في هذه الوقفة التربوية نتحدث عن خدمة الرجل أهل بيته، فكثير من الرجال يظن ذلك ضعفا وتحكما من الزوجة وسيطرة منها وقد نسي أو تناسى أن أكرم البشر وخير من وطئ الثرى صلوات الله وسلامه عليه كان يكون في مهنة أهله.

ففي صحيح البخاري عَنِ الأَسْوَدِ ، قَالَ: ” سَأَلْتُ عَائِشَةَ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ؟ قَالَتْ: كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ ” . وفي رواية عند أحمد “كَانَ يَخِيطُ ثَوْبَهُ ، وَيَخْصِفُ نَعْلَهُ، وَيَعْمَلُ مَا يَعْمَلُ الرِّجَالُ فِي بُيُوتِهِمْ “.

النبي لم يكن بشرا عاديا بل كان خاتم الرسل كان معظما مهيبا ما كانت العيون تطيق أن تمتلئ منه إجلالا له ومع ذلك كان مع أهله يلاطفهم ويضاحكهم، ويحلب شاته بنفسه، ويخيط ثوبه بنفسه، لم يكن ذلك لكونه فقيرا لا يجد ما يستأجر به خادما.

وراودته الجبال الشم من ذهب
عن نفسه فاراها أيما شـــــــــمم

وكان صحابته يتفانون في خدمته ويود أحدهم لو يطلب منه فعل شيء ونساؤه كذلك ولكن هي العظمة في أبهى تجلياتها.

تحدث عائشة رضي الله عنها قائلة : “كان رسول الله إذا خلا في بيته ألين الناس، وأكرم الناس، كان رجلاً من رجالكم إلاّ أنه كان ضحّاكًا بسّامًا، وما كان إلاّ بشرًا من البشر، كان يكون في مهنة أهله -يعني خدمة أهله- يخصف نعله، ويخيط ثوبه، ويحلب شاته، ويخدم نفسه، ويعمل في بيته كما يعمل أحدكم في بيته”.

لقد كان الحبيب صلوات الله وسلامه عليه يعيش مع أهله بساطة الحياة الأسرية وعفويتها، فلا ترى فيه زوجه إلاّ الزوج الوادّ الرحيم، وهو سيد ولد آدم وإمام البشرية، والعظيم لا تمتلئ الأعين من النظر إليه مهابة وإجلالاً، ولكنه يعيش في بيته ومع أهله زوجاً أولاً.

ما أجمل أن تشعر الزوجة أن زوجها لا يكتفي فقط بتقدير جهدها؛ إنما يُساعدها في أداء بعض أعمال المنزل، ولنا فيه أسوة حسنة.