موضوع شريك الحياة أو شريكة الحياة وفارس الأحلام أو فارسة الأحلام، موضوع قديم جديدي، فجيل اليوم وإن اختلف عن جيل الأمس ما زال يحلم.. ويحلم، حتى وهو يقف أمام عتبة متغيرات اجتماعية وثقافية واقتصادية، وأمام ثورة اتصال مخيفة، وفي ظل هذا الزمن الذي طاله التغيير من ألفه إلى يائه حاولنا أن نتسلل إلى عقول شبابنا وشاباتنا، حاولنا أن نرسم الصور ونفتح القلوب. فمن هو فارس الأحلام الذي تتمناه الفتاة كشريك الحياة؟ وهل لا تزال تنتظره على حصانه الأبيض؟ ومن هي فتاة الأحلام التي يريدها الشاب ويفكر بها شريكة لحياته ونورًا للياليه؟
بحثنا في البداية عن فتيات هذا الجيل.. سألناهن عن أحلامهن ونبشنا في أذهانهن عن شريك الحياة وفارس الأحلام.. فمن هو؟
أنيق وعلى خلق
تصف هبة شريك الحياة وفارس أحلامها وقد حلّق فكرها بعيدًا: “أريده أنيقًا يتمتع بالجاذبية والحضور”. ثم تستدرك: “ومن أول شروطي أن يتمتع بالأخلاق؛ فالرجل صاحب الخلق سيمنحني السعادة والاستقرار”. أما لين فتقول “أن يكون قادرا على تحمل المسئولية وما يحمله المستقبل من أعباء وتحديات”.
وترسم ريما صورة خارجية لفارسها الذي تحلم به قائلة: “أريده أبيض البشرة ناعم الشعر ذا عينين زرقاوين قامته طويلة؛ فأي فارس أحلام هذا إن لم يكن وسيما؟”. فيما ترفض سالي أن ترسم بخيالها صورة لفارس الأحلام وتبرر ذلك بقولها: “أنا لا أحلم، لأنني مهما حلمت فسأرتبط بالرجل الذي اختاره القدر لي، وأنا أنتظر نصيبي، فلماذا أحلم وأرسم صورة قد تفقد سحرها وروعتها أمام الواقع؟ ثم أخبروني أين هو فارس الأحلام في هذا الجيل من الشباب الذين نراهم يعيشون حياتهم دون هدف؟”.
على حصانه الأبيض
عصر المادية والعولمة لم يمنع رشا بأن تدافع عن صورة فارس أحلامها التي ترسمها؛ حيث تقول: “إنه الرجل الذي سيأتي على حصانه الأبيض يخطف قلبي ويحبني بجنون، ورغم أنني على يقين بأن الحصان تحول إلى سيارة وربما طائرة في هذا الزمن فإنني سأنتظر فارسي الجميل”.
وتختم سامية آراء الفتيات بشريك الحياة وفارس أحلامهن قائلة: “أريده متدينًا قولا وفعلا؛ فصاحب الدين لا يظلم ويعرف معنى الحب الحقيقي، كما أنه قادر على أن يكون فارس أحلام أي فتاة”.
دين وجمال
هذا بالنسبة للفتيات، أما الشباب فقد يكون الأمر مختلفا في مسألة اختيار شريك الحياة. يدعو محمد ربه بقوله: “أتمنى من الله في هذه الحياة أن يرزقني الارتباط بفتاة تكون على درجة عالية من التدين والجمال. ويستدرك حديثه: يجب أن يكون مستوى عائلتها الاجتماعي والمادي موازيا لمستوى عائلتي وليس أعلى منه، ويرجع محمد ذلك إلى أن الفتاة يمكن ألا تتناغم مع بيئتي التي أعيشها؛ فقد تكون هي على سبيل المثال في مستوى عال ومرهف لا أستطيع أن أوفره لها وبالتالي تحدث الفرقة، لا سمح الله.
