( إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ۗ )
لا يكون تغيير الله ما بقوم حتى يكون منهم العزم والإرادة الصادقة في التغيير؛ فتمتد لهم معونة الله بالتوفيق والأخذ بأيديهم إلى بر الأمان.
ومن دقائق نظم القرآن في هذا المقام أنه استعمل (ما) الدالة على الإبهام فهي أبهم الموصولات، فلم يقل: حتى يغيروا الذي بأنفسهم؛ للدلالة على التغيير العميق الخفي لما أبهم في زوايا النفوس، وخلجات الضمائر، والأفكار، والمفاهيم والسلوك، وما دق وخفي على الأنظار ويعلمه العزيز الغفار.
ثم استعمل البيان الباء فقال: ما بقوم، ولم يقل: لا يغير قوما، فالتغيير ليس باستبدال الأقوام، وإنما تغيير ما التصق بدخائل نفوسهم، وخلجات ضمائرهم، والأفكار.
إنه التغيير العميق الذي يتجاوز المظهر إلى الجوهر، والحس إلى أعماق النفس، حينها فقط يأتي التوفيق الإلهي منه- عز وجل- بتغيير أحوالهم، وإصلاح أنفسهم.