التقوى هي الكلمة الجامعة للتكليف، وهي القيام بما أمر الله تعالى به وترك ما نهى عنه، وهي الأساس الذي تبنى عليه جميع الأعمال التي تعلي الدرجات في الجنة من بر وإحسان.

ومبنى التقوى هو الخوف من الله وطاعته. ويمكن القول هاهنا بأن الخوف أساس التقوى، وما التقوى إلا كف عن المحارم بداعي الخوف. والخوف المنوه بأهله في الكتاب العزيز هو القائم على مراقبة الله تعالى، واستحضار عظمته، والخشية من سوء الحساب وسوء المصير أمامه يوم القيامة.

أما الطاعة فهي الموافقة والامتثال لأمر الشارع، وهي ثمرة الخوف من الله تعالى. ومن الملاحظ أن الخوف والطاعة يكتملان في معنى الاجتناب والامتثال، ويحققان معنى التقوى، والغاية منها جمع عمل القلب والجوارح لضبط السلوك كي ينقاد لأوامر الله تعالى، وتحريره من سلطان الأهواء والنفوس ليجتنب المعاصي والمخالفات.

على أن الغاية من التقوى هي فعل الطاعات وترك المعاصي، ولذلك جاءت في القرآن الكريم بمعنى: ما يجب ويحق لله تعالى من إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة وأدى مناسك الحج، وتأدية الحقوق بكاملها للناس، وشكر النعمة، وطاعة الرسول ، وترك الأكل والشراب في الصيام، وترك قتل الناس.

والتقوى مفهوم إيجابي يقتضي جهاد النفس ومحاسبتها، وجهاد الشيطان اللعين والتزود للآخرة بالإيمان والأعمال الصالحة. فهي إذاً مناط النجاة لكل مؤمن في الآخرة، وليست مقاما خاصا بالأولياء والصادقين، ولا هي مفهوم يقتضي ما علق به في العصور المتأخرة من لوثة الإرجاء والتبتّل والزهد وعزلة الناس.

ويتأكد كون التقوى من المفاهيم العقدية، من خلال إحصاء مشتقات التقوى في المواضيع العقدية ودلالة مشتقاتها في عدة مواطن على معنى التوحيد، فضلا عما تقرر من كون التقوى من شعب الإيمان الكبرى. وبناء عليه، فإن علاقة التقوى بكل من الإسلام والإيمان والإحسان علاقة تركيبية، حيث تتداخل معاني كل مصطلح بمعاني الآخر، أي أن التقوى تتخلل أركان العقيدة الثلاث: الإسلام، الإيمان، الإحسان.

وقد بين الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم أثر التقوى في تيسير الأمور والرزق، والخروج من الأزمات والمضايق، والتمييز بين الحق والباطل إلى غير ذلك…

فمن ثمرات التقوى الهادية إلى بناء العلم والمعرفة والقوة، وحصول السيادة والتمكين في الأرض:

وهكذا فإن العاقبة الحسنة ثابتة للمتقين، وبناء عليها يتم قطف الثمار، وتحصيل النتائج المرجوة، لقوله تعالى: { إن العاقبة للمتقين } [هود: 49].