عيد الأضحى أو عيد النّحر هو أكبر العيدين وأفضلهما، جاء في الحديث ما يثبت أن الأضحى والفطر عيدا المسلمين (أبدلكم الله بهما خيرا منهما: يوم الفطر، ويوم النحر) فهما أيام فرح وسرور على تمام نعمة بعض أركان الإسلام العملية الكبيرى وهي ركنا صوم رمضان وحج بيت الله الحرام، وحق للمسلمين أن يبتهجوا لهذين اليومين فقد قال المولى سبحانه: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ [يونس: 58].
فمن السلف من يقول: إن الفضل هنا الإسلام والرحمة هي أننا من أهل الإسلام، فإذا قام المسلمون بشيء من أركان الإسلام فإنه ينوه إلى أنهم من أهل الإسلام فكان الأولى بهم شكر المنعم بإظهار الفرحة مراعيا آداب وأحكام العيد. إن عيد الأضحى مترتب على إكمال الحجّ الذي هو الركن الخامس من أركان الإسلام ومبانيه، فإذا أكمل المسلمون حجّهم غفر لهم كما في الحديث المشهور: «من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه»[1].
وإنما يكمل الحجّ بيوم عرفة والوقوف فيه بعرفة؛ فإنّه ركن الحجّ الأعظم، كما قال صلّى الله عليه وسلّم: «الحجّ عرفة»[2]، ويوم عرفة هو يوم العتق من النار، يعتق الله فيه من النار من وقف بعرفة ومن لم يقف بها من أهل الأمصار من المسلمين، فلذلك صار اليوم الذي يليه عيدا لجميع المسلمين في جميع أمصارهم؛ من شهد الموسم منهم ومن لم يشهده؛ لاشتراكهم في العتق والمغفرة يوم عرفة[3].
ما هي آداب عيد الأضحى؟
ثبت لـ عيد الأضحى آداب وفضائل ينبغي للمسلم أن يتحراها ويرغب في الأخذ بها ليحظى بالأجر المترتب والثواب الجزيل على هذه الرغائب ومنها:
- اشتراك المسلمين في أداء شكر المنعم سبحانه وتعالى بمناسبة فرحة العيد والأجر الذي يأتي معه، وذلك للحجاج ولعامة المسلمين، قال ابن رجب: إذا كمل يوم عرفة، وأعتق الله عباده المؤمنين من النار، اشترك المسلمون كلّهم في العيد عقب ذلك. وشرع للجميع التقرّب إليه بالنّسك، وهو إراقة دماء القرابين. فأهل الموسم يرمون الجمرة، فيشرعون في التحلّل من إحرامهم بالحجّ، ويقضون تفثهم، ويوفون نذورهم، ويقرّبون قرابينهم من الهدايا، ثم يطوفون بالبيت العتيق. وأهل الأمصار يجتمعون على ذكر الله وتكبيره والصلاة له. قال مخنف بن سليم – وهو معدود من الصحابة -: الخروج يوم الفطر يعدل عمرة، والخروج يوم الأضحى يعدل حجة. ثم ينسكون عقيب ذلك نسكهم، ويقرّبون قرابينهم بإراقة دماء ضحاياهم؛ فيكون ذلك شكرا منهم لهذه النعم.
- والصلاة والنّحر الذي يجتمع في عيد النّحر أفضل من الصّلاة والصّدقة الذي في عيد الفطر، ولهذا أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يجعل شكره لربّه على إعطائه الكوثر أن يصلّي لربّه وينحر[4]، وقيل له: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ} [الأنعام: 162]. ولهذا ورد الأمر بتلاوة هذه الآية عند ذبح الأضاحي[5].
- ذبح الأضاحي من سنة إبراهيم عليه السلام ونبينا ﷺ، جاء في صحيح البخاري: نحر النبي ﷺ بدنات بيده قياما، وذبح رسول الله ﷺ بالمدينة كبشين أملحين. وعن أنس بن مالك قال: خطبنا رسول اللّه ﷺ يوم أضحى، وانكفأ إلى كبشين أملحين فذبحهما.
