ما تزال النفايات أحد المخاطر البيئة التي تهدد المجتمعات العربية وذلك بسبب الأساليب التقليدية في التعامل معها، والتي أدت إلى إهدار ثروة ذات عوائد اقتصادية .

ووصل العالم اليوم لمراحل متقدمة للاستفادة من هذه النفايات من خلال ” التدوير”  ( recycling ) وهي عملية يتم فيها إعادة تصنيع واستخدام المخلفات بعد جمعها وفرزها حسب أنواعها ومن ثم تحويلها من مصادر تلوث إلى منتجات جديدة قابلة للاستخدام.

ميزة اقتصاد التدوير أو الاقتصاد الدائري أنه يضع حسابات الربح الاقتصادية بجانب العوائد البيئية من خلال ترشيد استخدام الموارد الطبيعية وبالتالي التقليل من نسب التلوث.

ecodiagram

وبدأت فكرة التدوير أثناء الحرب العالمية الأولى حيث كانت الدول الأوربية تعاني من نقص شديد في بعض المواد، دفعها للتفكير في إعادة استخدام المخلفات مرة أخرى.

وعلاوة على العوائد البيئية، تساهم عملية التدوير في تخفيض ميزانية عقود النظافة، وخلق فرص استثمارية وتوفير فرص عمل جديدة، ضمن نظام الاقتصاد الدائري لذلك سنجد هنا كيف أن قطع السيارات التالفة تستخدم مرة أخرى في إنتاج سيارات جديدة بعد مرورها بعدة مراحل .

وترتبط معدلات إنتاج النفايات مع مؤشرات الناتج المحلي الإجمالي واستهلاك الطاقة على توليد النفايات للفرد فكلما تحسن الوضع الاقتصادي وزاد دخل الفرد زاد حجم النفايات.

وتوصلت دراسة للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC ) أن معدل إنتاج النفايات ارتفع في البلدان المتقدمة والنامية مع صعود الناتج المحلي الإجمالي على مدى العقود الماضية. حيث زادت كمية النفايات الإجمالية للفرد الواحد بنسبة 54 % في الدول المتقدمة و35% في البلدان النامية وذلك بين عامي 1980 و2005 .

وقدرت خسائر الدول العربية الناتجة عن تجاهل اعادة تدوير المخلفات بنحو 150 مليار دولار سنوياً، وبلغ حجم النفایات الصلبة في منطقة الخليج فقط نحو 80 ملیون طن سنویاً، في حين لم تتجاوز الاستثمارات العربية في هذا المجال مبلغ 200 مليون دولار أمريكي بينما يوجد بدول الاتحاد الأوروبي أكثر من 50 % من صناعات المخلفات في العالم، ويعمل فيها أكثر من 60 ألف مصنع ونحو نصف مليون موظف.

وتحتاج عملية تدوير النفايات إلى خطط تنفذ أساليب معينة خاصة بالفرز والتجميع بإنشاء حاويات منفصلة لجمع النفايات كالبلاستيك والورق والكرتون والألومنيوم بالإضافة إلى نشر وعي لدى الجمهور بفوائد هذه العملية على البيئة والصحة العامة.

ومن التجارب العربية المبشرة بالخير في هذا المجال، المصنع الذي أقامته دولة قطر في مدينة مسيعيد الصناعية لإدارة النفايات الصلبة بتكلفة قدرت بـ 2 مليار دولار حيث من المتوقع أن يقلل هذا المصنع من كمية النفايات المحلية التي تدفن لتصل إلى 3%- 5% مما سيقلل من نسبة النفايات التي يتم التخلص منها بهذه الطريقة بشكل عام إلى 64 %- 92%.

ومازال هنالك وقت للحاق بركب الدول المتقدمة لإيجاد خطط استراتيجية خاصة بإعادة تصنيع النفايات تبدأ من العملية التعليمية تعتبر صندوق النفاية ثروة مهدرة .