أكد السيد فيصل محمد العمادي، الأمين العام بالوكالة للهلال الأحمر القطري، أن العمل الذي يقوم به الهلال الأحمر القطري هو عمل إنساني عالمي لا يعترف بالحدود، وأن هذه المؤسسة القطرية هي من أبرز الناشطين في الحركة الإنسانية العالمية في مجالي الإغاثة والتنمية حول العالم، مشيرا في ذات الوقت، بأن الهلال الأحمر القطري هو أول منظمة إنسانية تطوعية في قطر. وقال العمادي في حوار خص به “إسلام أون لاين” أن الهلال الأحمر القطري هو أيضا أول منظمة إنسانية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تضع دليلا للحوكمة والشفافية، وقد حصل كجمعية خيرية إنسانية على شهادة “الأيزو” لنظام إدارة الجودة، وذلك كاعتراف لحجم الأعمال والمساعدات الإنسانية والمشاريع التي تقوم بها هذه المؤسسة منذ 4 عقود من الزمن، وهي مساعدات تصل حاليا إلى 49 بلدا على مستوى العالم. بالإضافة إلى الأنشطة المحلية التي تركز على الفئات الأولى بالرعاية مثل الأرامل والأيتام وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة.
- نسعى إلى تحسين حياة الضعفاء دون تمييز لغوي أو عرقي أو ديني
- حجم مساعداتنا ومشاريعنا بلغ 2.9 مليار ريال في الخمس سنوات الأخيرة
- لدينا 13 مقرا خارجيا و 9 ملايين مستفيد سنويا من عملنا الإنساني
- نُدير ثاني أكبر أسطول إسعاف في قطر ونفخر بـ 28,500 متطوعا
- أطلقنا حملة خيرية لبناء مدينة تعليمية في إسطنبول للأيتام المتضررين من الزلزال
- عملنا الإغاثي في سوريا يلقى كل الثقة والترحيب من ملايين المستفيدين
- خصصنا مليون دولار أمريكي وأطلقنا حملة لجمع 10 ملايين لزلزال تركيا وسوريا
- أطلقنا حملة “أمل وشفاء” لدعم مرضى السرطان في سوريا
- جهودنا لم تتوقف ضمن حملة “أغيثوا السودان” عبر جسر جوي تسيره قطر
- نفذنا 80 مشروعاً في غزة فاقت تكلفتها 107 ملايين دولار أمريكي
- لدينا دور كبير في تعزيز الاستعداد والاستجابة للكوارث والتأثيرات المناخية
السيد فيصل محمد العمادي، التحق بالهلال الأحمر القطري عام 2020 في منصب المدير التنفيذي لقطاع الإغاثة والتنمية الدولية، قبل أن يتولى منصب المدير التنفيذي، ومؤخراً منصب الأمين العام بالوكالة للهلال الأحمر القطري. وهو حاصل على بكالوريوس إدارة الأعمال عام 1999، وماجستير إدارة الأعمال من الأكاديمية عام 2010، ويدرس حالياً في برنامج الدكتوراه لدى جامعة محمد الخامس بالمغرب. هذا بالإضافة إلى حصوله على برنامج القيادات الحكومية من مركز قطر للقيادات عام 2014.
وعلى صعيد الخبرات العملية، يتمتع فيصل العمادي بخبرة مهنية لمدة 22 عاماً تنقل خلالها بين العديد من المناصب والجهات، أهمها: وزارة شؤون الخدمة المدنية والإسكان (سابقاً)، وزارة العمل والشؤون الاجتماعية (سابقاً)، وزارة العمل، وزارة التنمية الإدارية، اللجنة العليا للمشاريع والإرث ومؤسسة “صلتك”.
