في عصرنا الرقمي الذي نعيشه والمتميز بسرعته، بدأت القيم والمفاهيم والثقافات تتبدل شيئاً فشيئاً بحسب سرعة التغيرات والتحولات الحاصلة في زمننا هذا، حتى اختلطت الثقافات ببعضها البعض، وصارت الدول تبذل جهودها في سبيل المحافظة على ما تبقى من قيمها وثقافتها وصورتها بشكل عام.

 واحدة من الثقافات التي ظهرت في عصر الانترنت ومن بعد أن صار كثيرون يتقنون التبحر فيه والتواصل مع الآخرين، سواء كانوا على شكل أفراد أو مؤسسات أو مجتمعات حقيقية أو افتراضية، هي ثقافة التمرير.. فما هي هذه الثقافة؟

 أبسط توضيح لهذه الثقافة ما تقوم به أنت وأنا وذاك وأولئك، من تمرير رسالة تصلنا على البريد الإلكتروني أو عبر أي وسيلة من وسائل التواصل الالكتروني، والهواتف أبرزها، يكون محتواها مثيراً أو محط إعجاب، فنقوم بكل سهولة ويسر بتمريرها إلى الزملاء والأصدقاء والأقارب، سواء في المدينة نفسها أو خارج البلد أو أي موقع بالعالم، ويتم ذلك التمرير في غضون ثوان معدودة.

 تلك هي الثقافة التي أعنيها وأرغب في التوقف قليلاً عندها لتوضيح بعض النقاط.. أول تلك النقاط هي أن لها إيجابية وسلبية في الوقت ذاته، ولكن من الممكن تعـزيز الإيجابية والتقليل من السلبية وهذا مقصد الحديث اليوم.

 الإيجابية الطيبة في هذه الثقافة أن أحدنا يتذكر أصدقاءه وأحبابه حين تصله رسالة فيها كلمات منتقاة جميلة ومعبرة أو نصائح طبية أو فكاهة أو علم جديد أو تنوير أو تثقيف، فتحث نفس أحدنا على تمرير الرسالة إلى من نعرفهم، فنظل بهذه الطريقة وبواسطة وسائل الاتصال على تواصل مع الغير حتى وإن كنا لا نراهم أو نتواصل معهم بصوت وصورة.

 ألا تعتقدون معي بأن هذه الطريقة أفضل من عدم التواصل نهائياً أو التواصل بين كل حين وحين، الذي قد يطول ؟ إذن طالما والحال هكذا، لم لا نعززها ونتواصل مع أحبابنا عبر هذه الطريقة الحديثة، وإن كانت بالطبع لا تغني عن الطرق التقليدية المعروفة عبر الهواتف والزيارات وغيرها من طرق التواصل..

 لكن سلبية هذه الطريقة أو هذه الثقافة هي إمكانية إحداث خلل أو سوء فهم أو مشكلات بعض الأحيان بسبب التسرع في الإرسال وعدم التثبت من صحة المعلومات والمحتويات ومعرفة مصادر الخبر أو المعلومة، خصوصا إن كانت المحتويات دينية أو صحية على وجه الخصوص. إذ إنه كثيراً ما تصلنا رسائل تحتوي على معلومات غير دقيقة وأحيانا غير صحيحة، فنقوم بتمريرها بحسن نية، ولكن يتبين لنا من بعد التحقق عدم صحتها، وغالباً يحدث التصحيح بعد أن تكون الرسالة قد انتشرت ووصلت إلى الآلاف في غضون دقائق معدودة.

المسألة بكل اختصار ووضوح ليست صعبة ولكنها تحتاج إلى شيء من الصبر وشيء من إعمال العقل قبل أن يضغط أحدنا زر التمريرفي هاتفه أو حاسبه الآلي، من أجل نحافظ على إيجابية هذه الثقافة، وحتى لا نفقد الثقة في رسائل بعضنا البعض..

 إن كنت مقتنعاً بما أقول، فأرجو تمرير هذه المقالة لأحبائك، لفهم وتصحيح ثقافة التمرير هذه، أو فكّر في الأمر وتحقق من رأيي الشخصي قبل الإرسال، من أجل أن تحافظ على أصدقائك وأحبابك وثقتهم في رسائلك.. وأحسب أن هذا أول اختبار عملي لك من بعد أن تقرأ هذه المقالة، وأرجو أن تنجح فيه.. ومن المؤكد أنك ستنجح بإذن الله..