(وَلَا عَلَى ٱلَّذِینَ إِذَا مَاۤ أَتَوۡكَ لِتَحۡمِلَهُمۡ قُلۡتَ لَاۤ أَجِدُ مَاۤ أَحۡمِلُكُمۡ عَلَیۡهِ تَوَلَّوا۟ وَّأَعۡیُنُهُمۡ تَفِیضُ مِنَ ٱلدَّمۡعِ حَزَنًا أَلَّا یَجِدُوا۟ مَا یُنفِقُونَ)
[سورة التوبة 92]
ناسب المقال في دقائقه وعمق معناه واقع الحال؛ وتلك هي البلاغة في غاية البيان!
فلم يرد التعبير المعهود (تفيض دموعها) لأنه تعبير عن فيضان الدمع بوضعه المعهود، وأما (تفيض من الدمع ) فاختلاف في المبنى لاختلاف جديد في المعنى.
ولا شك أن فيض دموعهم كان بغزارة منقطعة النظير؛ لزمه مخالفة المعهود من التعبير، وخلده البيان الحكيم، فدمعهم لايفيض من أعينهم، وإنما أعينهم تفيض من الدمع!
ذلك أن (من) هنا أفادت معنى التجريد؛ فجردت من الدمع عينا دامعة، ليس لها من صفات العين شيء من الإبصار ونحوه إلا فيضان الدمع، وهذا لاشك أقوى من التعبير (تفيض دمعا) ؛ لأن الأخير لا يجردها من خصائصها الأخرى، مع فيضان الدمع منها.
والله أعلم وأحكم.