تقع مدينة بوندوكو في الناحية الجنوبية من دولة كوت ديفوار، و مع أن الاسم الرسمي للمدينة هو بوندوغو إلا أن شهرتها التي تميزت بها هي مدينة الألف مئذنة أو مدينة الألف مسجد.

 

و مع تراجع أعداد المساجد حاليا في المدينة، فإن المدينة لازالت تحتفظ شعبيا بتسميتها القديمة،و التي تجد لها اليوم شواهد حية  بكثرة مساجد المدينة إذ لا يخلوا حي أو منزل من أحياء المدينة القديمة و منازلها من مسجد أو مصلي خاص به.

و يعتبر مسجد أبوبكر توري حاليا احد أهم مساجد المدينة، و قد بني المسجد الشيخ المجاهد ساموري توري الذي وصل البلدة في نهايات 1800 قادما من غينيا كوناكري.

و مع أن المسلمين يشكلون الغالبية العظمي لساكنة المدينة، ففي المدينة أيضا توجد أقلية مسيحية ضرب المسلمون المثل في التعايش و التسامح معها.

تاريخ المدينة

و كانت بوندوكو في البداية عبارة عن منطقة للصيادين الوثنين قبل أن تسكنها قوميات أخري و يأتي المسلمون لاحقا،و وفق احمد باب التمبكتي فإن بناء المدينة يعود إلي سنة 1043 الميلادي، و وقع ملوكها من غير المسلمين معاهدات صلح مع المستعمر الفرنسي سنة 1888 ، و هي السنة التي دخل فيها المستعمر الفرنسي للمنطقة.

و عُرفت  المنطقة قديما باسم “بيتو”، قبل أن تطلق عليها تسمية “بوندوغو”، و كانت احدي النقاط التجارية المهمة في المنطقة و التي امتازت بتجارة الملح و الذهب.

و تُقدر السجلات الاستعمارية سكان المدينة في القترة سنة 1888 ما بين 2500 بحوالي 3000 نسمة. في سنة 1897 دخل المنطقة المجاهد ساموري توري، لكنه لم ينازع القيادات التقليدية الوثنية للمنطقة سلطنهم و ذلك  مقابل إبرام صلح يقضي بإقامته بالبلدة و السماح له بنشر الإسلام و  تجهيز جيشه و الإعداد للمعركة مع الفرنسيين، و قد مكنت هذه المقاوم ساموري توري الذي اشتهر بقيادة جهاد مسلح ضد الفرنسيين في منطقة غرب إفريقيا، كما قام ببناء  مبني ضخما يعتبر لحد الساعة أحد المباني التي بنيت على طريقة بناء المباني في منطقة الساحل.

من أعلام المدينة المعاصرين الإمام كوني قدوس الذي ناهض سياسيات حكم نظام الرئيس لوران اغباغبو المعادية للمسلمين، و قد تعرض سكان المدينة من المسلمين للكثير من التضييق و التهميش أثناء حكم اغباغبو نظرا لرمزيتها الدينية و مكانتها في قلوب مسلمي البلد بل و في قلوب مسلمي شبه المنطقة.

و كانت سياسات اغباغبو، الذي حكم في الفترة ما بين 2001 و 2010، من اخطر السياسات التي استهدفت المسلمين بكوت ديفوار، حيث أسس جهازا باسم كتائب الموت كانت مهمته تقوم على  تصفيات أئمة و دعاة المسلمين و شخصياتهم المؤثرة  وحَرقِ مساجدهم.

كنيسة للفت النظر

 و يعتبر مراقبون أن الشهرة الدينية لبوندوكو بالمنطقة و ارتباط اسمها بالمساجد كان وراء بناء رئيس البلاد الراحل فليكس فوت بوني لأكبر كنيسة بغرب إفريقيا بمدينة ياماسوكرو العاصمة السياسية للبلد من أجل إعطاء صبغة مسيحية لهذه الكنيسة التي انفق على بنائها أمولا طائلة و دشنها البابا يوحانا بولس الثاني سنة 1990، في خطوة تعكس تنبي الفاتكان للكنسية التي تعتبر أهم معلم كنسي كاثوليكي بالقارة السمراء.

و تقع كاتدرائية “نوتر دام” على مساحة تزيد على 130 هكتار، و استمر بنائها أربع سنوات، و يزيد ارتفاعها على 158 متر و تسع الكاتدرائية ل 18 ألف شخص منهم سبعة آلاف جالسين، و تحمل واجهتها صليبا ضخما مرصع بالذهب يبلغ طوله 17 متر.