- عيد الأضحى أكبر العيدين وأفضلهما، ويجتمع فيه شرف المكان والزمان لأهل الموسم، كانت لهم فيه معه أعياد قبله وبعده؛ فقبله يوم عرفة، وبعده أيّام التشريق. وكلّ هذه الأيّام أعياد لأهل الموسم، كما في حديث عقبة بن عامر عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، قال: «يوم عرفة، يوم النّحر، وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب» خرّجه أهل السنن وصححه الترمذي. قال ابن رجب: ولهذا لا يشرع لأهل الموسم صوم يوم عرفة؛ لأنّه أوّل أعيادهم وأكبر مجامعهم، وقد أفطره النبي صلّى الله عليه وسلّم بعرفة والناس ينظرون إليه. وروي عنه أنّه نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة. وروي عن سفيان بن عيينة أنه سئل عن النهي عن صيام يوم عرفة بعرفة، فقال: لأنهم زوّار الله وأضيافه، ولا ينبغي للكريم أن يجوّع أضيافه. وهذا المعنى يوجد في العيدين وأيام التشريق أيضا؛ فإنّ الناس كلّهم فيها في ضيافة الله عزّ وجلّ، لا سيما عيد النّحر؛ فإنّ الناس يأكلون من لحوم نسكهم؛ أهل الموقف وغيرهم. وأيام التشريق الثلاثة هي أيام عيد أيضا، ولهذا بعث النبي صلّى الله عليه وسلّم من ينادي بمكّة: «إنها أيام أكل وشرب وذكر الله عزّ وجلّ، فلا يصومنّ أحد»[6].
- تفضيل يوم عيد الأضحى على جميع الأيام والشهور، وهو يوم الحج الأكبر، وهو خير الأيام وأفضلها على الأرجح، فقد جاء في السنن عن النبي ﷺ أنه قال: «أفضل الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القَرِّ»[7]. قال ابن القيم: والصواب أن يوم الحج الأكبر يوم النحر، لقوله تعالى: ﴿وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ﴾ [التوبة: 3]. وثبت في «الصحيحين» أن أبا بكر وعليًّا أذَّنا بذلك يوم النحر، لا يوم عرفة.
- عيد الأضحى تخليد لذكرى بشارة الله لنبيه ﷺ ولأمته بتمام الإسلام وكماله، فقد نزل على رسول الله ﷺ يوم عرفة في حجة الوداع قوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [المائدة: 3]. إنّكم تقرءون آية في كتابكم، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتَّخَذْنا ذلك اليوم عيدًا. قال: وأيُّ آية؟ قال: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي}. قال عمر: والله إني لأعلم اليوم الذي نزلت على رسول الله – ﷺ – فيه، والساعة التي نزلت فيها، نزلت على رسول الله – ﷺ – عَشِيَّة عرفة في يوم جمعة. حيث زاد العيد فضلا لاجتماعه بيوم الجمعة، وإكمال الدين في ذلك اليوم حصل من وجوه: منها: أنّ المسلمين لم يكونوا حجّوا حجّة الإسلام بعد فرض الحجّ قبل ذلك، ولا أحد منهم؛ هذا قول أكثر العلماء أو كثير منهم؛ فكمل بذلك دينهم لاستكمالهم عمل أركان الإسلام كلّها. ومنها: أنّ الله تعالى أعاد الحجّ على قواعد إبراهيم عليه السّلام، ونفى الشرك وأهله، فلم يختلط بالمسلمين في ذلك الموقف منهم أحد. قال الشعبي: قال الشعبي: نزلت هذه الآية على النبي صلّى الله عليه وسلّم وهو واقف بعرفة حين وقف موقف إبراهيم، واضمحلّ الشّرك، وهدّمت منار الجاهلية، ولم يطف بالبيت عريان. وكذا قال قتادة وغيره.
