شكلت البنوك الإسلامية خلال الفرة الأخيرة إحدى أهم الخيارات المتاحة للطامحين إلى التعاملات البنكية الخالية من الربا. فخلال سنوات ما بعد الأزمة المالية 2008 التي ضربت النطام المصرفي وشكلت تحد كبير للمنطومة المالية الدولية بدأت الأنظار تتجه نحو الخيارات والبدائل المتاحة وكان في طليعتها نظام المالية الإسلامية.
يرتكز نطام المالية الإسلامية على ركائز ثلاث هي:
ـ البنوك الإسلامية:وتشمل التمويل، الودائع، الإستثمارات.
ـ سوق رأس المال الإسلامي ويشمل:الأسهم، السندات المالية الإسلامية.
ـ التكافل أو التأمين الإسلامي.
وفر النظام المالي الإسلامي ملاذا آمنا وخيارا استراتيجيا للمستثمرين الذين اكتووا بنار الأزمة المالية، وذالك من خلال تقديم فرص استثمارية بمعدل خطر أقل وفرص ربح أكبر. نتيجة لوضع المنافسة القائم الذي فرضه النطام المالي العالمي فإن الاستراتيجية الأهم والأقوى من أجل بقاء المصرف هي دراسة مدى رضا الزبون عن الخدمات المقدمة من طرف المصرف، وكذلك قدرة هذا المصرف على بناء جسر ثقة قوي بينه وبين زبنائه والمحافظة على هذه الثقة وتحسينها باستمرار مما يضمن الحفاظ على ولاء الزبناء في سوق شديدة التنافس.
يرى خبراء التسويق أن دراسة سلوك الزبون تشكل الركيزة الأهم لاستمرارية البنك ونجاحه. ولاتزال الدراسات في هذا المجال في ما يتعلق بالبنوك الإسلامية محدودة رغم دراسات من بعض الدول الإسلامية مثل أندنوسيا، ماليزيا، تركيا، قطر، البحرين، السعودية، باكستان ، الإمارات وغيرها.
بناء علاقة ناجحة بالزبناء
قدرة البنك على بناء علاقة قوية مع زبناءه هي إحدى العوامل الأساسية لإستمراره ، ويتم بناء هذه العلاقة من خلال تحسين الخدمات وتطويرها بما يستجيب لرغبة الزبون وتطلعاته. في هذا الصدد تركز أغلب الدراسات على مجموعة عوامل هي الأهم بالنسبة لمستخدمي البنوك ومن ضمن هذه العوامل :
ـ كفاءة الخدمة : تعني مستوى نجاح البنك في تقديم خدمته بنجاح وتميز للزبون وتعتبر هذه الخطوة بمثابة جسر بين البنك والزبون حيث تعطي امكانية للزبون لتقييم الخدمة وفي المقابل تمنح البنك فرصة للتعرف علي نقاط الضعف في خدماته المقدمة ومحاولة تحسينها في المستقبل. تشمل كفاءة الخدمة : موطفي البنك وطريق التعامل مع الزبناء، طريقة تقديم الخدمة، الخدمات والعروض المقدمة من البنك إضافة إلي الخدمات الإستشارية.
ـ سهولة الإستخدام:وتعني مرونة وسهولة استخدام الزبون لخدمات البنك وتشمل: الموقع الملائم لآلة السحب، مدة الإنتطار في الطابور، أوقات المداومة ، إضافة الي خدمات الانترنت والهاتف البنكية التى تسهل الخدمات للزبون و توفر عليه الوقت والجهد.
ـ تكلفة الخدمة: ويقصد بها المبلغ الذي يقتطعه البنك مقابل الخدمات التي يقدم، وتعتبر عامل أساسي لدي الزبون عند اختياره للمصرف وتشمل هذه التكلفة : التكلفة على التحويل، التكلفة علي بطاقة السحب، التكلفة على الإنترنت والخدمات الهاتفية البنكية.
