- فن الزخرف على الخزف نُقل إلى أوروبا بواسطة المورسكيين في الأندلس
- الأوروبيون أخذوا فن “القراميد الملونة” من المغرب العربي
- نقل مناظر الطرب من التصاوير الإسلامية إلى الرسوم المسيحية في أوروبا
- “الفن التشكيلي” موجود بتفاصيل كثيرة في حياتنا
- نادي التذوق البصري” هدفه إثراء الحركة التشكيلية ونشر الوعي الفني
- مقومات العمل الفني: التوازن التشكيلي واللوني ومراعاة الدراما في الأداء
- تذوق الفن يحتاج منا إلى دراسته.. ومنذ مراحل عمرنا الأولى
الفنون جزء أساس في حياة الإنسان، ترتقي بوجدانه وبذوقه، وتساعده على رؤية نفسه ورؤية الحياة مِنْ حوله بزوايا مختلفة؛ كما أن الفنون تُعَد ميراثًا إنسانيًّا مشتركًا، يستفيد اللاحقُ فيها من السابق، ثم يؤثر في التالي؛ فهي نهر كبير يجري تَصبّ فيه قنواتٌ متعددة. وفي هذا الحوار نحاول أن نعمِّق رؤيتنا الفنية، فهمًا وتذوقًا. مع الفنان التشكيلي خالد عبد الراضي، رئيس”نادي التذوق البصري” بقصر ثقافة المنيا، بمصر.. من خلال التعرف على مفهوم “الفن التشكيلي”، وأهميته، ونشأته، وتطوره، ومدارسه، ثم التعرف على لوحات فنية متميزة من إبداعه.. فإلى الحوار:
لو أردنا أن نوضح للقراء المقصود بـ”الفن التشكيلي”.. فماذا نقول؟
“الفن التشكيلي” هو أداة للسمو بالروح والوجدان، وهو قيمة إنسانية عُليا ترتقى بمشاعر الإنسان وخياله، وتحقق مكنونات النفس وأحلامها… هو الخط، اللون، الرمز والتعبير.
وماذا عن أهميته؟
أهمية “الفن التشكيلي” تنبع من أننا نجده في تفاصيل كثيرة في حياتنا؛ نجده في لوحة تشكيلية معبرة عن المكان والزمان.. نراه في تاريخينا بكل منحوتاته وجدارياته.. نلمسة في العمارة وتصميمها المختلفة.. وفي المنسوجات بمختلف طباعتها وألوانها.. وفي الديكور والنحت في مياديننا المختلفة.. وفي فنون وزخارف المساجد بقبابها ومحاريبها.. وفي كل شيء تقريبًا من حولنا يحمل بصمة فنية وتشكيلية.
وكيف نشأ هذا الفن؟
الفن عُرف من قبل التاريخ، في رسوم الإنسان القديم داخل الكهوف، ومرورًا بالحضار المصرية القدمية والحضارة الصينية والهندية، وتتطور الفن على يد الإغريق والرومان والفرس، وكان له رونقه الرفيع في الحضارة الإسلامية، والتي كان لها تأثير كبير على الفن في (أوروبا) خلال العصور الوسطى (المظلمة).
وما التطور الذي لحقه بعد ذلك؟
أخذ الفن منحنى جديدًا في التطور خلال عصر النهضة في أوروبا، ومن آثار هذا التطور أسلوب (الباروك) الذي ظهر في أواخر القرن (16)م. ويتميز أسلوب (الباروك) بدقة التفاصيل مع وجود الحيوية، ومن سماته التركيز على استخدام الظلام والضوء.. ثم تلاه أسلوب (الروكوكو) في (فرنسا) وذلك في أوائل القرن (18)م، ومن خصائصه الاهتمام بالتصاميم الداخلية للعمائر، وأسلوبه يتميز بالليونة والرقة عن أسلوب (الباروك).
ثم تطور الفن بعد أحداث الثورة الفرنسية عام (1789)م، حيث ظهرت (أكاديمية الفنون الجميلة بباريس) وأخذ منحنى آخر في التطور.
وماذا عن مدارس الفن التشكيلي؟
تنوعت مدارس الفن التشكيلي، ولكلِّ مدرسة منها خصائص وجماليات.. وهذه المدارس هي:
المدرسة الكلاسيكية: وقد ظهرت في القرن (15)م، وعاصرت الثورة الفرنسية، وهى تنادي بإحياء التقاليد الإغريقية والرومانية، ومن أشهر فناني هذه المدرسة الفنان (ليوناردو دا فينشي) والفنان (مايكل أنجلو) وقد سميت فترة هؤلاء بفترة العصر الذهبي.
