نعى مسلمو نيجيريا الداعية الشيخ مصطفى زغلول السنوسي الذي انتقل إلى رحمة ربه 11/شوال/1438هـ الموافق 5/7/2017، وقد خلّد ذكره في قلوب المسلمين وفكرهم بإسهامات علمية، ومؤلفات في مجال الفكر الإسلامي واللغة العربية، وبجهود علمية تعلّمية وتعليمية تزيد على ستة عقود.
تبسم فجر اليوم 18 من أغسطس سنة 1937 بميلاد الشيخ مصطفى زغلول السنوسي، وكان ذلك في مدينة إِكِرُن إحدى مدن ولاية أويو، وهي من إحدى المدن اليورباوية المشهورة.
قضى حياته في طلب العلم، حيث شرع في تلقي مبادئ العلوم العربية على يد والده محمد السنوسي في إحدى الكتاتيب القرآنية في قريته، وما إن بلغ الثامنة عشرة من عمره حتى انتقل إلى مركز التعليم العربي الإسلامي بأغيغي، في ولاية لاغوس، وكان المركز مؤسسة تعليمية ازدهر بالتعليم العربي الإسلامي الخاص، وانتشر شعاعه في نيجريا منذ بداية الستينات من القرن الحالي حتى اليوم، حيث استطاع مدير المركز ومؤسسه الشيخ آدم عبد الله الآلوري إحداث نقلة نوعية في مجال التعليم العربي والإسلامي، كانت لها تلك الآثار الإيجابية في تعليم اللغة العربية والشرائع الإسلامية بين أبناء نيجريا اليوم.
وقد اعتبر الشيخ مصطفى زغلول في طليعة الجيل الذهبي الذي جادت بها دفعات المركز، فبدأ الشيخ جهاده الدعوي من خلال مزاولة مهنة التدريس في المركز المذكور، لا سيّما وأن الدور المتخصصة في تعليم اللغة العربية والشريعة الإسلامية آنذاك محدودة نسبيا، ليرتحل رغبة في ازدياد المعرفة والأخذ من المعين الأساس إلى المشاركة في دورات تدريبية وعلمية من البلدان العربية؛ منها لبنان، مصر، سوريا، الأردن والسعودية، وكُلّل عقب عودته بالدبلوم بناء على إنجازاته العلمية بتنصيبه وكيلا للمركز ومشرفا على شؤونه الإدارية والتعليمية، وهو في الوقت نفسه ما زال يستمر في تدريس الأجيال المسلمة في المركز.
مع مرور الزمن وتقدم المعارف والعلوم واتساع رقعة المسلمين بين أصقاع البلاد، دعت الضرورة الشيخ إلى تأسيس دار الدعوة والإرشاد سنة 1970م، لينتقل الشيخ بالمدرسة إلى المقر الأساسي الذي عرف به اليوم سنة 1981، وتعدّ مدرسته هذه من أبرز وأهم المدارس في جنوب نيجريا وأعرقها معرفة وإنتاجا كمّاً ونوعاً.
لقد كان من نتائج تمكين الله الشيخ في الأرض أن تخرّج على يديه آلاف طلبة من أبناء المسملين في مرحلتي الإعدادية والثانوية، وذلك بفضل جهود أساتذة حملوا معه هذا الحِمل الدعوي الثقيل، معظمهم تتلمذوا على يديه، ثم زاولوا مهمة تعليم الأجيال اللاحقة في المدرسة، وقد انتشر هؤلاء الطلاب في أطراف البلاد يصولون في ميدان الدعوة بالتعليم تارة وبعقد جلسات وعظية علنية تارات أخرى.
لقد خلُد ذكر الشيخ في الأوساط اليورباوية خاصة والأفريقية بشكل عام بمؤلفات متعددة تتناول قضايا تعليمية لغوية وأدبية وإسلامية إضافة إلى تأليفات في الفكر الإسلامي والتاريخ الأفريقي، ولعل من أبرزها:
– الشيخ آدم الإلوري أمة في فرد، طبعه المركز النيجيري للبحوث العربية، مكتب الرياض سنة 2012م.
– أزهار الربا في أخبار بلاد اليوربا، طبع من شركة تكنور برس في بيروت، عام 1987م.
– روائع المعلومات عن أقطار أفريقيا وبعض ما نبغت فيها من المملكات، طبع في مطابع الشرق الأوسط، الرياض، سنة 1991م.
– سيعود العرب إلى فلسطين، مطبوع من مكتبة الحياة، سنة 1965م.
– المرأة بين الحجاب والسفور، مطبوعة من مكتبة الحياة، سنة 1967م.
يشهد له هذه المؤلفات بطول باعه، وتحققه في اللغة العربية والشريعة الإسلامية والتاريخ؛ فهو بحق داعية إسلامي لغوي، مفكر ومؤرخ، من خير ما جادت به القارة الأفريقية الزاهرة.
يضاف إلى ذلك كله مجهودات الشيخ في الجلسات الوعظية التي تشهد له ميادين الدعوة، سواء الجلسات التفسيرية الرمضانية منها وغيرها من المحاضرات الثقافية والاجتماعية التي لها علاقة مباشرة في صقل مواهب الشباب، وتنوير عقولهم في سبيل خدمة هذا الدين الحنيف ولغته.
وقد شارك الشيخ في عدة مؤتمرات كمؤتمر شباب الإسلام في طرابلس ليبيا، ومؤتمر الشعب الإسلامي في بغداد، ومؤتمرات مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر الشريف.
قال عنه شيخه آدم عبد الله الآلوري: “إن سألني الله يا آدم! ماذا فعلت فيما أحسنت به إليك من العلم؟ سأشير إلى مصطفى زغلول”.
قال عنه الشيخ موسى أبعولا؛ وهو من الشيوخ البارزين في التعليم والدعوة في جنوب نيجيريا: ” إن الشيخ زغلول من أعلم الناس بعلم الميراث في نيجيريا نظرية وعملية”.