- ومن آداب عيد الأضحى: التجمل لصلاة العيد، فيلبس من لباسه أحسن الثياب ويتزين ويتطيب، وهذا من سنن النبي ﷺ لحديث جابر«كانت للنبي ﷺ جبة يلبسها في العيدين ويوم الجمعة»[8]. وجاء في الصحيحين عن ابن عمر قال: “وجد عمر جبة من إستبرق تباع في السوق، فأخذها فأتى رسول الله ﷺ، فقال: يا رسول الله، ابتع هذه تجمل بها للعيد والوفود. فقال رسول الله ﷺ: إنما يلبس هذه من لا خلاق له”. وعن ابن عمر أنه كان يلبس في العيدين أحسن ثيابه.
- ومن آداب العيد: المشي إِلى العيد وإخراج الأهل للعيد، عن الحارث عن علي -رضي الله عنه- قال: “من السنة أن يخرج إلى العيد ماشيًا، وأن يأكل قبل أن يخرج”. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن كان رسول الله – ﷺ – يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى” رواه البخاري. أما خروج النساء والأطفال إلى المصلى للعيد فهو من السنة حث عليها النبي ﷺ، عن أم عطية قالت: “أمرنا رسول الله ﷺ أن نخرجهن في الفطر والأضحى: العواتق، والحيض، وذوات الخدور، فأما الحيض فيعتزلن الصلاة ويشهدن الخير ودعوة المسلمين. قلت: يا رسول الله، إحدانا لا يكون لها جلباب؟ قال: لتلبسها أختها من جلبابها”. (رواه البخاري ومسلم).
- ومن الآداب الاغتسال عند الخروج من المصلى، روى مالك في الموطأ عن نافع: “أن عبد الله بن عمر كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى.
- ومن آداب العيد: التكبير في العيد، قال الله -عز وجل-: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ). وعن محمد بن أبي بكر الثقفي قال: “سألت أنس بن مالك -ونحن غاديان من منى إلى عرفة- عن التلبية، كيف كنتم تصنعون مع النبي – ﷺ -؟ قال: كان يلبي الملبي لا ينكر عليه، ويكبر المكبر فلا ينكر عليه”. وقال البخاري: وكان عمر يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيراً. وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيام وخلف الصلاة، وعلى فراشه، وفي فسطاطه ومجلسه وممشاه، وتلك الأيام جميعًا. وكانت ميمونة تكبر يوم النحر، وكان النساء يكبرن خلف أبان بن عثمان وعمر بن عبد العزيز ليالي التشريق مع الرجال في المسجد. وعن نافع: “أن ابن عمر كان إذا خرج من بيته إلى العيد كبر حتى يأتي المصلى، ولا يخرج حتى تخرج الشمس”.
- من عادات العيد كما في السنة الضرب بالدف يوم العيد وغير ذلك من اللعب، ففي صحيح البخاري، عن عائشة: “أن أبا بكر رضي الله عنهما دخل عليها وعندها جاريتان في أيام منى تدففان وتضربان والنبي ﷺ متغش بثوبه فانتهرهما أبو بكر، فكشف النبي – ﷺ – عن وجهه. فقال: في دعهما يا أبا بكر؛ فإنها أيام عيد وتلك أيام منى. وقالت عائشة: رأيت النبي – ﷺ – يسترني وأنا انظر إلى الحبشة وهم يلعبون في المسجد، فزجرهم عمر -رضي الله عنه- فقال النبي – ﷺ -: دعهم، أمنًا بني (أرفدة). يعني من الأمن”.
- من آداب العيد التهنئة في العيد ومبادلتها بين المسلمين، ولا بأس بتهنئة الناس بعضهم بعضا، بأن يقول لغيره تقبل الله منا ومنك، قال شيخ الإسلام ابن تيمية (قد روي عن طائفة من الصحابة أنهم كانوا يفعلونه، ورخص فيه الأئمة كأحمد وغيره. والمقصود من التهنئة التودد وإظهار السرور.