وفي هذا الحوار مع السيد فيصل محمد العمادي، يتحدث الأمين العام بالوكالة للهلال الأحمر القطري، عن نشاطات وأعمال ومشاريع هذه المؤسسة القطرية الإنسانية الخيرية على المستويين المحلي والدولي.. وهذا نص الحوار:
كيف ومتى تأسس الهلال الأحمر القطري؟ وما هي مجالات عمله محلياً ودولياً؟
تأسس الهلال الأحمر القطري عام 1978 كأول منظمة إنسانية تطوعية في دولة قطر، وهو يعمل على مساعدة وتمكين الأفراد والمجتمعات الضعيفة من خلال حشد القوى الإنسانية لصالحهم. ويعمل على المستويين المحلي والدولي، وتشمل أنشطته المحلية 5 مجالات رئيسية هي: المساعدات الاجتماعية، التدريب والتأهيل، التوعية والتثقيف، الخدمات الطبية، مناصرة القضايا الاجتماعية.
أما على الصعيد الدولي، فيضطلع بتقديم الدعم في مجالات التأهب للكوارث والاستجابة لها والتعافي منها والحد من مخاطرها، كما يعمل على تحسين مستوى معيشة المتضررين من خلال تقديم الخدمات الطبية والغذاء والمياه والإيواء وغيرها من الاحتياجات التنموية للمجتمعات المحلية المستفيدة، بالإضافة إلى نشاطه المؤثر في مجال المناصرة والدبلوماسية الإنسانية.
ما هي الدول أو القارات التي يركز عليها الهلال الأحمر القطري في تنفيذ نشاطاته؟
بصفته عضواً في الحركة الدولية للصليب الأحمر، يتمتع الهلال الأحمر القطري بعلاقات تعاون وشراكة مع الجمعيات الوطنية الزميلة في 192 بلداً حول العالم، بما يمكنه من تنفيذ مختلف الأعمال الإغاثية والتنموية في أي منطقة تعاني من النزاعات المسلحة أو الكوارث الطبيعية أو الفقر وضعف البنية التحتية، ويصل عددها حالياً إلى 49 بلداً من بلدان الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا وشرق أوروبا وأمريكا الوسطى والجنوبية. فعملنا الإنساني لا يعترف بحدود، ولا ينحصر في مكان معين، بل هو إنساني وعالمي في المقام الأول.
هل يستهدف الهلال القطري فئات معينة من خلال عمله الإنساني؟ ما هي هذه الفئات؟ وهل ينصب تركيزه محلياً أكثر أم دولياً؟
تتمثل رؤية الهلال الأحمر القطري في تحسين حياة الضعفاء بتفعيل طاقات الإنسانية محلياً ودولياً، تحت مظلة المبادئ الأساسية السبعة للعمل الإنساني وهي: الإنسانية وعدم التحيز والحياد والاستقلال والخدمة التطوعية والوحدة والعالمية. وبموجب هذه المبادئ، فإن الهلال الأحمر القطري يستهدف مساعدة الإنسان المحتاج أينما كان، دون تحيز أو تمييز على أساس اللغة أو الجنس أو العرق أو الدين. وفي داخل قطر، تتسع أنشطته التنموية لتشمل كل فئات المجتمع، مع التركيز بشكل خاص على الفئات الأولى بالرعاية، مثل الأرامل والأيتام وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة. أما خارج قطر، فيكثف جهوده لإغاثة النازحين واللاجئين والمصابين جراء الكوارث والأزمات الإنسانية.
ما هو حجم المشاريع أو المساعدات التي نفذها الهلال الأحمر محلياً ودولياً؟
بحمد الله، فقد توسع الهلال الأحمر القطري طوال ما يزيد عن 4 عقود من تاريخه، ليصل بمساعداته ومشاريعه الإنسانية كما ذكرنا إلى 49 بلداً مستفيداً على مستوى العالم. وخلال الأعوام الخمسة الأخيرة فقط، وصل إجمالي حجم المساعدات والمشاريع المنفذة محلياً ودولياً إلى 2.9 مليار ريال قطري، فيما بلغ إجمالي عدد المستفيدين خلال نفس الفترة 45 مليون مستفيد، بمتوسط 9 ملايين مستفيد سنوياً. كما يعزز تواجده في مناطق عمله من خلال تأسيس 13 مكتباً وبعثة تمثيلية خارجية في أهم البلدان المستهدفة، لإطلاق وتنفيذ المشاريع الإنسانية، بالتعاون والتنسيق مع الجمعيات الوطنية المضيفة والمنظمات الإنسانية الدولية. وفي داخل قطر، يدير الهلال الأحمر القطري ثاني أكبر أسطول إسعاف في الدولة، بإجمالي 50 سيارة إسعاف مجهزة بأحدث التجهيزات، وتديرها أطقم مسعفين وفنيين على أعلى مستوى من التدريب والكفاءة، ويفخر الهلال الأحمر القطري بقاعدة متطوعيه، التي يصل حجمها إلى قرابة 28,500 متطوع ومتطوعة من مختلف الأعمار والجنسيات.