المدرسة الرومانسية: وظهرت في أواخر القرن (18)م واستمرت حتى أوائل القرن (19)م، وهى تتميز بعمق المشاعر والعواطف، وتفرد الحرية للفنان في تنفيذ أعماله الفنية، باختيار مواضيع غير مألوفة في عالم الفن، أو بتنفيذ المناظر الطبيعية والشرقية.
المدرسة الواقعية: وهي ظهرت ردًا على رواد المدرسة (الرومانسية)، وهذا خلال منتصف القرن (19)م، وتسعى المدرسة الواقعية إلى تجريد الفنان من كل الأحاسيس والعواطف، وتصوير الحياة الواقعية بكل دقة دون زيادات من أفكار الفنان الخيالية.
المدرسة الوحشية: وقد ظهرت في بداية القرن (20)م، وهى تتميز باستخدام الألوان بصورة صريحة وزاهية، وتتسم بجرأة الفنان بطرح اللون دون خلطه بألون أخرى.
المدرسة التكعيبية: ورائد هذه المدرسة الفنان (بابلو بيكاسو) والفنان (جورج براك) وذلك في (باريس) خلال بداية القرن (20)م، وهى تعتمد على الشكل الهندسي في بناء العمال الفني.
المدرسة التجريدية: وتعتبر نشأة المدرسة منذ العصور القدمية، وكان لها بريق وتتطور في الفن الإسلامي، ولمع ظهورها في القرن (19)م في أوروبا، وتتميز المدرسة بالأسلوب غير الواقعي، والهدف منها هو إمتاع المُتَلقي باللون والتكوين، وخلق ثقافة بصرية لإمتاعه، وتعتمد على الخيال بصوره المطلقة.
المدرسة السيريالية: ونشأت هذه المدرسة في بداية القرن (20)م، وهي تتميز بتحويل الواقع إلى صورة غير واقعية (غير منطقية)؛ ليصل بالمشاهد إلى صورة أكثر واقعية من الجانب الفكري والنفسي، وهى تحرر الفنان من القيود العقلانية إلى التخيلات غير المألوفة، مع وجود الصدق في التعبير عن مشاعر الفنان وخيالته وأفكاره.
المدرسة الانطباعية أو التأثرية: وقد ظهرت في القرن (19)م، وهى تتميز بالحياة والوضوح في اللون؛ بحيث لا يعمد الفنان إلى مزج الألوان ولا يهتم بتفاصيل المشاهد.
الفن المعاصر والفن الحديث: نشأ الفن المعاصر في القرن (20)م، وقد كان متماشيًا مع نهج الفن الحديث، إلا أنه تميّز عنه بعدد من الفروقات، في استخدام الطباعة، الضوء، الفيديو والموسيقى.
كيف يتذوق المشاهد غير المتخصص، الفنَّ التشكيلي، وما العناصر الجمالية التي عليه أن ينتبه لها فيه؟
حتى يتحقق للإنسان التذوق الفني؛ فإنه يحتاج، ومنذ مراحل عمره الأولى، إلى دراسة الفن.. إضافة إلى تشجيع المدرسة والبيت على زيارة المعارض الفنية والمتاحف المختلفة.. ثم حضور المنتديات الفنية والثقافية.. فهذا يُنمِّي مع الوقت الخيالَ والمشاعر، ويُثري “الثقافة البصرية”.
وأما إذا تتطلب الأمر للمُتلقي معرفة مواطن الجمال في أي عمل فني، وكيف يشعر به ويتذوقه؛ فإن هذا الأمر يحتاج منه إلى أن يفهم بأن العمل الفني له مقومات أساسية لا يحاد عنها، وهى: التوازن التشكيلي في بناء العمل الفني.. والتوازن اللوني.. كما يجب للفنان أن يراعي التعبير (الدراما) في أدائه.. وعلى المتلقي بأن يستشعر بوجدانه هذا التعبير؛ لأن أي عمل فني تنقصه الدراما يفقد جزءًا كبيرًا من قيمته الجمالية.. لذا، على المتلقي أن يعي هذه الثقافة.
الفنون يتأثر بعضها ببعض، ويؤثر بعضها في بعض.. و”الفنون الإسلامية” ليست استثناءً من هذا التأثر والتأثير.. نريد توضح ذلك.
الثقافة الإسلامية تأثرت في بدايتها بالفنون السابقة عليها، مثل الفن الفارسي والروماني.. ثم أثرت الحضارة الإسلامية على الفن في أوروبا؛ بسبب العلاقات الدبلوماسية والتجارية، وخصوصًا بعد انتهاء الحملات الصليبية في الشرق، ورؤية الأوروبيين لعظمة وفخامة الفن الإسلامي.
ومن العناصر الإسلامية التي انتقلت إلى الفن الأوروبي: (القراميد الملونة)؛ وهي التي تزين أسطح العمائر، ولها شكل نصف أسطواني، حيث انتقلت من المغرب العربي إلى أوروبا.