ما هي أحكام عيد الأضحى ؟
كما للعيد آداب تقدم جزء منها، له أحكام عامة يجب على المسلم أن يتعلمها ويعمل بها حتى يكون عيده عبادة وطاعة على الوجه الموافق لمقصود الشارع، فلا يخرج عن هذه الأحكام كما لا يجوز له إحداث غير هذين العيدين، فقد جاء في الحديث الصحيح: (إن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا) جواب النبي ﷺ لأبي بكر حين أنكر على عائشة ابنته، يوم فطر، أو أضحى، وكانت عندها جاريتان تضربان بدفين.
وفيما يأتي نذكر جملة من الأحكام الفقهية العملية الخاصة بالأعياد في الإسلام:
- الخروج إلى المصلى لأداء صلاة العيد، عن أبي سعيد الخُدريّ رضي الله عنه، قال: “كان رسولُ الله – ﷺ – يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المُصلى، فأوّلُ شيءٍ يبدأ به الصلاةُ..” (أخرجه البخاري ومسلم). قال الِإمام ابن قُدامة المقدسي: السنة أن يُصَلّى العيد في المُصلّى، أمَرَ بذلك عليٌّ رضي الله عنه واسْتَحْسَنه الأوزاعيُ وأصحابُ الرّأيِ، وهو قولُ ابنِ المنذر. ولم ينقل أنه صلاها في المسجد لغير عذر، ولأن الخروج إلى الصحراء أوقع لهيبة المسلمين والإسلام، وأظهر لشعائر الدين، ولا مشقة في ذلك؛ لعدم تكرره، بخلاف الجمعة، إلا في مكة المشرفة؛ فإنها تصلى في المسجد الحرام[9].
- .التبكير إلى المصلى والتكبير أثناء انتظار خروج الإمام، قال الإمامُ البغويُّ: “ويُستحبُّ أن يَغْدُوَ الناسُ إلى المُصَلّى بعدما صَلَّوُا الصبحَ لأخذ مجالسهم ويُكَبِّرون، ويكونُ خروجُ الإمامِ في الوقت الذي يُوافي فيه الصلاة”[10].
- حضور النساء في مصلى العيد، قد أمر النبي ﷺ بها حتى النساء، فيسن للمرأة حضورها غير متطيبة ولا لابسة لثياب زينة أو شهرة؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: ” «وليخرجن تفلات» “، ويعتزلن الرجال، ” «ويعتزل الحيض المصلى» “، قالت أم عطية رضي الله عنها: ” «كنا نؤمر أن نخرج يوم العيد، حتى تخرج البكر من خدرها، وحتى تخرج الحيض، فيكن خلف الناس، فيكبرن بتكبيرهم، ويدعون بدعائهم؛ يرجون بركة ذلك اليوم وطهرته» “. والخروج لصلاة العيد وأداء صلاة العيد على هذا النمط المشهود من الجميع فيه إظهار لشعار الإسلام؛ فهي من أعلام الدين الظاهرة.
- صلاة العيد سنة مؤكدة ومشروعة وأول صلاة صلاها النبي ﷺ للعيد يوم الفطر من السنة الثانية من الهجرة، ولم يزل ﷺ يواظب عليها حتى فارق الدنيا، صلوات الله وسلامه عليه. واستمر عليها المسلمون خلفا عن سلف، فلو تركها أهل بلد مع استكمال شروطها فيهم، قاتلهم الإمام؛ لأنها من أعلام الدين الظاهرة كالأذان.