ـ الإعلانات: تعتبر الإعلانات من أهم الوسائل المستخدمة في التعريف بالمنتجات الجديدة وعرضها. من خلال هذه الوسيلة يستطيع البنك تقديم خصائص ومميزات منتوجه الجديد. وتشمل هذه الاعلانات: تقنية الترويج التي يقوم بها البنك ومدى إستقطابها للجمهور وقدرتها على التأثر ، مدى ملاءمة موقع لوحات الإعلان.
تأثير جودة الخدمة على الإنتقال بين البنوك
لجودة الخدمة المقدمة من طرف البنك تأثير كبير في وعي الزبون و الحفاظ على ثقته وولائه، كما أن لغياب هذه الجودة أثر سلبي على البنك وسمعته، وأحيانا تدفع بزبناءه إلى البحث عن خيارات أخرى تلبي لهم طموحاتهم وتحقق لهم رغبتاهم. تشير أغلب الدراسات في مجال التسويق والتى استخدمت نموذج Brand – Switching Model أن إنتقال الزبون من بنك إلى آخر يعتمد بالأساس على جودة الخدمة المقدمة من البنك ومدى نجاحها في تحقيق رغبات الزبون. وتختلف العوامل التى تؤثر في هذا الإنتقال حسب الخدمة أو المنتج حيث تشير بعض الدراسات إلى أن أهم العوامل المؤثرة في سلوك الزبون و التى تجعله ينتقل من بنك إلى آخر هي :سعر الخدمة، عدم موائمة الخدمة، فشل الخدمات الرئيسية، فشل الخدمة المباشرة، الإستجابة عند فشل الخدمة، الأخلاق.
مواكبة البنك للابتكارات التكنلوجية التى تسهل الخدمات المالية وتزيد من فاعليتها ومرونتها، فتشير بعض البحوث التسويقية التي أجريت في السوق المالية الآسيوية إلى أن من ضمن الأسباب التى تدفع الزبناء إلى الإنتقال أو ما يعرف Switching Behavior عدم تحديث البنوك لمنظومتهم التكنلوجية و الاستفادة من الابتكارات الحديثة في تحسين وتسريع الخدمات.
إعادة بناء الثقة مع الزبناء
من الاستراتيجيات الضرورية للبنك إعادة بناء الثقة بشكل مستمر مع زبنائه، ويتم ذلك من خلال تبسيط المنتجات وسهولة شرحها للزبون وإحاطتها بالكثير من الوضوح والشفافية لإعادة بناء الثقة والحفاظ عليها إضافة إلى تقارير دورية عن نقاط الضعف والقوة في مختلف تعاملات البنك وملاحظات الزبناء عليها. كذلك ضرورة تطوير التواصل بين مختلف أقسام البنك لرسم سياسات فعالة في تطوير وتحسين الخدمات بناء على معطيات كل قسم.
تحتاج البنوك الإسلامية اليوم إلى التركيز بشكل كبير على دراسة سلوك الزبناء بإعتباره أحد أهم مفاتيح النجاح المصرفي ويتم ذالك من خلال تطوير وزيادة وعي الجمهور حول خدماتها و منتجاتها التى توفر. ومدي قدرة هذه الخدمات والمنتجات على منافسة ما توفره البنوك التقليدية من خدمات كما تمتلك هذه البنوك القدرة على التوسع في السوق المالية العالمية و إقناع المستثمرين بتحويل استثماراتهم وتعاملاتهم إلى هذه البنوك لكن لا يمكن أن يتم ذلك إلا من خلال المزيد من البحوث العلمية والدراسات الأكاديمية لمعرفة العوامل المؤثرة في سلوك الزبناء وإعتماد نتائج هذه البحوث لتحسين خدمات البنوك وتطويرها وجعلها قادرة على المنافسة و قادرة لأن تكون البديل الأمثل عن البنوك الأخرى.