ما هي مصادر التمويل لأنشطة الهلال القطري؟ هل يكتفي بتمويل أهل الخير أم يتحصل على دعم حكومي، وبالتالي هل يخضع للرقابة الحكومية؟
يتمتع الهلال الأحمر القطري بالاستقلالية كجمعية وطنية معترف بها دولياً، وبالتالي فهو يعتمد بشكل كامل على موارده الذاتية من تبرعات الأفراد والمؤسسات في المجتمع القطري المعطاء، بالإضافة إلى الجهات المانحة مثل صندوق قطر للتنمية والمنظمات الإنسانية الدولية. إلا أن هذه الاستقلالية لا تتعارض مع خضوع الهلال الأحمر القطري لقوانين الدولة ومؤسساتها الرقابية، وخصوصاً هيئة تنظيم الأعمال الخيرية، وهي الجهة الحكومية التي تتولى الإشراف على كل ما يتعلق بأنشطة الجمعيات الخيرية والمنظمات الإنسانية القطرية، لضمان سلامة الإجراءات المتبعة، وحسن الاستفادة من أموال التبرعات، والبعد تماماً عن أي شبهات أو اتهامات مغرضة.
ما هي نوعية المساعدات المحلية التي يقدمها الهلال الأحمر القطري للمحتاجين؟ وما هي القطاعات التي يركز عليها في مد يد المساعدة وأيضاً المؤسسات والجمعيات المحلية التي يتعامل معها؟
الهلال الأحمر القطري مساند لدولة قطر في جهودها الإنسانية والاجتماعية، وهو الدور الذي يميزه عن باقي المنظمات الخيرية المحلية، كما ينتظم مع باقي مؤسسات وقطاعات الدولة في جهود تنفيذ أهداف وركائز رؤية قطر الوطنية 2030، مسخِّراً كل ما لديه من إمكانيات لخدمة المجتمع بجميع أفراده وفئاته، وتلبية احتياجات المواطنين والمقيمين على السواء، من خلال قطاعين رئيسيين هما:
- قطاع التطوع والتنمية المحلية: تقع على عاتق قطاع التطوع والتنمية المحلية بالهلال مسؤولية تنفيذ الاستراتيجية التنموية والمجتمعية للمؤسسة داخل قطر، من خلال مجموعة كبيرة من البرامج والمشاريع في مجالات الرعاية المجتمعية، والتنمية المجتمعية، والتطوع. وتشمل هذه البرامج مختلف أنواع المساعدات الاجتماعية للحالات الإنسانية من الأسر والأفراد، وبناء قدرات الفئات ذات الأولوية مثل العمالة الوافدة عن طريق التدريب والتأهيل المهني ومهارات التنمية الذاتية، ونشر ثقافة التطوع بين شباب وفتيات المجتمع.
- قطاع الشؤون الطبية: ينخرط ضمن المؤسسات الصحية المنوط بها تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للصحة العامة، من خلال 3 أدوار رئيسية: الإسعاف والتأمين الطبي (الخدمات الطبية الطارئة)، إدارة مرافق الرعاية الصحية الأولية (مراكز العمال الصحية)، التثقيف والتدريب الصحي المجتمعي (مركز التدريب والتطوير).