- التَّكْبيرُ في العِيدَيْنِ، يقولُ اللهُ تعالى: (وَلِتُكْملوا العِدَّةَ ولِتُكَبِّروا اللهَ على ما هداكم ولعلّكم تَشْكُرون). وقد ثبت أن النبي – ﷺ -: “كان يخرج يوم الفطر،. فَيُكَبِّر حتى يأتي المُصلى، وحتى يقضيَ الصلاة، فإذا قضى الصلاةَ قطع التكبير”[11]، قال المحدِّث الألبانيُّ: وفي الحديث دليلٌ على مشروعيّةِ ما جرى عليه عملُ المسلمين من التكبير جهراً في الطريق إلى المصلى، وإنْ كان كثير منهم بدؤوا يتساهلون بهذه السنَّة حتى كادت تصبح في خبر كان..[12]
- التكبير المطلق من وقت دخول شهر ذي الحجة إلى آخر أيام التشريق وذلك في عيد الأضحى، وهذا سنة نقلها غير واحد من الصحابة رضوان الله عليهم. لما أخرجه الدارقطني وغيره عن ابن عمر (أنه كان إذا غدا يوم الفطر ويوم الأضحى، يجهر بالتكبير، حتى يأتي المصلى، ثم يكبر حتى يأتي الإمام)[13]. قال الإمام أحمد: كان ابن عمر يكبر في العيدين جميعًا، وفي الخروج إليهما، لاتفاق الآثار عليه. وفي الصحيح «كنا نؤمر بإخراج الحيض فيكبرن بتكبيرهم». وفي صحيح مسلم «يكبرن مع الناس» فهو مستحب لما فيه من إظهار شعائر الإسلام. أما التكبير المقيد عقب الصلوات المفروضة فهو خاص بعيد الأضحى، وهو التكبير الذي شرع عقب كل صلاة فريضة في جماعة، فيلتفت الإمام إلى المأمومين، ثم يكبر ويكبرون. ويبتدأ التكبير المقيد بأدبار الصلوات في حق غير المحرم من صلاة الفجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق. وأما المحرم، فيبتدئ التكبير المقيد في حقه من صلاة الظهر يوم النحر إلى عصر آخر أيام التشريق، لأنه قبل ذلك مشغول بالتلبية[14]. وقال الله تعالى {واذكروا الله في أيام معدودات} [البقرة: 203] [البقرة: 203] ، وهي أيام التشريق، وقال الإمام النووي: هو الراجع، وعليه العمل في الأمصار. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: أصح الأقوال في التكبير الذي عليه الجمهور من السلف والفقهاء من الصحابة والأئمة أن يكبر من فجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق عقب كل صلاة؛ لما في السنن «يوم عرفة ويوم النحر وأيام منى عيدنا أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب وذكر لله».
صفة صلاة العيدين
- صلاة العيد ركعتان، وهذا محل اتفاق بين أهل العلم.
- تبدأ الركعة الأولى بتكبيرة الإحرام كسائر الصلوات.
- يسن أن يكبر المصلي تكبيرات زوائد أخرى، اختلف الفقهاء في عددها:
- فالشافعية على أنها سبع في الركعة الأولى، بين تكبيرة الإحرام وبدء القراءة، وخمس في الركعة الثانية بين تكبيرة القيام وبدء القراءة. دليل ذلك ما رواه أحمد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: “أن النبي – ﷺ – كبر في عيد ثنتي عشرة تكبيرة، سبعًا في الأولى، وخمسًا في الآخرة [15].
- وذهب المالكية والحنابلة إلى أنها ست تكبيرات في الركعة الأولى عقب تكبيرة الإحرام، وخمس في الثانية عقب القيام إلى الركعة الثانية، أي: قبل القراءة في الركعتين. وبذلك صدرت الفتوى من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في السعودية.
- أما الحنفية فالتكبيرات الزوائد عندهم ثلاث، وهي: ثلاث تكبيرات بين تكبيرة الإحرام والركوع في الأولى، ومثلها أيضًا بين تكبيرة القيام والركوع في الركعة الثانية. جاء في الفقه الميسر: والذي يظهر أن الأمر في ذلك واسع، ولله الحمد، فلو خالف وجعل التكبيرات خمسًا في الأولى والثانية، أو سبعًا في الأولى والثانية، كما جاء ذلك عن الصحابة -رضوان الله عليهم- فلا حرج في ذلك، وبهذا قال الشيخ ابن عثيمين.
ولا يوجد سنة قبل الصلاة ولا بعدها، لأنه لم يثبت عن النبي ﷺ أنه صلى قبل صلاة العيد ولا بعدها، فعن ابن عباس رضي الله عنه قال: “أن النبي – ﷺ – خرج يوم الفطر فصلى ركعتين لم يصل قبلها ولا بعدها ومعه بلال” (أخرجه البخاري).