ما إن تثبت رؤية هلال شوال في دول الخليج، حتى يتسابق الناس بالتهاني، عبر الهاتف ورسائل الجوال، وينتشر عبق العيد في الأجواء، فلا تسمع إلا أصوات المهنئين، ورنات رسائل الجوال. وفي قطر يتبادل الناس بعض عبارات التهاني المتعارف عليها، مثل: “كل عام أنتم بخير، عيدكم مبارك، عساكم من عواده، ينعاد عليكم”… بالإضافة إلى الرسائل المبتكرة والطريفة عبر الجوال، مثل: “قبل زحمة السير، وقبل رسايل الغير، والإرسال لسه بخير، كل عام أنتم بخير”، و”تهنئة مليانة ورد وفل، أرسلها قبل العيد يهل، علشان أكون قبل الكل”.

وتتشابه العبارات إلى حد كبير في بقية دول الخليج، لدرجة أنه يصعب تحديد الاختلاف بينها، وتبقى أشهر العبارات التي تتردد عند أهل المنطقة هي: “عساكم من عواده”، ولكن قد يقولون في الإمارات أيضا: “عيدكم مبارك، أيامكم سعيدة”.. وفي السعودية: “كل سنة أنتم بخير، عساكم من العايدين الفايزين، تعودنا بالصحة والعافية”.
كذلك أهل البحرين يقولون عادة: “عيدكم مبارك، عساكم من عواده”، وأهل الكويت: “كل عام أنتم بخير، أيامكم سعيدة، ينعاد عليكم بالفرح والسرور”.
وفي سلطنة عمان يقولون أيضا: “عساكم من عواده وكل عام أنتم بصحة وخير وسلام”.
وعبارات التهاني هي في الواقع دعاء للأهل والأصحاب بأن يجعله الله عيدا مباركاً سعيداً، ولا يقتصر الدعاء للأهل بل وللأمة الإسلامية كذلك، فعادة نسمع عبارات مثل: “إن شاء الله ينعاد علينا وعلى الأمة الإسلامية بالخير والبركة”.

من البشت إلى الدقلة

ومن عادة أهل الخليج الإعداد للعيد، بشراء الملابس الجديدة، وتجهيز سفرة للضيوف، ففي قطر اعتاد الناس أن يشتروا الملابس الجديدة وخاصة للأطفال، وأيضا الكبار -النساء والرجال- يحرصون على لبس الجديد قدر الإمكان.
وبالنسبة لملابس البنات، لا يوجد زي محدد في العيد، سواء للصغار أو الكبار، المهم أن تكون ملابس جديدة وبهية تتلاءم وجو العيد. فالصغيرات تلبسن الفساتين، والفتيات تلبسن الملابس العصرية، أو الجلاليب المطرزة، أما الصبيان والرجال فيلبسون الثياب التقليدية: الثوب، والغترة والعقال، ومنهم من يلبس “البشت” فوق الثوب.
والبشت هو البردة التي يرتديها الرجال في الخليج فوق الثوب في المناسبات الخاصة، وتكون من قماش خاص، أسود أو بيج أو بني أو رمادي، ومطرزة بخيوط ذهبية أو فضية على الأطراف.
وينطبق الحديث عن الملابس على بقية أهل الخليج، مع اختلاف ثياب الرجال، فأهل الإمارات وأهل عمان تختلف أثوابهم اختلافاً واضحاً من حيث “الموديل” واللون عن أثواب البقية.
كما أن بعض الرجال في عمان يرتدون حزاما من القماش أو الجلد، يلفونه حول خصرهم، ويثبتون فيه الخنجر، وتجد الأطفال في السعودية يرتدون “الدقلة” وهي سترة طويلة تلبس فوق الثوب تشبه إلى حد كبير البشت.
أما النساء في عمان فلديهن ملابسهن الخاصة بالإضافة إلى الملابس العصرية التي ترتديها بقية النساء في الخليج.
وملابس النساء التقليدية في عمان تكون من قماش زاهي الألوان ومطرز بخيوط ذهبية أو فضية، أو حتى الخيوط الملونة، مصحوبة بغطاء مشابه للرأس، مع لبس الحلي التقليدية.

وليمة خاصة

وللعيد في قطر وليمة خاصة يتم إعدادها لأهل البيت وللضيوف، وتعد من الصباح الباكر، وهي عبارة عن طبق “المكبوس”، (رز مع لحم أو دجاج)، وعادة يعدها البيت الكبير، أي بيت العائلة، حيث الجد والجدة، وهو البيت الذي يتجمع فيه أفراد العائلة ويقصده المهنئون، هذا بالإضافة إلى الحلويات والفطائر، المعدة مسبقاً، والمجهزة على سفرة خاصة بالضيوف.
ولا يختلف الأمر في بقية الدول الخليجية من حيث الوليمة كثيراً، مع اختلاف ربما وقت إعدادها. فكما تقول سيدة سعودية من جدة: في يوم العيد يبدأ نشاطهم بعد العصر، حيث يعودون من صلاة العيد ليناموا قليلاً، ثم تبدأ الزيارات والتهاني بعد ذلك.
أما أهل الحجاز فيحضرون “النواشف” أو “الحواضر” للفطور صباح العيد، ويشمل الفطور أربعة إلى خمسة أنواع جبن، وثلاثة أو أربعة أنواع من الزيتون والهريسة والحلويات المكاوية بكافة أنواعها. وهناك طبق حلو يتم عمله ليلة العيد، ويسمى “الدبيازة” وهو يحتوي على المكسرات وقمر الدين.

عيدكم مبارك يا أهل البيت

ومن مظاهر العيد في قطر تزيين الشوارع والمحلات التجارية بالأضواء والزينة، وإقامة المهرجانات الخاصة بالعيد. أما الناس في قطر، فيخرجون لأداء صلاة العيد في الصباح الباكر، ثم تعود النساء إلى بيوتهن، حتى يتم الإعداد لاستقبال الأهل والضيوف. أما الرجال فمنهم من يعود ليجلس في المجلس ليستقبل الضيوف، ومنهم من يخرج ليبدأ جولته من الزيارات، متوجهاً إلى الجيران والأهل والأصحاب مهنئاً بالعيد.
ومن أهم مظاهر العيد خروج الأطفال منذ الصباح وحتى الظهر في جماعات يتغنون بصوت عال بالكلمات المشهورة: “عيدكم مبارك يا أهل البيت”.
كما يخرج الأطفال ليجمعوا “العيدية” من الجيران والأهل. و”العيدية” هي عبارة عن مال يقدم للأطفال كهدية في يوم العيد.
وبعد المغرب هناك من يتوجه مع عائلته إلى المتنزهات أو المقاهي، ومنهم من يستأنف الزيارات، التي قد تستمر لثاني أو ثالث أيام العيد.
وتختلف هذه العادات من بيت لآخر، فلكل عائلة طقوسها التي اعتادت عليها، أما في بقية دول الخليج فالأمر لا يختلف كثيراً. إلا أنهم في جدة مثلاً تبدأ زياراتهم في ثاني أو ثالث أيام العيد، حيث يخصص أول أيام العيد للعائلة، وللتنزه حتى ساعات متأخرة من الليل، وهو ما يوجد عند البعض في قطر، أو الإمارات، أو في باقي الدول الخليجية، فالعيد بفرحته وملابسه ومظاهره يكاد يكون واحداً عند أهل الخليج.


شيخة السعدي