ويشترط محمد في شريكة الحياة وفتاة الأحلام بقوله: “يجب ألا تكون أعلى مني في الدرجة العلمية التي أحملها حتى لا أشعر بالنقص تجاهها؛ فيجب أن أشعرها بأني أفوقها في كل شيء، وهذا يرجع إلى معرفتي أن طبيعة المرأة تحب أن يفوقها الرجل في كل شيء”. ويضيف مبتسما: “إن من الشروط المهمة بالنسبة لي في اختيار الزوجة أن تكون متقنة لطهو الطعام وصناعة الحلويات”.
وخلافا للمجتمع المحافظ يرفض محمد الطريقة التي تسير عليها عادات الخطبة في مجتمعه، وهي أن تذهب الأم للخطبة من البيوت دون معرفة مسبقة من قبل ولدها بالفتاة؛ لأنه من الممكن ألا تتوافق مواصفاتها مع المواصفات التي يريدها في الفتاة.
على علم بها
ويتمنى رامي الارتباط بفتاة جميلة جدا ومن عائلة راقية، ويصرح: “مخطئ من يعتقد أن الفتاة وحدها هي التي تحلم بأحلام وردية رومانسية؛ فأنا أريد امرأة تمد لي قلبها بالحياة؛ تضحك لضحكي وتبكي لحزني وتداوي جروحي بطريقتها الخاصة، هي وطن لي أشعر من خلاله بكل معاني الحنان”.
ومضى يقول: “عند اختيار فتاة أحلامي لا بد أن أكون على علم بها قبل الخطبة بفترة تؤهلني لمعرفتها وأهلها بالتفصيل؛ لأن هذه الفتاة ستكون لي طيلة حياتي، وستكون أمًّا لأولادي، وبالتالي لا بد أن أختارها بشكل دقيق”.
شريك الحياة والزي الشرعي
أما جمعة فيقول: “أريدها متدينة وملتزمة بالزي الشرعي، إضافة إلى أن تكون على درجة من العلم والثقافة حتى يكون هناك توازن بيني وبينها، وأن تكون متفهمة للوضع الاقتصادي والاجتماعي لزوجها”، ولم يُبدِ الشاب جمعة أي معارضة للارتباط بفتاة أعلى منه في المستوى الاجتماعي إذا وُجد هناك اتفاق مسبق معها قبل الزواج.
أما عن المواصفات الجسدية فيقول: “يجب أن تكون جميلة وطويلة، كلما نظرت إليها شعرت بالفرحة”.
أهلي سيتولون الأمر
الشاب أسامة يقول أنه يريدها ملتزمة دينيا وعلى خلق كبير لقول الرسول ﷺ: “فاظفر بذات الدين تربت يداك”، ولم يبد أسامة اهتماما كبيرا بالجمال الفتّان بقدر ما تحظى به الفتاة من خلق ودين. ويوضح أن أهله من سيتولون هذا الأمر ولديهم الخبرة في هذا الشأن، وقال أسامة على استحياء: “من الممكن أن أبدي وجهة نظري في ذلك”.
ورفض أسامة أن تكون شريكة حياته أعلى من مستوى عائلته الاجتماعي والمادي، وقال: “أريدها في مستواي أو أقل؛ لأنها لن تشعر بالفرق، ويمكن أن تنسجم معي بسرعة، على عكس أن تكون من المستوى الاجتماعي العالي؛ لأنها حتما لن تشعر بالتأقلم والسعادة، ودائما ستشعر أنني أقل منها”.
اختلاف الفتيات حول شريك الحياة
وفي هذا الطرح ترى الدكتورة فتحية أستاذة التربية أن ثمة اختلافا في معايير اختيار شريك الحياة بالنسبة لكل فتاة وكل شاب، وذلك حسب طبيعة هذا الشاب ومتطلباته الحياتية: “فمن الفتيات من يعجبها ويفتنها الشاب الوسيم الجميل الهيئة، وأخرى يعجبها الشاب الغني الذي يستطيع تلبية طلباتها وتحقيق طموحاتها، وأخرى متعلمة ومثقفة تشترط في شريك العمر مستوى تعليميا وثقافيا معينا؛ بحيث يستطيع أن يفهمها ويناقشها في مختلف القضايا”.
