في إطار الدوحة عاصمة الثقافة الإسلامية، أظهر برنامج “الخيمة الخضراء” في نسخته الرمضانية للعام الحالي، تفاعلا والتزاما بواجبه الاجتماعي في نشر الوعي، وتبادل المعلومات في مجالات وقضايا متعددة اقتصادية واجتماعية وصحية ذات بعد إسلامي وإنساني، من بينها 3 ندوات كاملة تتناول من جميع الجوانب دور الوقف الإسلامي الذي لعبه بأوجه الحياة في المجتمع القطري والمجتمعات الإسلامية والإنسانية.
وتستضيف “الخيمة الخضراء” كل ليلة خلال شهر رمضان، عن بعد عبر تطبيق زوم، بسبب فيروس كورونا، العديد من المثقفين والعلماء والمتخصصين من قطر والوطن العربي وشتى أرجاء العالم، لإبراز أهم المواضيع التي تتناول اهتمامات شرائح المجتمع المختلفة، بما يحقق المصلحة العامة.
وتناولت الفعالية إسهامات الوقف الإسلامي في جودة الحياة وكرامة الإنسان، حيث امتدت مساهمات الوقف الإسلامي السخية ورجاله إلى قطاعات التعليم والصحة والتنمية المستدامة والصناعة والتدوير وحتى قبل أن يعرف العالم المعاصر التدوير.
كما ساهمت الأوقاف الإسلامية في مشروعات التنمية الزراعية والصناعية وبناء الجسور والترع وحفر الآبار وكلها كانت مشروعات تخدم المجتمعات، ورجال الأوقاف لم يتركو شيئا إلا وساهموا فيه حتى أن مساهماتهم برزت في الفنون الإسلامية، وتطور الأوقاف إلى درجة وجود مصارف تخصها بشتى المجالات.
جدارة الدوحة عاصمة للثقافة الإسلامية
كثير من الأكاديميين وأصحاب الرأي والمفكرين والفنانين والشعراء المشاركون في “الخيمة الخضراء” أكدوا على جدارة الدوحة عاصمة للثقافة الإسلامية نظرا لجهودها الكبيرة في تفعيل دور المشهد الثقافي وأياديها البيضاء الممتدة لكل المجتمعات المحتاجة وتدخلاتها لتعزيز الأمن وتحقيق السلام في كل ربوع المعمورة.
وتحدثت الشاعرة هاشمية موسوي من سلطنة عمان عن جدارة الدوحة بأن تكون عاصمة الثقافة الإسلامية نظرا لجهودها في تعزيز التنوع الثقافي وتفعيل دور المشهد الثقافي من خلال دعم الفعاليات وتنظيمها لجميع المقيمين على أراضيها، مشيرة إلى أن الثقافة في قطر ليست أدبيات نظرية لحضارة من الحضارات أو أمة من الأمم بل هي واقع يعاش ونظام وطريقة تفكير وسلوك يمارس في الحياة اليومية.
وأكدت سعي قطر الدائم لنشر الثقافة الإسلامية بمد يد العون للمجتمعات المحتاجة خارج حدودها وأياديها البيضاء لمختلف الأجناس والأعراق وسعيها لنشر السلام والأمن ونزع فتيل الحرب وإصلاح ذات البين وفض الخصومات في مختلف دول العالم إضافة إلى مساهماتها المحلية والإقليمية إنسانيا واجتماعيا وثقافيا وجهود مؤسساتها البحثية والثقافية والعلمية.
كما أشاد الدكتور يحيى زكريا الأغا المستشار الأول بالسفارة الفلسطينية بالدوحة بالفعاليات التي تقوم بها دولة قطر لاسيما المتعلقة بالدوحة كعاصمة للثقافة الإسلامية خاصة وأنها تستند إلى تنمية الفكر البشري وبناء الشخصية والنهوض بالمجتمع والوطن، مشيرا إلى أن مثل هذه الفعاليات تحتاج إلى التميز في التفكير والتنوع في الحركة الثقافية.
