انتقل إلى رحمة الله تعالى اليوم الاثنين 11 أغسطس 2020 في جدة بالمملكة العربية السعودية، أمين عام مجمع الفقه الإسلامي الدولي، ووزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الاسبق الدكتور عبد السلام العبادي، عن عمر ناهز 77 عاما. وكان – رحمه الله – صاحب مكانة علمية رفيعة ولديه الكثير من الكتب القيمة والأبحاث النافعة والدراسات، وله إسهامات كبيرة في خدمة الإسلام والمسلمين على مدار عدة سنوات كثيرة، تولى فيها العديد من المناصب التي استطاع من خلالها أن يخدم الأمة العربية والإسلامية.
الدكتور عبد السلام العبادي أردني الجنسية، من مواليد الأردن عام 1943م، حاصل على شهادة الدكتوراة في الفقه المقارن من جامعة الأزهر بمرتبة الشرف الأولى، مع التوجيه بطباعة الرسالة وتبادلها مع الجامعات العالمية، قبل أن يصبح وزيرا للأوقاف ويعمل رئيسا لجامعة آل البيت ورئيس لمجلس الأمناء فيها، بالإضافة إلى منصب أمين عام وزارة الأوقاف والمقدسات في الأردن.
شغل الدكتور عبدالسلام العبادي العديد من المناصب المرموقة في السعودية والأردن منها وكيل وزارة الأوقاف ومدير عام مؤسسة تنمية اموال الايتام، وأمين عام الهيئة الخيرية الاردنية الهاشمية ورئيس اللجنة التنفيذية متطوعا.
ويعتبر – رحمه الله – شخصية لها مكانة علمية رفيعة، ولديه الكثير من الكتب القيمة والأبحاث النافعة والدراسات، منها التي أسهمت في تطوير وزارة الأوقاف بالأردن، حيث تسلم العبادي حقيبية وزارة الأوقاف خمس مرات، كانت أول مرة عام 1993، ويعتبر أكثر وزيرا تسلم الحقيبة نفسها، نظرا لتمسك رؤساء الحكومات في الأردن بشخصية العبادي لهذا الموقع بالنظر إلى انجازاته في الوزارة .وقد أتاحت له الفترة الزمنية التي قضاها في وزارة الأوقاف لاجراء وتنقيذ جميع الخطط والدراسات لتطوير هذه الوزارة .
نشأته ومؤهلاته
نشأ العبادي وترعرع لدى أسرة محافظة وملتزمة بالشريعة الإسلامية ثم أكمل دراسته الابتدائية والإعدادية والثانوية في المدرسة العلوية وكلية الحسين في عمان عام م1959 ، لينتقل إلى جامعة دمشق التي حصل منها على شهادة الليسانس في الشريعة الإسلامية ثم عاد إلى الأردن ليعمل مدرساً في المدارس الثانوية لمدة ثلاث سنوات ، ولكن طموحه دفعه للانتقال إلى جامعة الأزهر فحصل منها عام 1967 على درجة الماجستير في الفقه المقارن بامتياز من كلية الشريعة والقانون هناك، بالإضافة إلى بكالوريوس في الشريعة الإسلامية من كلية الشريعة والقانون، من جامعة دمشق (1963)م، ثم حصل على شهادة الدبلوم التمهيدي للماجستير في التاريخ الإسلامي من كلية دار العلوم بجامعة القاهرة سنة 1968 ، كما نال درجة الدكتوراه في الفقه المقارن بمرتبة الشرف الأولى مع التوجيه بطباعة الرسالة وتبادلها مع الجامعات العالمية من كلية الشريعة والقانون في جامعة الأزهر عام 1972 ، بعدها عَمل كعضو هيئة تدريس في الجامعة الأردنية في كلية الشريعة لمدة عشر سنوات. كما حصل أيضا على درجة الأستاذية بتعيينه أستاذا في الفقه المقارن في كلية أصول الدين في جامعة البلقاء التطبيقية (2003).
