قوله تعالى: { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ} [سورة البقرة 170]
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ} [سورة المائدة 104]
هذا هو البيان العالي المحكم في النظم، ودقة الاختيار، وهنا تقف البلاغة في محراب البيان!
إذ استعمل النظم المحكم الفعل ( ألفينا)؛ لتمام المناسبة الدقيقة بعد ذلك، من نفي العقل، إذ قال:( أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ)
وعندما استعمل الفعل (وجد) في السياق الآخر؛ ناسب ذلك تمام المناسبة أن يتسلط النفي على العلم فقال:( أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ) وما ذلك إلا لدقة الإحكام. ونفي الترادف، في معجز البيان.
ولو تغاير النظم لاهتز عرش البلاغة، واختل الميزان!