وفي كل هذه الأنشطة، يتعاون الهلال الأحمر القطري مع جميع الأطراف المعنية بتسهيل عمله، سواءً من المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، أم القطاع الخاص، أم وسائل الإعلام، أم غير ذلك من الجهات الشريكة.
في مجال المساعدات سواء محلياً أو دولياً، هل يتعامل الهلال الأحمر القطري مع أشخاص أو مع مؤسسات؟
يأتي مفهوم الشراكة في صميم أعمال وأنشطة الهلال الأحمر القطري محلياً ودولياً، ويتسع هذا المفهوم ليشمل المتبرعين من الأفراد والمؤسسات الذين يقدمون التبرعات النقدية والعينية، والجهات الرسمية والخدمية التي تسهل عمله وتساعده على تنفيذ مشاريعه ومساعداته الإنسانية. وفي دولة قطر، يشغل الهلال عضوية مجلس الدفاع المدني، وكذلك اللجنة الدائمة لأعمال الإنقاذ والإغاثة والمساعدات الإنسانية. أما على المستوى الدولي، فالهلال الأحمر القطري يعمل ضمن المحافل الإنسانية الدولية التي يشغل عضويتها، وعلى رأسها بالطبع الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، واللجنة الإسلامية للهلال الدولي، والمنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر، والأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي.
الدور الذي يقوم به الهلال الأحمر القطري في سوريا يلقى الكثير من الإشادة. إلى أين وصل هذا الدور؟ وعلى ماذا يعتمد في نشاطاته داخل سوريا؟
يعمل الهلال الأحمر القطري في الداخل السوري منذ عام 2012، من خلال مكتبه التمثيلي في مدينة غازي عنتاب التركية، والذي يشرف بشكل مباشر على تنفيذ مشاريع المساعدات في شمال سوريا، بالتعاون والتنسيق مع المنظمات الإنسانية المحلية والدولية، وكذلك الجهات الزميلة في تركيا مثل الهلال الأحمر التركي وهيئة إدارة الكوارث والطوارئ “أفاد” وغيرها. وطوال سنوات عمله هناك، لاقى الهلال الأحمر القطري ترحيباً وثقة كبيرين من ملايين المستفيدين من مشاريعه وتدخلاته الإنسانية لتخفيف معاناة المتضررين من الأزمة السورية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: المساعدات الإغاثية، القرى السكنية، التمكين الاقتصادي، دعم القطاع الصحي.
كيف تعامل الهلال الأحمر القطري مع الكارثة التي ألمت بتركيا وسوريا في الآونة الأخيرة؟
فور وقوع زلزال سوريا وتركيا، بادر الهلال الأحمر القطري بتخصيص مليون دولار أمريكي لتنفيذ استجابة عاجلة للزلزال في تركيا والشمال السوري، كما أطلق حملة إنسانية لجمع 10 ملايين دولار أمريكي من أجل توسيع نطاق التدخل الإغاثي في قطاعات الصحة والإيواء والمياه والإصحاح والتغذية. كما شارك ضمن الجسر الجوي لطائرات القوات الجوية الأميرية القطرية، حيث تم إرسال فرق طبية متخصصة من الدوحة لتقديم الرعاية الصحية ودعم المشافي والمراكز الصحية في عدة تخصصات طبية، كما تم إرسال شحنات مساعدات إنسانية مقدمة من دولة قطر لصالح ضحايا الزلزال، بالتعاون مع صندوق قطر للتنمية. وقامت كوادر الهلال الأحمر القطري في الشمال السوري بتوزيع البطانيات، وأوعية تخزين ونقل المياه، والناموسيات، والعوازل البلاستيكية، وحزم صيانة الإيواء، وحزم النظافة العائلية، كما تم تسيير عيادات متنقلة لتقديم الخدمات الطبية الطارئة والدعم النفسي للمتضررين في مراكز الإيواء المؤقت. وأخيراً تم افتتاح عدد من القرى السكنية لإيواء الأسر النازحة في الشمال السوري، ويجري العمل حالياً على بناء عدد آخر من القرى الخيرية.