ولفت إلى أن الدوحة أمامها تحد كبير لإبراز الصورة الواقعية للدوحة بما تمثله من واحة علمية وفكرية عالية القيمة ترتكز على بناء الإنسان من خلال مراكزها الثقافية الريادية والمتاحف عالمية المستوى ودورها في نشر الفن والفكر والإلهام والحي الثقافي كتارا والنادي العلمي والجامعات النوعية والمختبرات العلمية بما تقدمه من ابتكارات تعزز الهوية العربية الإسلامية ودورها في بناء الشخصية القطرية.
الإسلام وسنة الاختلاف والتنوع بين البشر
من جانبه، تحدث الدكتور نبيل درويش من قطر عن سنة الاختلاف والتنوع بين البشر وكيف أن الإسلام أسس للعلاقة بين الحضارة الإسلامية وغيرها من الحضارات عبر العصور، مشيرا إلى أن الإسلام يبني حضارته على مجموعة من الأسس التي كتبت لها الاستمرار والبقاء .
وحدد درويش هذه الأسس في أن الحضارة الإسلامية ملك للبشرية وليست حكرا على المسلمين وحدهم.. أن هدفها تحقيق سعادة الإنسان والاعتراف بالتعددية الدينية وبالحق في الاختلاف والتنوع المبني على التعارف والتآلف والتعايش وتبادل المنافع والمعارف.. أنها أقرت مبدأ الدفع الحضاري الذي ينتهي إلى عمارة الكون وتحقيق المنافع وليس صراع الحضارات والبقاء للأقوى.. الإيمان بالالتقاء والتفاعل والتعايش بين الحضارات.. عدم احتكار المنجز الحضاري أو استغلاله.. الاعتراف بحقوق الإنسان وتنظيم العلاقة بين المسلمين وغيرهم المبنية على التعايش السلمي وحرية العقيدة والرأي والاعتراف بحقوق الأقليات والطوائف.
دور قطر في خدمة ونشر الثقافة الإسلامية
وتحدث مشاركون في ندوة “الخيمة الخضراء” التابعة لبرنامج “لكل ربيع زهرة” التي أقيمت تحت عنوان (الدوحة عاصمة الثقافة الإسلامية “ثقافتنا نور”) عن دور دولة قطر في خدمة ونشر الثقافة الإسلامية وأهمية إنعاش وتخليد الأمجاد الثقافية وإبراز المضامين والقيم الإنسانية للحضارة الإسلامية وكذلك أثر الحضارة الإسلامية على النهضة العلمية في العالم وتعزيز الحوار بين الثقافات، وإشاعة قيم التعايش والتفاهم بين الشعوب.
وقال الدكتور سيف بن علي الحجري رئيس برنامج “الخيمة الخضراء” التابع لبرنامج “لكل ربيع زهرة” أن المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة “الإيسسكو” وضعت برنامج عاصمة الثقافة الإسلامية منذ 2005 بأن تُمنح سنويا إلى ثلاث مدن إسلامية، بواقع مدينة عن كل من المناطق الإسلامية، حيث وقع الاختيار في 2021 على الدوحة / قطر عن العالم العربي ، وبانجول / غامبيا عن إفريقيا ، وإسلام آباد / باكستان عن آسيا حيث تمتد الاحتفالات على مدار العام الجاري .
وأكد الحجري أن برنامج الدوحة كعاصمة للثقافة الإسلامية يهدف إلى نشر الثقافة الإسلامية وتجديد مضامينها، وإبراز المضامين الثقافية والقيم الإنسانية للحضارة الإسلامية، وتعزيز الحوار بين الثقافات والحضارات وإشاعة قيم التعايش والتفاهم.
