يتناول المقال أهمية وفوائد شهر الله المحرم، مشيرًا إلى أنه أحد الأشهر الحرم الأربع التي أمر الله عز وجل بترك الظلم فيها، موضحًا فضل الصيام فيه، خاصة يوم عاشوراء، والذي يعدّ تكريمًا لنبي الله موسى عليه السلام عندما نجاه الله من فرعون وظلمه.
إن من نعم الله تعالى على عباده ، أن يوالي عليهم مواسم الخيرات ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله ، فلما انقضى موسم الحج المبارك ، تبعه شهر كريم وهو شهر الله المحرم ، فلعلنا نذكر شيئا من فضائله وأحكامه .
مما يدل على فضله : ما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: ” أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم ، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل “. أي : أفضل شهر تتطوع به بعد شهر رمضان شهر الله المحرم ؛ لأن بعض التطوع قد يكون أفضل من أيامه كعرفة وعشر ذي الحجة ، فالتطوع المطلق أفضله المحرم ، كما أن أفضل الصلاة بعد المكتوبة قيام الليل .
قال النووي: فإن قيل: في الحديث إن أفضل الصوم بعد رمضان صوم المحرم ، فكيف أكثر الصيام في شعبان دون المحرم ؟ فالجواب : لعله لم يعلم فضل المحرم إلا في آخر الحياة ، قبل التمكن من صومه ، أو لعله كان يعرض فيه أعذار تمنع من إكثار الصوم فيه ، كسفر ومرض وغيرهما . قال ابن رجب : وقد اختلف العلماء في أي الأشهر الحرم أفضل ؟ فقال الحسن وغيره: أفضلها شهر الله المحرم ، ورجحه طائفة من المتأخرين . وقال : وقد سمى النبي ﷺ المحرم شهر الله ، وإضافته إلى الله تدل على شرفه وفضله ، فإن الله تعالى لا يضيف إليه إلا خواص مخلوقاته ، كما نسب محمداً وإبراهيم وإسحاق ويعقوب وغيرهم من الأنبياء إلى عبوديته ، ونسب إليه بيته وناقته انتهى . وفي هذا الشهر يوم حصل فيه حدث عظيم ، ونصر مبين للمؤمنين ، أظهر الله فيه الحق على الباطل ؛ حيث نجى فيه موسى عليه السلام وقومه ، وأغرق فرعون وقومه ، فهو يوم له فضيلة عظيمة ، ومنزلة قديمة ، عند الله تعالى . فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قدم المدينة فوجد اليهود صياماً يوم عاشوراء ، فقال لهم رسول الله ﷺ: ” ما هذا اليوم الذي تصومونه ؟ ” فقالوا: هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه ، وأغرق فرعون وقومه ، فصامه موسى شكراً ، فنحن نصومه ، فقال رسول الله ﷺ: ” فنحن أحق وأولى بموسى منكم ” فصامه رسول الله ﷺ وأمر بصيامه . (متفق عليه). وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ” ما رأيت النبي ﷺ يتحرى صيام يوم فضَّله على غيره إلا هذا اليوم يوم عاشوراء ، وهذا الشهر يعني شهر رمضان ” (متفق عليه).
ماهو فضل يوم عاشوراء ؟
يوم عاشوراء له فضل عظيم وحرمة قديمة ، فقد كان موسى عليه السلام يصومه لفضله؛ بل كان أهل الكتاب يصومونه، بل حتى قريش كانت تصومه في الجاهلية ، وقد وردت عدة أحاديث عن فضل عاشوراء وصيامه ، منها:
ما جاء في صحيح مسلم : عن أبي قتادة أن رجلاً سأل النبي ﷺ عن صيام يوم عاشوراء، فقال: ” إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله ” . وهذا من فضل الله العظيم علينا أن جعل صيام يوم واحد ، يكفر ذنوب سنة كاملة.
ما الحكمة من صيام عاشوراء ؟
والحكمة من صيامه ، أن يوم عاشوراء هو اليوم الذي نجى الله فيه موسى عليه السلام وقومه من فرعون وجنوده ، فصامه موسى شكراً لله تعالى ، وصامه نبينا ﷺ وأمر بصيامه.
أما الحكمة في صيام اليوم التاسع ، فقد نقل النووي رحمه الله عن العلماء في ذلك عدة وجوه: أحدها: أن المراد منه مخالفة اليهود في اقتصارهم على العاشر. وكان يحرص ﷺ دائما على مخالفتهم في أمور دينهم الثاني: أن المراد به وصل يوم عاشوراء بصوم ، كما نهى أن يصام يوم الجمعة وحده.