اختتمت أمس الأربعاء 14مارس 2018 بجامعة قطر أعمال مؤتمر “اللسانيات الحاسوبية والبرمجة الآلية للغة العربية” الذي ينظمه قسم اللغة العربية بالجامعة على مدى يومين بالتعاون مع المنظمة العالمية للنهوض باللغة العربية- عضو مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع.
وقد شارك فيه المؤتمر عشرات من الباحثين والأكادميين المتخصصين في مجال الدراسات اللسانية والحوسبة والبرمجيات اللغوية، وكذا المراكز المتخصصة والمؤسسات الصناعية المنخرطة في المجال، قادمين من مختلف دول وجامعات العالم، واستغرق المؤتمر يومي 13-14 مارس 2018 في مبنى المكتبة في جامعة قطر، وقدمت خلاله أكثر من عشرين ورقة ومشروعا علميا طال مختلف قضايا وإشكالات حوسبة اللغة العربية.
الدكتور حسن الدرهم رئيس جامعة قطر قال في مفتتح المؤتمر إن الجامعة القطرية تولي اهتماما كبيرا لهذا الفضاء التحديثي المهم، الذي ينسجم مع تطلعات الدولة ورؤية قطر 2030 التي تسعى إلى التنمية الثقافية وخاصة في مجال البحث العلمي المرتبط باللغة العربية، وأضاف إن التوصيات التي سيخرج بها المشاركون تمثل ترجمة عملية لقانون حماية اللغة العربية، الذي أقره مجلس الوزراء.. منوها بالشراكة البحثية بين الجامعة والمنظمة العالمية للنهوض باللغة العربية.
ويسعى المؤتمر إلى إبراز أهمية اللسانيات الحاسوبية والمعالجة الآلية للغة العربية في مجتمع المعرفة، وربط موضوعات البحث العلمي في هذا المجال بحاجات هذه اللغة وتشجيع البحث العلمي المشترك بين المؤسسات ومراكز الأبحاث المتخصصة في هذا المجال داخل الوطن العربي وخارجه.
إضافة إلى رصد النتائج العلمية والمستجدات في مجال الموارد اللسانية والتطبيقات الحاسوبية، ورصد الأعمال النظرية والإنجازات التطبيقية في حقل المعالجة الآلية للغة العربية، والوقوف على التطورات الهائلة التي يشهدها مجال هندسة اللغة في مختلف الحقول التخصصية الفرعية ذات الصلة.
ومن القضايا التي ناقشها المؤتمر قضية المدونات اللغوية ومجالات استخداماتها وتقانة التعرف الآلي على الأصوات العربية وتخليق الكلام وتطبيقات التعرف الضوئي على الحروف العربية وما يطرحه من مشكلات لغوية وتقنية، وكذا الترجمة من اللغة العربية وإليها، وآلية استرجاع البيانات والتنقيب عن المعلومات باللغة العربية، التحليل الآلي للآراء والمشاعر والاهتمامات على شبكات ومدونات التواصل الاجتماعي باللغة العربية، وما يمكن أن يفتح من آفاق للباحثين والدارسين، وتأثير التطور والتراجع فيه على مدى نجاعة السياسات اللغوية.
كما ناقشت بعض أوراق المؤتمر قضايا العنونة الصرفية والنحوية للنصوص العربية وتطبيقاتها العملية، والتحليل الدلالي الآلي للنصوص العربية وتصنيفها موضوعيا، وحوسبة المعجم العربي وتطوير قواعد البيانات العربية وما يستتبع ذلك من إشكالات ترجع في أساسها لخصوصية اللغة العربية في بنيتها المعجمية والتركيبية وما يستدعيه ذلك من تنمية وتشجيع البحث في مجالات الحاسوب الآلي حتى تتمكن الأمة من إنتاج أدواتها المناسبة لطبيعة لغتها.
ولم يغفل المؤتمر قضايا الطفل العربي من حيث حاجته لحصانة وتمكين لغويين، وحقه في توفير لغته العربية على الوسائط والبرمجيات الحديثة بما يلائم عمره ومداركه الذهنية والتعليمية، وفي هذا الإطار قدمت ورقةبعنوان: “نحو بناء معجم للفصيح من مسموع الطفل العربي”.
وقد أوصى المؤتمرون في بيان قرأه رئيس قسم اللغة العربية بجامعة قطر الدكتور رشيد بو زيان في ختام المؤتمر بتوصيات مهمة منها جعل حوسبة اللغة والمعالجة الآلية للغة العربية أولوية بحثية وتعليمية من أولويات الجامعات العربية واهتماماتها البحثية وفي صميم خططها الدراسية بصفتها تخصصا رئيسا.
وكذا تعزيز حضور اللغة العربية باعتبارها لغة الثقافة والفكر والتداول اليومي، وسن القوانين اللازمة لجعلها لغة الإدارة والمخاطبات الرسمية في مختلف الدول العربية، وتعضيد ذلك في الجامعات من خلال إنجاز أبحاث ودراسات بينية ذات مردود فعلي في ميدان البرمجة والمعالجة الآلية للغة العربية حيث إن البرمجيات الآلية اصبحت واقعا تلزم مواكبته، وأي لغة تتخلف عن ركب التقنية تحكم على نفسها وعلى ثقافتها والناطقين بها بالفناء.
كما أوصى البيان بضرورة انفتاح جميع أقسام كليات الآداب على الإنسانيات الرقمية أكاديميا وبحثيا وأن تدرس المعلوماتية كعلم وليست كأداة، لأن الحاجة إليها تحولت من حاجة جزئية إلى ضرورة واقعية ضاغطة، يلزم التعامل معها بما يلزم لرفع التحدي وقيادة المبادرة في المستقبل، ويستدعي ذلك –حسب البيان- تشكيل فرق بحثية مشتركة بين المراكز المهتمة بالمعالجة الآلية للغة العربية في أنحاء العالم كافة وخاصة بين الجامعات العربية.
وختم المشاركون بيانهم بالدعوة لإنجاز منصة تجمع المشتغلين في حوسبة اللغة العربية وتوفير الموارد اللغوية والمدونات الكاملة لهم، من أجل تنسيق الجهود والاطلاع على المشاريع الداعمة للفكرة والخادمة لتطوير حوسبة اللغة العربية.