ومن المظاهر الأخرى نقل مناظر الطرب من التصاوير الإسلامية إلى الرسوم المسيحية في أوروبا؛ بالإضافة إلى فن الزخرفة على الخزف، والذي نُقل بواسطة المورسكيين في (الأندلس)، واستخدام الفنانون الأوروبيون الخط الكوفي المزيف، وهو خط يحاكي شكلاً الخط العربي، بحيث يستعير شكله الرصين وهاماته المدببة والعالية.. كما أن (الفن القوطي) للعمارة في أوروبا مستوحَى من الأساس من التصاميم الفنية الإسلامية، خصوصًا في شكل الأقواس المدببة والأعمدة الصغيرة المنتشرة.
كما أن المدرسة الوحشية في الغرب تأثرت بالفن الإسلامي، ومن المتأثرين الفنان (هنري ماتيس)؛ حيث كان له نزعة تجريدية واضحة في أعماله الفنية.. وفي المدرسة (التكعيبية) تأثر بالفن الإسلامي الفنان الشهير (بابلو بيكاسو)؛ حيث كان له لوحات ذات مواضيع استشراقية للمغرب العربي، واشتُهر بمقولته على الفن الإسلامي “بأن أقصى نقطة أراد الوصول إليها في فن التصوير، وجد الخط الإسلامي قد سبقه إليها.
لو أتينا لتجربتكم الذاتية..كيف اتجهتم إلى الفن التشكيلي؟
كان اكتشافي للموهبة في الصغير، وتبنى موهبتي وشجعني عليها والدي وأستاذي بالمدرسة، وتتطور الأمر حتى قمت بالدراسة الفنية في كلية الفنون الجميلة.
ومن أبرز الفنانين التشكيليين الذين تأثرتم بهم؟
تأثرت بأستاذي بالمدرسة في المراحل الأولى، والفنان العالمي (رامبرانت فان راين)، والأستاذ الدكتور (محسن الخضراوي) عميد كلية الفنون الجميلة، والأستاذ الدكتور (سعد المنصوري).
وما أهم المعارض التي شاركتم بها؟
شاركت في عدة معارض، أهمها:
- معارض خاصة آتيليه القاهرة عام 1995م/ 2000/2003م تحت رعاية المركز القومي للفنون.
- معارض شخصية طوافة تحت رعاية الهيئة العامة لقصور الثقافة عام 1992/2001م.
- معرض ألوان مصرية بالمعرض الثقافي الإيطالي 12 / 2000م.
- الاشتراك في الصالون السادس بجمعية أصالة عام 2000م.
- معرض الخريف بجمعية أصالة عام 2002م.
- معرض مشترك بمدينة جينت ببلجيكة (جمعية أصالة) عام 2002م.
- معرض بمدينة سوهاج تحت رعاية مؤتمر المنيا الأدبي عام 2001م.
- معرض خاص بقاعة الشموع بالمعادي عام 2002م.
- معرض خاص بقاعة توت بالدقي عام 2005/ 2006م.
- معرض خاص بالمركز الروسي بالعلوم والثقافة بالقاهرة عام 2004م.
- معرض خاص بالمركز الروسي بالعلوم والثقافة بالأسكندرية عام 2005م.
- معرض مشترك مع أ.د دكتور محمد عباس أستاذ الجرافيك بكلية الفنون الجميلة المنيا عام 2001م بقصر ثقافة المنيا.
- معرض مشترك مع أ.د سهير أبو العيون بقاعة ألوانات للفنون عام 2017م.
- المشاركة بعارض المؤتمرات الدولية الثالث والرابع والخامس بجامع المنيا تحت رعاية كلية الألسن وكلية السياحة والفنادق في الأعوام 2006/ 2008/ 2016/ 2018م.
- الاشتراك في الألفية الثالثة بالقاهرة التابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة عام 2008م.
- معرض خاص بفندق آتون تحت رعاية المؤتمر السادس للأمرض الجلدية عام 2010م.
- معرض شخصي تحت رعاية مجموعة عيون للفنون عام 2012.
- معرض شخصي بمؤتمر المنيا الدولي للزراعة والري بدول حوض النيل بجامعة المنيا عام 2012م.
- معرض مشترك مع الفنان السوري عايش طحمير بالمنيا 3/2012.
“نادي التذوق البصري” بقصر ثقافة المنيا، الذي تترأسه.. ما أهدافه؟
يهدف “نادي التذوق البصري” إلى إثراء الحركة التشكيلية، ونشر الوعي الفني لدى الشباب.. وهو ينظم محاضرات وندوات وورش عمل فنية؛ يستفيد منها المتذوقون للفن والمختصون، وغيرهم.