المنتج
تعتبر الصورة التي يرسم البنك أو المؤسسة المالية لنفسها في أذهان ذات أهمية كبيرة في التميز والمنافسة في السوق المالية ، ويتم بناء صورة المؤسسة المصرفية من خلال من خلال مجموعة من الاستراتيجيات التسويقية من ضمنها ، استراتيجية المنتج أو الخدمة ، وترتكز هذه الاستراتيجية على تحقيق رغبات الزبناء من خلال بناء منتجات وإطلاق خدمات تتوفر على مميزات تحقق رضا الزبون ، فتجربة العملاء مع المنتج والخدمة تؤثر بشكل مباشر على موقفهم من البنك أو المؤسسة ، ووفقا لاستراتيجية المنتج يجب أن يكون العميل قادرا على ربط صورة محددة بنوع من المنتجات أو الخدمات التى تقدها المؤسسة المصرفية.
وهنا يتعين على صناع سياسات البنوك الإسلامية فهم طبيعة احتياجات ورغبات الزبناء والعمل على تحقيق هذه الاحتياجات من خلال سياسات فعالة وسريعة ، ولأن الخدمات المصرفية الإسلامية هي البديل للعمل المصرفي التقليدي حيث نجحت هذه المنظومة في تحقيق هذا الهدف من خلال توسع سوق المالية الإسلامية وانتشاره عبر دول العالم ، تحتاج البنوك الإسلامية إلى تطوير مستمر لسياسة الابتكار الخاص بالمنتجات والخدمات المقدمة من هذه البنوك ، ومن خلال التحديث المستمر للمنتجات والخدمات المصرفية يمكن للبنوك الإسلامية أن تحفظ على ميزتها التنافسية ضد البنوك التقليدية والأجنبية والتى تقدم تسهيلات مماثلة تتوافق مع أحكام الشريعة. إن استراتيجية تطوير منتجان البنوك الإسلامية تعتبر من أهم استراتيجيات التسويق وقد قطعت البنوك الإسلامية أشواطا مهمة في سبيل تطوير هذه الاستراتيجية ، إلا أن سرعة تغير السوق وشراسة المنافسة تحتم على البنوك العمل على المزيد من تطوير سياسات بناء المنتج.
استراتيجية التسعير
من أهم استراتيجيات التسويق التى تنتهجها البنوك الإسلامية ، استراتيجية التسعير وهي أسلوب تسويقي فعال يمكن استخدامه من طرف البنوك لتسحين صورتها التنافسية وقوة صموده في السوق. وتشير بعض الدراسات الحديثة إلى أن قدرة البنوك على رسم استراتيجية تسعير فعالة يعتبر مفتاح النجاح في سياسات التسويقية ، فقدرة البنوك على تقديم سياسة تسعير تنافسية للمنتجات و الخدمات في السوق المالية يعتبر نجاحا كبيرا. وفيما يتعلق بسياسة التسعير يقترح بعض خبراء المالية الإسلامية ألا تستخدم البنوك الإسلامية سعر الفائدة كمعيار لتسعير منتجاتها على الرغم من أن لديها فتاوى لاستخدام سعر الفائدة كمعيار للتسعير.
بدلاً من ذلك ، يجب عليهم استخدام نماذج من قبيل Hedonic وهو نموذج يستخدم لتقييم الأصول الحقيقية ، وخاصة فيما يتعلق بالعقارات ، حيث يتم عرض الأصول على أنها تمثل مجموعة من الخصائص ، كل واحدة منها تعطي فائدة أو عدم مرونة للمستهلك ، ويستخدم نموذج Hedonic نظرًا لخصائصه (مثل حجم المسكن وعدد الغرف والموقع وعدد الحمامات وما إلى ذلك). و هذا النموذج تمثل تقديرات لخصائص”تقنية التسعير”. تحتاج البنوك الإسلامية إلى إنشاء آلية تسعير لمنتجاتها دون الاعتماد على سعر الفائدة. أظهرت دراسات عديدة أن الناس على استعداد لشراء منتجات البنوك الإسلامية ولكن لديهم مخاوف خطيرة بشأن منهجية التسعير، وهذا ما يجعل نموذج Hedonic بديل يمكن أن يكون مفيدًا للغاية ولكنه يتطلب مزيدًا من البحث واختبار السوق لضمان قابلية تطبيقه.
استراتيجة الترويج
الترويج هو أحد السياسات التسويقية ذات التأثير المهم والتى تحسن من صورة المؤسسات المصرفية وتزيد من جاذبيتها وعلى الرغم من ما حققته البنوك الإسلامية في مجال السياسات الترويجية إلا أن هذه البنوك لا زالت تحتاج لمزيد من العمل لتطوير سياساتها الترويجية ، وتتضمن هذه الاستراتيجية أدوات متنوعة مثل: الإعلان والبيع والتسويق المباشر والتحويل الإلكتروني والعلاقات العامة وما إلى ذلك.
وتقوم البنوك الإسلامية عبر استراتيجية الترويج بتقديم مجموعة من الأنشطة التي تنقل مزايا المنتج أو الخدمة أو العلامة التجارية لإقناع العملاء المستهدفين بشرائه. حيث تعتبر هذه الاستراتيجية وسيلة لجذب وخلق الوعي بين الناس لشراء منتجات وخدمات البنوك الإسلامية. علاوة على ذلك ، يعتبر الترويج أحد الوسائل المستخدمة لنشر وزيادة حصة هذه البنوك في السوق المالية من خلال زيادة منافستها ضد البنوك التقليدية في السوق. إن صياغة أنشطة ترويجية جذابة تسهل اختراق السوق والتأثير في عقلية المستهلك تعتبر سياسة ذات أبعاد تأثيرية قوية، يلذلك على البنوك الإسلامية مضاعفة الجهد في تطوير سياساتها الترويجية لجذب المزيد من المستهلكين.
تلعب السياسات التسويقية دورا بارزا في نجاح البنوك وتحقق هذه السياسات زيادة في المبيعات وانتشار لمنتجات هذه البنوك وزيادة في توسعها وانتشارها ، لذلك تحرص البنوك على تجديد وتحديث استراتيجياتها التسويقية بشكل دائما بما يتماشى مع رغبة الزبناء.