ماذا عن إطلاق الهلال الأحمر القطري لحملة خيرية لحشد الدعم لإنشاء مشروع تنموي ضخم في تركيا؟ ما هي دوافع هذا المشروع العالمي؟ وما الهدف منه؟
أطلق الهلال الأحمر القطري حملة خيرية بهدف حشد الدعم لمشروع بناء مدينة “حياة شهير” في إسطنبول – تركيا، وهي مدينة تعليمية خيرية للطلاب الأيتام المتضررين من زلزال سوريا وتركيا، بالإضافة إلى عدد من الأيتام المتفوقين دراسياً من شتى بقاع العالم، من خلال توفير السكن والتعليم والحماية والرعاية اللازمة لهم، حتى يكونوا قادرين على النهوض بأنفسهم وبمجتمعهم في المستقبل بإذن الله.
ومن المقرر أن يستوعب هذا الصرح التعليمي عند اكتماله حوالي 1,200 طالب وطالبة من طلاب المرحلة الثانوية، حيث سيتم تقديم التعليم لهم داخل مجمع تعليمي متكامل، يتكون من مدرسة تحوي 40 حجرة دراسية و8 ورش عملية، وفقاً لمناهج وزارة التربية والتعليم التركية، بالإضافة إلى أماكن السكن والمكتبة والمطعم والمسجد والصالة الرياضية والمسبح، وغير ذلك من المرافق المعيشية والإدارية والترفيهية والتربوية.
بالنسبة للأوضاع في غزة، كيف تسير الأمور منذ استهداف مقر الهلال الأحمر القطري في القطاع؟
رغم كل الصعوبات والتحديات، لم يتوقف الهلال القطري يوماً عن أداء واجبه الإنساني والأخوي تجاه الأشقاء في قطاع غزة، حيث يعمل مكتبه التمثيلي هناك منذ عام 2008 على تنفيذ شتى أنواع المشاريع التي من تلبي احتياجات أهالي القطاع في مجالات الإغاثة الطارئة، والصحة، والمياه والإصحاح، والتعليم، وخدمات ذوي الإعاقة، ودعم سبل كسب العيش، والإيواء، وصون البيئة الطبيعية، وغيرها.
وقد تُرجم هذا التدخل حتى تاريخه إلى أكثر من 80 مشروعاً فاقت تكلفتها 107 ملايين دولار أمريكي، وكان لها أوضح الأثر في دعم صمود الشعب الفلسطيني والتخفيف من معاناته. ومنذ بداية عام 2010، توسع الهلال القطري في نطاق العمل ليشمل قطاعات التعليم العالي وخدمات الإعاقة والمحافظة على البيئة.
التغير المناخي وما ينجم عنه من كوارث على مستوى العالم أصبح يحظى باهتمام بالغ، سواء من قبل الحكومات أو الجمعيات والمؤسسات الإغاثية. كيف يتعامل الهلال الأحمر القطري مع هذه المسألة؟ وما هي الاستراتيجية التي يعتمدها في مواجهتها؟
تحرص دولة قطر دائماً على تعزيز القدرات العالمية في مجال التصدي لمخاطر التغيرات المناخية، والمنظمات الإنسانية ملتزمة بتوفير بيئة مناسبة لحياة الإنسان، بما يحفظ كرامته وسط كل التهديدات التي يواجهها، سواءً كانت نزاعات أم كوارث طبيعية أم أخرى ناجمة عن التغيرات المناخية. والهلال الأحمر القطري يلعب دوراً هاماً في تعزيز الاستعداد والاستجابة للكوارث والتأثيرات المناخية في جميع أنحاء العالم، حيث يعمل على المستويين المحلي والدولي لتنفيذ مختلف الأعمال الإغاثية والتنموية في عدد كبير من البلدان، ومن بينها تقديم الدعم في مجالات التأهب للكوارث، والاستجابة لها، والتعافي منها، والحد من مخاطرها. ونحن نؤمن بأن التعاون والتبادل المستمر للمعرفة والخبرات يمثلان حجر زاوية في التحول نحو مستقبل أكثر استدامة واستقراراً، وأن الشراكة والعمل المشترك هما المفتاح لتحقيق النجاح المنشود في مواجهة هذه التحديات العالمية.