مؤلفاته ومشاركاته العلمية
لعبد السلام العبادي مؤلفات علمية عديدة ومنشورة وقد شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لوزارة التربية والتعليم في الأردن ومن أهم مؤلفاته العلمية:
- الإيمان بين الآيات القرآنية والحقائق العلمية
- دور الاقتصاد الإسلامي في أحداث نهضة معاصرة (مع آخرين)
- الضمان الاجتماعي بين الشريعة الإسلامية والنظم الوضعية
- الرعاية الأردنية الهاشمية للقدس والمقدسات الإسلامية فيها
- كتاب الثقافة الإسلامية لمعاهد المعلمين وعدداً من كتب التربية الإسلامية للمرحلة الثانوية
- فقه المعاملات (محاضرات ألقيت في معهد الدراسات المصرفية)
- 45 بحثاً قدمت للعديد من المؤتمرات والندوات العلمية(تناولت مواضيع كثيرة تهم المسلم في حياته فجاءت في مواضيع الفقه الإسلامي وأمور المال والاقتصاد ، الملكية في الإسلام ، حاجات الإنسان الأساسية وارتباطها بالأوضاع المعاصرة ، الزكاة ، التقريب بين المذاهب ، العولمة ، ضبط الرقابة الشرعية في ضبط أعمال البنوك..).
المناصب التي شغلها
شغل عبد السلام العبادي خلال حياته عدة مناصب منها:
- 1982 – 1988 وكيل وزارة الاوقاف (امينا عاما لها).
- 1989 – 1993 مدير عام مؤسسة تنمية اموال الايتام.
- 1993 – 2001 وزير الاوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية.
- 1990 امين عام الهيئة الخيرية الاردنية الهاشمية وورئيس للجنه التنفيذية متطوعا.
- 2001 – 2004 رئيس مجلس أمناء جامعة آل البيت.
- 2004 – 2005 رئيس جامعة آل البيت.
- 2005 وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية.
- 2009 – 2010 وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية.
- 2011 – 2012 وزير الاوقاف والمقدسات والشؤون
- 2012 وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية
- 2012 – 2013 وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلاميه
وحصل العبادي على العشرات من الأوسمة والجوائر مقابل تفانيه في عمله ولديه عدة أبحاث ومؤلفات، علما أنه كان قد عمل لسنوات في إدارة مؤسسة تنمية أموال الأيتام الأردنية والهيئة الخيرية الهاشمية.
وما يميز شخصية العبادي أنه تنقل في الكثير من الوظائف ذات الطبيعة الفقهية والشرعية ففي عام م1982 عَمًل وكيلاً لوزارة الأوقاف (أميناً عاماً لها) ثم مديراً عاماً لمؤسسة إدارة وتنمية أموال الأيتام. ونظراً لما تمتع به من صفات الاعتدال والوسطية ودماثة الخلق وهدوء جم في شخصيته كان محط اختيار الحكومات الأردنية التي تعاقبت في الفترة ما بينت عامي 1993 إلى م2001 حيث شغل منصب وزيراً للأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية ، وليس غريباً على شخص عَرف أحكام الدين والتزم بها ودرسها وحصل على أعلى الشهادات فيها إلا وأن يكون للعمل الخيري حظ وفير لديه ، فتراه قد عَمًل في المجال الخيري التطوعي أمينًا عاماً للهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية ورئيساً للجنة التعاون والتنسيق مع الشعوب الإسلامية منذ عام م1987 حيث دمج نشاطهما في نشاطات الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية عندما أسست سنة 1990م.
كيف عرفه الناس؟
عرفه الناس بأسلوبه الجميل وعطفه على الضعيف ومواساته للمكلوم ورأب صدع المنكسر، يجدد ثقته بمن أخطأ ثم رجع عنه ، ما رفع صوته على أحد ولا عنفه ، بل يسعه بخلقه.
يحمل الأستاذ عبد السلام العبادي فكراً نيراً في علم الفقه وأصوله والشريعة ومقاصد التشريع نابعاً من صميم القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة فكرا يحمل آفاقاً ويفتح أبواباً للدارسين ، كما أنه صاحب الحضور البارز في المنتديات والمؤتمرات الإسلامية في الأردن وبمختلف بلدان العالم حيث يساهم بفكره ورأيه متحدثاً وكاتباً يعرض جوانب من مبادئ الإسلام وتعاليمه كما يقدم بمقترحاته حلولاً للمشكلات والقضايا المعروضة.
كما عُرف الأستاذ الدكتور عبد السلام العبادي بنبل أخلاقه وكريم صفاته فهو الشخص الذي يلاقي الناس جميعاً بوجه مشرق ، بابه مفتوح على مصراعيه لكل مراجع أو مستفتْ أو متعلم يلقى الناس بكل تواضع فلا تفارقه ابتسامته العذبة الهشة له عبق خاص يجبرك على حبه واحترامه يحب ولا يكره ، يتواضع ولا يتكبر يجمع ولا يفرق يعيش بساطة الحياة ، يتدافع إليه البسطاء والفقراء والعامة فيكلم كلاً منهم على قدر ثقافته وعلمه ويقضي لهم مصالحهم دون تذمر أو ترفع عنهم فهذا التعامل البسيط البعيد عن التكلف ينم عن شخصية ونفسية عالية عظيمة القدر ، فهو الرمز والرقم الكبير في المعادلة الإسلامية.
