توفي الدكتور صالح بن زين العابدين الشيبي عن 79 عاما ودفن أمس السبت 22 يونيو 2024 م في مقبرة المعلاة بمكة المكرمة بعد حياة حافلة بالعلم والعمل فضلا عن دوره الهام كسادن للكعبة المشرفة.
من هو صالح بن زين العابدين الشيبي ؟
ولد الدكتور صالح بن زين العابدين الشيبي في مكة المكرمة عام 1366هـ / 1945مـ وتلقى تعليمه الأولي فيها ثم حصل على شهادة الدكتوراه في الدراسات الإسلامية من جامعة أم القرى، وبعد ذلك عمل أستاذاً جامعياً لعدة سنوات.
ويعتبر الدكتور صالح الشيبي هو السادن الـ77 منذ فتح مكة و109 منذ عهد قصي بن كلاب وانتقلت إليه السدانة بعد وفاة عمه عبدالقادر طه الشيبي سنة 1435 هـ /2014 م، أصبح “كبير سدنة بيت الله الحرام”.
خلال فترة توليه هذا المنصب، حرص الدكتور الشيبي على أداء مهامه بكل أمانة وإخلاص، حيث قام بفتح الكعبة وإغلاقها وتنظيفها وغسلها وكسوتها، واستقبال الزوار والضيوف. تميزت فترة خدمته بالحرص الشديد على صيانة الكعبة المشرفة والحفاظ على حرمتها.
وفي حوار سابق مع الدكتور صالح الشيبي – رحمه الله – مع مجلة الرجل قال : “سدانة الكعبة مهنة قديمة وتعني العناية بالكعبة المشرفة، والقيام بشؤونها، فتحا وإغلاقا وتنظيفا وغسلا وكسوة وإصلاح هذه الكسوة، إذا تمزقت، واستقبال زوارها، وكل ما يتعلق بذلك. ومن قبل بدء الإسلام، اختص أحفاد قصي بن كلاب بن مرة بسدانة الكعبة، ومنهم نسل آل الشيبي سدنة الكعبة الحاليين. وجرت العادة أن يوضع مفتاح باب الكعبة المشرفة لدى أكبر السدنة سنا، فقد أراد الله سبحانه وتعالى أن يكون للكعبة المشرفة سدنة، أي من هم مسؤولون عنها وأن يكون لها مفتاح، وقد تسلّمناه نحن آل الشيبي، وسدانة الكعبة ترجع الى تاريخ بنائها؛ فقد كان يقوم بأمر السدانة إسماعيل عليه السلام ثم من بعده ذريته. وينتهي نسب سدنة الكعبة المشرفة الحاليين إلى شيبة بن عثمان بن ابي طلحة، وقد أسلم عام الفتح على أصح الروايات”.
كان للدكتور صالح بن زين العابدين الشيبي – رحمه الله – مشاركات في المؤتمرات والندوات العلمية، وإسهاماته في مجال الدراسات الإسلامية حيث ألف مجموعة من الكتب منها: “الأصول الخمسة عند المعتزلة وموقف السلفيين منها” وكتاب “الجبر والاختيار في الفكر الإسلامي“، وتركزت مقالاته على تاريخ الكعبة المشرفة والجوانب الدينية والتاريخية للحج والعمرة.
السدانة عبر التاريخ
السدانة أو حجابة الكعبة هي مهنة العناية بالكعبة المشرفة والقيام بشؤونها والإشراف عليها بالإضافة إلى استقبال الزوار والضيوف، وتوضع مفاتيحها في عهدة رجل يتولى فتحها للحجاج عند القيام بمناسك الحج الموسمية وهو الذي يأذن للناس بدخول الكعبة.
تعود هذه المهنة إلى زمن النبي إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام، حيث كان إسماعيل عليه السلام هو أول من تولى السدانة بعد بناء الكعبة المشرفة.
وانتقلت بعد ذلك إلى أبناء إسماعيل عليه السلام مدة طويلة، ثم أخذها عنوة منهم جيرانهم وأخوالهم جرهم، ثم انتزعتها خزاعة من جرهم، ثم استردها منهم قصي بن كلاب وهو من أبناء إسماعيل ثم صارت من بعده في ولده الأكبر عبد الدار.
وكانت السدانة في أيدي بني عثمان بن عبد الدار وظلت في يدهم حتى فتح مكة وإسلام قريش. وكانت عند فتح مكة في أيدي أولاد أبي طلحة عبد الله بن عبد العزيز بن عثمان بن عبد الدار، حتى إذا فتحت مكة أخذ الرسول المفتاح من متسلمه، وفتح به الكعبة ودخلها. ولما خرج دعا عثمان بن طلحة من بني عبد الدار، وكان قد أسلم مع خالد بن الوليد في عام ٧هـ بعد أن قصد الرسول والمسلمون الكعبة للعمرة، فسلمه مفتاحها قائلا: “خذوها يا بني أبي طلحة بأمانة الله سبحانه وتعالى، فاعملوا فيها بالمعروف خالدة تالدة لا ينزعها من أيديكم إلا ظالم.
نسأل الله أن يتغمد الدكتور صالح الشيبي بواسع رحمته وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.