لماذا يجب دراسة سير أمهات المؤمنين هؤلاء السيدات العظيمات وفضائلهن واستخلاص الدروس القيمة التي ما زالت تهدي أجيال المسلمين؟ هل تساءلت يوماً عن الدور العظيم الذي أدته زوجات النبي ﷺ في نشر الإسلام ؟
إن أهمية العلم بسير أمهات المؤمنين، اللاتي طهرهن الله واختصهن بمكانة عالية، ليكنّ مدارس للتربية والفضيلة، ومنارات هادية للأخلاق والقيم الإسلامية، تكمن في نقلهن لأجيال المسلمين الحكمة النبوية والأخلاق الحميدة من خلال عيشهن في بيت النبي الكريم، ليصنعن نموذجاً مثالياً للمرأة المسلمة الصالحة، المتعلمة والعاملة، والصابرة الزاهدة.
اكتشف الفائدة المرجوة من دراسة سير أمهات المؤمنين زوجات النبي ﷺ وكيف كنّ مدارس للتربية والفضيلة ونموذجاً للمرأة المسلمة.
بماذا فضل الله أمهات المؤمنين ؟
اختار الله لرسوله ونبيه الكريم زوجات فضلهن بالمناقب الجلية، والأخلاق الزكية، وطهرهن من الدنس ، وسلمهن من خصلة ردية ، وكن بحق مدارس في التربية والعلم والتزكية، ومنارات مضيئة تهدي إلى الإسلام ومبادئه وأحكامه وآدابه، واختصت كل واحدة منهن بمزايا وخصائص، لا توجد في نساء العالمين ، كيف لا وقد زكاهن الله في كتابه الكريم ، وسجل لهن هذا الفضل في قرآن يتلى إلى يوم الدين.
قال سبحانه جل شانه: { يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا * وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا } (الأحزاب : 32- 33).
ومما فضلهن الله به، وكرمهن وخصهن به، أن الوحي المبارك كان يتنزل في بيوتهن في الليل والنهار ، وليس بعد ذلك الفضل شرف ومنقبة، ومنزلة ومرتبة ؛ قال تعالى: { واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا } (الأحزاب : 34).
وقد نقلت أمهات المؤمنين ما كان يجري في البيت النبوي، من الهدي والسمت إلى الأمة الإسلامية ؛ حيث كن يرين أعماله ويسمعن أقواله، ويلاحظن تصرفاته، ثم يروين للأمة أحاديثه وأقواله وتقريراته.
فضائل أمهات المؤمنين في القرآن
ولقد بين القرآن الكريم أن لأمهات المؤمنين فضائل ومناقب شريفة ، لا توجد في بقية النساء ؛ فمن تلك الفضائل:
- أنهن لهن الأمومة على جميع المؤمنين والمؤمنات، مع ما لهن من شرف الصحبة والمعية لرسول الله ﷺ، إلا من رفض هذه الأمومة من الكافرين ؛ قال تعالى موضحا ذلك الحكم بأتم وضوح ، وأبلغ فصاحة وبيان ، وأقوى حجة وبرهان : { النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا كان ذلك في الكتاب مسطورا } (الأحزاب: 6).
- ومن تلك الفضائل العلية : أنهن اخترن الله ورسوله والدار الآخرة ، على زينة الدنيا ومتاعها ، لما خيرهن رسول الله ﷺ ، وآثرن الصبر على الجوع ، والعيش على ما تيسر من زاد قليل ، ومتاع زهيد من كسوة وبيت وغيره ، كما ذكر الله ذلك فقال : { يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا * وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما }(الأحزاب: 28-29).
فالحديث إذن عن زوجات النبي ﷺ وشخصياتهن، وسيرتهن العطرة ؛ وفضلهن ومكانتهن في الإسلام ، فيه الكثير من الفوائد للأمة الإسلامية، وللأسرة المسلمة خاصة، والكثير من المواقف النافعة، والأحداث والعبر التي تهدي سائر المسلمين للإيمان والعمل الصالح، والأخلاق الحسنة الجميلة.
وقد قدمن مثالا صادقا على سلوك المرأة المسلمة الصالحة، العالمة والعاملة، والمجاهدة في سبيل الله، والحافظة لبيتها وزوجها، فوجب علينا التعرف عليهن، وعلى حياتهن وفضلهن، ومكانتهن في الإسلام بعد دخولهن بيت النبي ﷺ، وقد اهتدين بهديه ﷺ، ونهلن من ينابيع العلم النبوي، والمعرفة بكتاب الله عز وجل، فهن معلمات وقدوة لنساء البشرية جميعا، بنقل سنة النبي ﷺ الشريفة، والتعريف بأحواله وأعماله وخلقه في بيته وبين أهله. وكذا بيان حقوق أمهات المؤمنين الواجبة لهن ، على المسلمين والمسلمات .