100 مقابل 100 قرضًا هذا ليس من العدل، بل هو من باب الإحسان، إحسان المقرض إلى المقترض، إذ لم يأخذ منه زيادة في مقابل الزمن، وهي في القرض غير جائزة شرعًا.
100 مقابل 120 بيعًا (في حالات البيع الآجل) هذا من باب العدل، لأن البائع أخذ زيادة في مقابل الزمن، وهي جائزة شرعًا.
فالقرض فيه منّة على المقترض، بخلاف البيع الآجل مع الزيادة في الثمن، ليس فيه منّة على المشتري المدين، لأنه دفع زيادة في مقابل الزمن.
ومن الأدلة على أن القرض من باب الإحسان: (القرض صدقة)
– 100 اليوم أكثر في القيمة من 100 بعد سنة (أو أقل من سنة أو أكثر)، فالزمن في الفقه له قيمة، يقول الفقهاء: المعجل خير من المؤجل (إذا تساويا في المقدار).
– وبعبارة أخرى فإن القرض فيه ربا نَساء. فـ 100 مقابل 100 تجوز قرضًا ولا تجوز بيعًا. القرض فيه ربا نَساء لصالح المقترض، جاز لأن الإحسان إلى المقترض جائز، بل مندوب، وقد يصبح واجبًا.
– قال تعالى: (فلكم رءوسُ أموالكم لا تَظلمون ولا تُظلمون) سورة البقرة 279.
فسرها المفسرون: لا تَظلمون بالزيادة على المقترض، ولا تُظلمون بالنقصان، ظنًا منهم أن القرض من باب العدل، وهو خطأ فاحش، والصواب في التفسير: لا تَظلمون بالزيادة، ولا تُظلمون بالثواب. فالزمن في القرض ليس مهدرًا كما يعتقد البعض، لو كان مهدرًا ما كان له ثواب عند الله. والزمن في البيع الآجل ليس مهدرًا، إذ قيمته واضحة ماديًا، إذ تتمثل في الزيادة المالية مقابل الزمن.
– وعلى هذا فالقرض مخصص في الإسلام للفقراء، بخلاف البيع الآجل فهو مخصص للفقراء والأغنياء.
– ولو اشترط في القرض النقصان لجاز. كأن يقول المقرض للمقترض: أقرضك 100 بشرط أن تسدد لي 80. هذا لا يقال إنه ربًا حرام! فهذا بخلاف ذلك، فيه إحسان فوق إحسان: إحسان بالقرض، وإحسان بالنقصان من رأس مال القرض. تصدّق عليه بـ: 20، وأقرضه 80.
ولو أنظر المقرضُ المقترضَ، إذا عجز عن الوفاء، لكان فيه إحسان ثالث. ولو تنازل له عن القرض كله لكان فيه إحسان رابع، إذ تحول القرض كله إلى صدقة كاملة. القرض في الأصل معاوضة ناقصة، وهذا النقصان في معاوضة القرض هو وجه الإحسان فيه، وهو الذي يجعل له ثوابًا.
– أن يطلب الغني قرضًا يكون في طلبه منّة عليه، لكن أن يطلب دينًا في البيع المؤجل لا يكون فيه منّة عليه.
– هناك حالات خاصة قد يقع فيها القرض لا لأجل الإحسان إلى المقترض، بل لأجل طلب الإحسان من المقترض، لحماية مال المقرض من الاعتداء عليه من بعض اللصوص لأنه ضعيف، فيقرضه لآخر غني، ثم يستردّه، فهذا القرض ليس الغرض منه الإحسان، بل الحماية، وليس هو الأصل في القرض، ومن جعله من الأصل فهو جاهل في العلم والمنهج. ولا ريب أن الحيل تطمس العلم.
– وهناك حالات خاصة يقع فيها القرض ويكون الغرض منه تبادل المنفعة، كما في السفتجة، أقرضك مالاً أستوفيه في بلد آخر، يكون في هذا مصلحة للطرفين: مصلحة للمقرض في نقل المال من بلد لآخر بذمّة المقترض وعلى ضمانته، ومصلحة للمقترض بوفاء القرض في بلد آخر يكون له فيه مال، لو أراد نقله إلى المقرض لتكبد نفقة ومخاطرة.