تتويجاً لجهوده على مدى عقود من الزمن، ما هي المرتبة التي يتبوأها الهلال الأحمر القطري حالياً؟ وهل حصد جوائز عالمية خلال مسيرته؟
مثلما ذكرنا سابقاً، فإن الهلال الأحمر القطري هو أول منظمة إنسانية تطوعية تأسست في قطر، وهو يتفرد بكونه ممثل الدولة في عضوية الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر. وطوال 45 عاماً من تاريخه، ارتقى الهلال الأحمر القطري في أوساط الحركة، حتى صار من أبرز أعضائها الناشطين في مجالي الإغاثة والتنمية حول العالم، كما شهد تطوراً هائلاً من حيث نظم وآليات العمل الإنساني المؤسسي، فكان أول منظمة إنسانية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تضع دليلاً لمجلس الإدارة، لضمان أعلى مستويات الحوكمة والشفافية. وليس أدل على مدى التطور الذي شهده الهلال الأحمر القطري من حصوله مؤخراً على شهادة الأيزو 9001:2015 (نظام إدارة الجودة) من مؤسسة Bureau Veritas العالمية، وفقاً لمعايير هيئة الاعتماد البريطانية (UKAS). بعدها حصل قطاع الشؤون الطبية على المستوى البلاتيني من الاعتماد الكندي، بعد اجتياز المسح النهائي في جميع مراكز العمال الصحية الأربعة، من خلال تغطية 891 معيار تقييم ضمن المواصفات القياسية التسعة للاعتماد. وتوازى ذلك مع الحصول على جائزة قطر للمسؤولية الاجتماعية عن فئة أفضل مبادرة للمسؤولية الاجتماعية في القطاع غير الحكومي لعام 2023، وذلك على هامش مؤتمر ومعرض قطر للمسؤولية الاجتماعية الذي نظمته جامعة قطر.
هل لنا أن نتعرف على حزمة المشاريع الإنسانية للهلال الأحمر القطري في المستقبل القريب؟
لدى الهلال العديد من المشاريع الإنسانية التي سيتم تنفيذها في مختلف دول العالم، وخاصةً في مناطق الكوارث والنزاعات، والتي تستهدف اللاجئين والنازحين في اليمن والصومال وفلسطين وأفغانستان وبنغلاديش ولبنان والأردن والعراق وموريتانيا والنيجر. ومن هذه البرامج القوافل الطبية، ومشروع توفير اللوازم المدرسية، ومشاريع الإيواء والتمكين الاقتصادي. وفي سوريا، أطلق الهلال الأحمر القطري حملة “أمل وشفاء”، لتقديم العون لأهلنا مرضى السرطان، الذين تزايدت أعدادهم مؤخراً في الشمال السوري، ويعانون من ظروف إنسانية صعبة. وفي السودان نواصل جهودنا لمساعدة المتضررين من النزاع، ضمن حملة “أغيثوا السودان”، من خلال إرسال مساعدات إغاثية عاجلة إلى السودان، عبر الجسر الجوي الذي تسيره دولة قطر على متن طائرات القوات الجوية الأميرية القطرية، وتشمل مواد غذائية وغير غذائية، وأدوية ومستهلكات طبية، بالإضافة إلى مستلزمات الإيواء وخدمات المياه والإصحاح. أما على الصعيد المحلي، فنستعد لإطلاق المؤتمر العلمي الأول للهلال الأحمر القطري قريباً، وهو مؤتمر سنوي يجمع الكوادر الطبية العاملة في دولة قطر للتدارس وتبادل الخبرات، والتعرف على أحدث ما توصل إليه العلم في مختلف المجالات والموضوعات الطبية، بما يؤهل كل مشارك للحصول على ما يصل إلى 15 نقطة للتعليم الطبي والنمو المهني المستمر، كقيمة مضافة تمكنه من استكمال متطلبات تجديد ترخيص مزاولة المهنة من السلطات الصحية في الدولة.