إنجازاته في الأوقاف
حقق العبادي خلال تسلمه لحقيبة وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية العديد من الإنجازات يوجزها فيما يلي:
- إنجاز الإعمار الهاشمي الثالث للمسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة والذي تم بتبرع شخصي من الملك الحسين بن طلال من خلال لجنة إعمار المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة بالإضافة إلى إحالة عطاءات تنفيذ المرحلة الأولى لمشروع تطوير مقامات الصحابة في المزار والتي تشمل مسجد جعفر بن أبي طالب ومقام زيد بن حارثة رضي الله عنهما ومشروع مسجد أبي عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عنه في الأغوار الشمالية ومسجد إربد الكبير.
- إنجاز إعداد المخططات الخاصة ببقية المقامات والمساجد وذلك من خلال اللجنة الملكية لإعمار مساجد ومقامات الصحابة الشهداء وعشرات المشروعات الاستثمارية في مختلف مناطق المملكة.
- تطوير عملية الحج إسكاناً ونقلاً والبدء بالمشروع الشامل لتأهيل الوعظ وإنشاء مركز الحاسب الآلي في وزارة الأوقاف وتنظيم وتطوير العمل في دور القرآن الكريم والمدارس الشرعية وإصدار أسبوعية إعلامية عن وزارة الأوقاف باسم “الضياء” وتطوير العمل في مجلة “هدى الإسلام” والإعداد لطبعة جديدة للمصحف الشريف.
- إحياء كتب التراث الإسلامي.
أوسمته ونشاطه الفكري والأكاديمي
كان للعبادي مشاركات عديدة في مؤتمرات علمية وندوات أكاديمية في مجالات الفكر الإسلامي المعاصر والدعوة والتربية والاقتصاد الإسلامي والفقه والزكاة والحوار بين الأديان ، شارك في إعداد المناهج والكتب المدرسية والإشراف عليها في الأردن وسلطنة عُمان بالإضافة إلى إشرافه على العديد من الرسائل العلمية في الدراسات العليا الماجستير والدكتوراه في بضع جامعات، وهو عضو في لجنة الخبراء الدولية التي درست مشروع قانون الزكاة وتطويره ، وعضو في مجلس التصنيف الشرعي للوكالة الإسلامية للتصنيف وشارك في الاجتماعات التأسيسية لصندوق تثمير الأوقاف التابع للبنك الإسلامي للتنمية.
تم تعيينه عضواً في مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف بموجب قرار من رئيس مجلس الوزراء المصري، وتم اختياره نائباً لرئيس الهيئة الشرعية للرقابة والتصنيف التابع للمجلس العام للبنوك والمؤسسات الإسلامية بالإضافة إلى اختياره رئيساً للمجلس الاستشاري الأعلى للتقريب بين المذاهب الإسلامية المتعددة. كما اختير رئيساً للجمعية العمومية للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية ، بالإضافة إلى عضوية العديد من اللجان والمجالس والهيئات الإدارية والتي يصعب إحصائها وذكرها.
ونتيجة للجهود التي بذلها خلال تنقله في العديد من المناصب، فقد كان من الطبيعي أن يكافأ بأن يحصل على العديد من الأوسمة والجوائز التقديرية منها وسام الكوكب الأردني من الدرجة الأولى سنة م1993 ووسام الكوكب الأردني من الدرجة الثانية سنة م1987 ووسام الحسين بن طلال للعطاء المتميز سنة م2000 ووسام الثقافة والعلوم من الطبقة الأولى من مصر سنة م1992 ووسام الجمهورية من الدرجة الثالثة من جمهورية السودان وجائزة غاندي وكنج وكير الدولية سنة م2003 وحصل أيضا على الميدالية الفضية لمنظمة الحماية الدولية سنة م2004 ونال جائزة الدولة التقديرية والتشجيعية لعام م2006 في حقل العلوم الاجتماعية في مجال دراسات في الفكر الإسلامي بالإضافة إلى الكثير الكثير من الأوسمة والجوائز.