لا توجد تجربة في حياة الإنسان تضاهي ولادة طفل في أهميتها، وعادة ما يبدأ أي زواج بأحلام كثيرة، يأتي على رأسها حلم الإنجاب الذي يتبعه خوض تلك التجربة الأهم.ويتعرض بعض الأزواج لاختبار تأخر الإنجاب، ومع الأسف لا توفق نسبة كبيرة منهم في هذا الاختبار، ويخسر بعضهم دنياه، والبعض الآخر يفقد جزءًا (غاليا) من دينه، ونسبة لا بأس بها تخسر الاثنين معًا.
من أهم أخطاء التفكير التي يقع فيها بعض من يتألمون من مسألة تأخر الإنجاب التعامل مع هذا التأخر على أنه عقاب من الله عز وجل، ولا شك أن هذا منفذ من منافذ إبليس، يتسلل به إلى هؤلاء ليفسد عليهم دينهم ودنياهم، ويحرمهم من فرص الفوز بأجر الصابرين على الابتلاء، فضلا عن السعي للأخذ بالأسباب، وهو ما يعنينا.
لذا نقدم لكل زوجين من خلال بعض الكتابات، خلاصة ما توصل إليه العلم والاستشارات الطبية والصحية حول تأخر الإنجاب من خلال استشارات واقعية من مختلف الدول العربية.
وحصدت ردود تلك الاستشارات خبرة لا بأس بها، تضع لنا بروتوكولا للتعامل مع تأخر الحمل أخذا بالأسباب كما قال ابن رجب رحمه الله: “واعلم أن تحقيق التوكل لا ينافي السعي في الأسباب التي قدّر الله سبحانه المقدورات بها، وجرت سنته في خلقه بذلك”، فالسعي في الأسباب بالجوارح طاعة له، والتوكل بالقلب إيمان به.
العلم والتأخر في الإنجاب
وهناك مسألة هامة لا بد من الالتفات لها قبل القول بتأخر الانجاب أو تأخر الحمل، وهي أن التفكير والقلق في هذه المسألة يبدأ بعد مرور عام كامل على الزواج في حال عدم استخدام أي موانع للحمل، وفي حال بقاء الزوجين معا يتجامعان جماعًا كاملا دون فترات انقطاع كالسفر وخلافه.
وبعد مرور هذا العام تبدأ رحلة البحث عن الحمل -في حال عدم حدوثه- والتي نؤكد على أنها مسئولية مشتركة بين الزوجين لا بد أن يتحملا عناءها معا، أيا كان الطرف المتسبب.
على الرغم من وجود أسباب عديدة لمسألة التأخر في الإنجاب أو الحمل، فقد حقق العلم الحديث -بفضل الله تعالى- تطورات مذهلة في مجال الإخصاب المساعد مكنت كثيرا من الحالات من أن ينجبوا بعد أن كادوا أن ييأسوا من هذا الأمل، ولكن يجب أيضا أن نعرف أن العلاج الدوائي مهما كان فإن فائدته محدودة للغاية، ولا يوجد ما يزيد من عدد الحيوانات المنوية سواء كان دواء أو غذاء أو جراحة. ولكن إن لم يحدث الحمل بشكل طبيعي خلال السنة الأولى من الزواج فالحل دائما هو اللجوء الطبيب، ومن ثم إلى وسائل الإخصاب المساعد، فطالما وُجدت الحيوانات المنوية فلا يأس من الإنجاب.
هناك حالات يتعذر فيها الحمل بشكل طبيعي، وتكون المشكلة من الزوجة وليس من الزوج، وعلى الرغم من هذا فإن الزوج قد يكابد عناء وسائل الإخصاب المساعد مع زوجته دون ملل أو كلل.
الحمل فور الزواج
ليس بالضرورة أن يحدث الحمل فور الزواج، ولكن لا بد من إعطاء الفرصة للحمل الطبيعي لمدة عام كامل بعد الزواج، وكم من حمل حدث دون تدخل -تلقائيًّا- بعد شهور من الزواج بشرط أن يكون التحليلات الخاصة بالزوج سليمة، وأن يكون الزوج متواجدًا مع زوجته باستمرار.
يجب بالإكثار من الدعاء إلى الله تعالى والاستغفار، فكما قال تعالى: ]فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا* يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا* وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا[ [نوح: 10-12].
همسة للزوجين
إن الإنجاب نعمة عظيمة لا يعرفها إلا من حُرِمَ منها، ولكنها ليست الهدف الوحيد من الزواج، بل الهدف الأساسي منه هو تحقيق المودة والرحمة وإيجاد السكينة بين الزوجين، قال الله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ [الروم: 21].
وأخيرا نذكِّر بالتوجه إلى الله بالدعاء، فـ “الفرج والروح في اليقين والرضا، والهم والحزن في الشك والسخط” كما روي عن عبد الله بن مسعود.
وكذلك الإكثار من الاستغفار، فكما قال تعالى: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا* يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا* وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا﴾ [نوح: 10-12 ].