رحل الأستاذ الدكتور أحمد عمر هاشم – رحمه الله – أحد أبرز علماء الأزهر والعالم الإسلامي، فقد وافته المنية صباح الثلاثاء العاشر من أكتوبر 2025 م عن عمر يناهز 84 عاما، إثر صراع طويل مع المرض. وجاء إعلان وفاته على صفحته الرسمية على فيسبوك: “بقلوب مملوءة بالإيمان والرضا بقضاء الله، ننعي إلى العالمين العربي والإسلامي وأحبائه وتلاميذه وفاة فقيدنا الحبيب الإمام الشريف الدكتور أحمد عمر هاشم، نسأل الله أن يبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله، وأن يجعل الجنة مثواه، وأن يلهمنا وإياكم الصبر والاحتساب”.

كما نعاه مفتي جمهورية مصر الأستاذ الدكتور نظير محمد عياد بحسب ما جاء على موقع دار الإفتاء المصرية، واصفا إياه بالعالم الكبير والمحدث الجليل الذي أفنى حياته في خدمة العلم والدين، تاركا للمكتبة العلمية إرثا نفيسا من المؤلفات القيمة في الحديث والدعوة والأخلاق.

أحمد عمر هاشم .. النشأة والتكوين

ولد الدكتور أحمد عمر هاشم في 6 فبراير 1941 بقرية بني عامر بمركز الزقازيق في محافظة الشرقية. تخرج من كلية أصول الدين بجامعة الأزهر عام 1961، وحصل على الإجازة العالمية عام 1967. سعى بجدية في تخصص علوم الحديث، فأتم الماجستير عام 1969، ثم الدكتوراه بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف. رقي أستاذا في علوم الحديث عام 1983، ليصبح أحد أبرز العلماء في تخصصه.

المسيرة الأكاديمية والإدارية

امتدت مسيرة الدكتور هاشم العلمية لأكثر من خمسين عاما، بدأها معيدا في قسم الحديث بكلية أصول الدين، ثم تقدم في المراتب الأكاديمية حتى عميد كلية أصول الدين بالزقازيق عام 1987. شغل مناصب عدة في جامعة الأزهر، منها نائب رئيس الجامعة لشؤون التعليم وشؤون الطلاب، ثم لشؤون الدراسات العليا والبحوث. وفي 1995، عين رئيسا للجامعة. في هذه المناصب، ساهم في تحديث المناهج، وتعزيز البحث العلمي، ورفع كفاءة الأساتذة. أشرف وناقش أكثر من مائتي رسالة ماجستير ودكتوراه، وساهم في تكوين أجيال حملت فكره الوسطي في أنحاء العالم الإسلامي.

على الصعيد الدولي، درس الدكتور هاشم بكلية الشريعة بمكة المكرمة بين 1976 و1980، وكان أستاذا زائرا بجامعة أم درمان الإسلامية في السودان. مثل الأزهر في مؤتمرات دولية متخصصة بالسنة والسيرة والفكر الإسلامي والحوار، مقدما أبحاثا قيمة في تدوين السنة، ومنهجية المحدثين، وقضية خاتمية النبوة. هذه الخبرات زادت من بريقه العلمي عالميا.

المناصب والعضويات العلمية والثقافية

إلى جانب عضويته في هيئة كبار العلماء بالأزهر، تولى مناصب عدة، منها رئاسة قسم الحديث بجامعة الأزهر، وعضوية مجمع البحوث الإسلامية من 1990، والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، والمجلس الأعلى للثقافة، والمجلس الأعلى للجامعات بين 1995 و2003، إضافة إلى المجلس الأعلى للصحافة وعضوية اتحاد الكتاب المصريين.

الإنتاج العلمي

ترك الدكتور هاشم إرثا كبيرا في التأليف، يتجاوز 120 كتابا تناول فيها الحديث، والسيرة، والعقيدة، والفكر الإسلامي، والتربية، والدعوة. اتسمت مؤلفاته بالدقة والمنهجية النقدية المتوازنة، وجعلت منها مراجع أساسية للباحثين والطلاب. من أبرزها: «من هدى السنة النبوية»، «مباحث في الحديث الشريف»، «حجية السنة النبوية والرد على منكريها»، «تيسير مصطلح الحديث»، و«منهج الإسلام في العقيدة والعبادة». كما أبدع في تحقيق كتب علمية وشروح مثل «شرح صحيح مسلم» و«فيض الباري في شرح صحيح البخاري»، مسهما في الحفاظ على التراث الحديثي بدقة.

الجوائز والتكريمات

كرمته جهات عدة، منها جائزة الدولة التقديرية في مصر عام 1992، ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، وجائزة دبي الدولية للقرآن الكريم عام 2023 م .

خاتمة

كان الدكتور أحمد عمر هاشم – رحمه الله – مدرسة معرفية متكاملة تمزج بين التخصص الدقيق في علوم الحديث، والتفاني في التعليم والدعوة عبر خطاب متوازن. ترك بصمته الواضحة في تطوير الأزهر ورفع مستوى البحث العلمي، إضافة إلى حيوية حضوره عبر القنوات التعليمية والإعلامية وامتداد تأثيره داخل الجامعة وخارجها، .وبرحيله فقد الأزهر والعالم الإسلامي عالما جمع بين العلم والإدارة والدعوة.