وتشير إلى أن هناك فتيات لا يعجبهن نماذج الشباب صغير السن في اختيار شريك الحياة؛ فهن يردن رجلا قويا يحميهن ويحتويهن، ويشعرهن بالأمان وهن يختفين تحت جناحيه”.
ومن الفتيات من لا تهتم بكل تلك الجوانب، وتفضل الإنسان الملتزم بدينه، الذي يحافظ على عبادته، المشهود له بحسن الخلق والسمعة الحسنة، بغض النظر عن كونه وسيما أو غنيا أو متعلما أو صاحب جاه في المجتمع.
أسمر ودمه خفيف
وفي الزاوية المقابلة ترى الدكتورة أن هناك شبابا يبحثون عن فتيات بمواصفات معينة تصلح من خلالها الفتاة لتكون زوجة لهم، وتختلف هذه المعايير حسب طبيعة الشاب؛ فمنهم من يبحث عن الفتاة الجميلة الرشيقة ذات العيون الجذابة والرموش الطويلة، وتختلف معايير هذا الجمال من شاب لآخر.
وتكمل: هناك من يحب الشقراء الجميلة، وآخر يرغب في السمراء الرشيقة، وهكذا تختلف هذه المعايير حسب تصور كل شاب لفتاة أحلامه، وهناك شاب يفكر بالفتاة المتعلمة التي لها وظيفة مناسبة تساعده في مشاق الحياة، وشاب آخر لا يهتم بهذا الجانب؛ فهو يريد زوجة طيبة وأمًّا لأولاده تلتزم بيتها وتطيع زوجها، ويوجد من الشباب من يريد زوجة ذات جاه ونسب عال في المجتمع؛ فهي بحد ذاتها لا تهمه قدر عائلتها ومركزها الاجتماعي.
فتاة محرومة
وتشير أستاذة التربية إلى أن اختلاف هذه المعايير من شاب لآخر ومن فتاة لأخرى تتحكم فيه دوافع نفسية واجتماعية ومادية مختلفة؛ حيث يبحث كل منهما عما يكمله في هذه الحياة بحيث تقوم الزوجة أو الزوج بسد الفراغ النفسي أو الاجتماعي أو المادي، وربما الجمالي لدى الآخر.
وتضيف: الفتاة المحرومة من الحياة الرغدة تنظر لهذه الحياة على أنها كل آمالها في الحياة، والفتاة المتعلمة تنظر لمستوى ثقافي معين لا تستطيع التنازل عنه في شريك الحياة، والشاب الذي يريد زوجه فاتنة الجمال يبحث عن التميز في مجال معين يعوض شيئا ما داخله، ويعتبر الجمال هو المقياس الأفضل للفتاة، والشاب الذي يطمح إلى المال لا يهتم بكون الفتاة جميلة أو ذات خلق حسن، المهم هو دخلها الشهري وسيتكيف مع بقية الجوانب.
نموذج حقيقي
وترى الدكتورة أنه في مسار البحث عن شريك الحياة ربما يهرب الشاب أو الفتاة من صورة يعايشها في الحاضر؛ هي صورة أمه التي ربما كانت غير متعلمة أو غير جميلة؛ فهو يريد صورة مناقضة لها، وربما يريد صورة طبق الأصل من أمه؛ لأنه يعتبرها نموذجا حقيقيا للزوجة، وكذلك بالنسبة للفتاة؛ ربما تهرب من واقع تعايشه أو تبحث عن صورة مماثلة لهذا الواقع حسب طبيعة حياة هذا الشاب أو الفتاة.
وتؤكد أستاذة التربية أن شريك الحياة يجب أن يحظى باهتمام كاف من الطرفين، ولكن ليس بالنظر إلى جوانب يمكن زوالها مثل الجمال أو المال أو الجاه والمكانة الاجتماعية؛ فالجمال الحقيقي هو جمال الروح، وفي نفس الوقت تكون هذه الزوجة مقبولة الشكل والقوام ومتعلمة، والتفضيل بين الفتيات يعود للدين والأخلاق والكريمة. وتؤكد: كل شاب يريد زوجة تحفظه في وجوده وغيابه، وتطيعه، ويسره النظر إليها.
معتصم الميناوي5>