وبين أن اهتمام دولة قطر بالثقافة بدأ منذ نشأتها بتشجيع العلماء والكتاب والمثقفين، وإقامة الندوات والمؤتمرات، والاستثمار في التعليم العام والجامعي، والعناية بالجامعات والمدارس والمتاحف وإنشاء الساحات الثقافية والحي الثقافي والصالونات والمنتديات والمراكز الثقافية العامة والخاصة والمجتمعية، إضافة لإسهاماتها الثقافية على المستويين الإقليمي والدولي، مشيرا إلى أن الدوحة تعد لإقامة أكثر من 500 فعالية خلال العام الجاري، تحت شعار “ثقافتنا نور” سعيا إلى التشجيع على الإبداع والابتكار، وتعزيز الموروث الثقافي الإسلامي، والترويج للقيم الإسلامية القائمة على العلم والكرامة الإنسانية، والتركيز على التنوع الثقافي كقيمة مضافة للدول الإسلامية وللثقافة الإسلامية عامة، وكذلك التعريف بالتجربة الثقافية لدولة قطر وجهودها لتعزيز الثقافة الإسلامية.
إنعاش الأمجاد وقيم الازدهار الحضاري الإسلامي
في الإطار ذاته، أشاد عدد من المتحدثين والشعراء والأكاديميين والفنانين بالخطوات الواسعة التي اتخذتها قطر في تنظيم الفعاليات العلمية والثقافية والسياحية والأنشطة الشبابية ووضع الاستراتيجيات التي تطورها وتطبقها المؤسسات العلمية والثقافية، مؤكدين على جهود الدولة في تعزيز التنوع الثقافي وتمازجه واعتنائها بالبرامج الثقافية من خلال الجامعات والمراكز البحثية والفعاليات الكثيرة والجوائز المرصودة في أدب الطفل والكتابة الدرامية وغيرهما، وأعربوا عن أملهم أن تعود الدول العربية منارة للثقافة والعلوم وأن تحوي مدنهم أفضل وأرقى المراكز العلمية في العالم كما كانت في فترات سابقة .
وركز المشاركون في هذه الفعالية على دور دولة قطر الكبير والأساسي ومساهماتها في خدمة ونشر الثقافة الإسلامية بما تقدمه من فعاليات وأحداث يتردد صداها في مختلف الدول ولفترات طويلة من الزمن، مؤكدين أن الثقافة في قطر واقع معاش وحياة يحياها المجتمع كله على اختلاف انتماءاته وأعراقه.
وأبرز المشاركون في “الخيمة الخضراء” أهمية إنعاش الأمجاد الثقافية والمبادئ والقيم التي تؤكد الازدهار الحضاري الإسلامي وربط الشباب بها وتمكينهم من حضارتهم ووسائل تفوقها من خلال ربطها بالمناهج الدراسية والرحلات الميدانية للمواقع الثقافية وتنظيم الحملات التوعوية وتنظيم المؤتمرات والمنتديات التي تروج للثقافة المحلية فكل بلد عربي وإسلامي لديه ما يكفي من الإرث الحضاري الذي يستحق النشر والتعريف به.
العلماء العرب ونهضة العالم الغربي
وتحدث المشاركون كذلك عن دور العلماء العرب في نهضة العالم الغربي لافتين إلى أن المنطقة العربية مهد الديانات والحضارات القديمة و أن العلماء العرب تفوقوا في الكيمياء والفيزياء والطب ومختلف العلوم ولهم إسهامات كبيرة في علوم الزراعة والبيئة والحيوان.
وأسهم عدد من الفنانين والشعراء في الندوة بمجموعة من القصائد الشعرية بمناسبة اختيار الدوحة عاصمة للثقافة الإسلامية وقصائد أخرى في حب قطر وتمجيد أبنائها وإبراز جهودهم في نهضتها والتعريف بمدنها وأفضل الأماكن فيها مؤكدين على دور الشعراء في تعزيز ما تقوم به بلادهم وتوثيقه من خلال قصائدهم ومشاركاتهم في إحياء التراث العربي ومواكبة الأحداث وتوثيقها للأجيال المقبلة.