هل يمكن للتراث الإسلامي أن يواجه تحديات العصر الحديث؟ في كتابه الجديد “دراسات وقضايا في الفكر الإسلامي”، يقدم د. كمال أصلان أستاذ الأخلاق والفكر الإسلامي معالجة شاملة لهذه الإشكالية، مزجًا بين عمق التراث الإسلامي ومتطلبات العصر الراهن.

يُعد كتاب “دراسات وقضايا في الفكر الإسلامي” للدكتور كمال أصلان إسهامًا فكريًا مميزًا في دراسة وتحليل القضايا الكبرى التي تواجه الفكر الإسلامي. يناقش الكتاب بأسلوب علمي ومنهجي قضايا محورية تجمع بين التراث الإسلامي ومتطلبات العصر الحديث، مثل أدب الاختلاف، مفهوم الحرية، تجديد الخطاب الديني، والعلاقة مع التيارات الفكرية المختلفة. مما يبرز أهمية هذه المواضيع لكل مسلم يُبرز المؤلف بُعدًا فكريًا عميقًا يجعل الكتاب مصدر للباحثين.

لنستكشف رؤية د. كمال أصلان لتحقق التوازن بين روح الإسلام ومتطلبات الحداثة من خلال كتابه “دراسات وقضايا في الفكر الإسلامي”.

محاور كتاب “دراسات وقضايا في الفكر الإسلامي”

يمتاز كتاب “دراسات وقضايا في الفكر الإسلامي” بتحليله العميق ولغته الرصينة التي تستند إلى النصوص القرآنية والأحاديث النبوية، مع استشهادات تاريخية تعكس قدرة المؤلف على المزج بين الأصالة والمعاصرة. كما يقدم حلولًا عملية للتحديات الفكرية ويعزز الحوار البناء بين التيارات الفكرية المختلفة.

يقدم المؤلف رؤية شاملة تجمع بين الأصالة والحداثة. يعكس الكتاب إدراكًا عميقًا لقضايا العصر ووعيًا بأهمية استثمار القيم الإسلامية كمرجعية لحل المشكلات الراهنة.

غلاف كتاب”دراسات وقضايا في الفكر الإسلامي

يقدم كتاب “دراسات وقضايا في الفكر الإسلامي” حلولًا عملية للتحديات التي تواجه الأمة الإسلامية، مثل تطوير المناهج التعليمية وتوسيع دور الاجتهاد الفقهي الجماعي. كما يُبرز أهمية الحوار بين التيارات الفكرية لتحقيق الانسجام الفكري وتعزيز التفاهم.

تناول المؤلف مجموعة من الدراسات والقضايا في الفكر والثقافة الإسلامية تنوعت عناوينها وتشعبت موضوعاتها ولامست الواقع.

واحتوت هذه الدراسات على العناوين الرئسية التالية :

  • أدب الاختلاف في الرأي وضوابطه
  • حرية الإنسان في التصور الإسلامي
  • نهضة الأمة بين القيم الروحية والتقدم المادي
  • رؤية معاصرة في تجديد الخطاب الديني الإسلامي
  • الحوار الإسلامي الليبرالي : إشكالية العلاقة ومنطلقات التقارب

أدب الاختلاف في الرأي وضوابطه

يقدم المؤلف معالجة شاملة لمفهوم الخلاف والاختلاف، وموقف الإسلام منه موضحًا أهميته كظاهرة طبيعية في الحياة البشرية. وأوضح الفرق بين الاختلاف الممدوح الذي يُثري الفكر والاختلاف المذموم الذي يؤدي إلى التفرقة. وتطرق المؤلف لأسباب الاختلاف بشكل عام وبين العلماء بشكل خاص.

أظهر المؤلف كيف أن الالتزام بآداب الحوار واحترام التنوع الفكري كان جزءًا أساسيًا من نهج السلف الصالح بتخصيصه بابا لمعالم أدب الاختلاف في العصور الأولى.

حرية الإنسان في التصور الإسلامي

يناقش كتاب “دراسات وقضايا في الفكر الإسلامي” فكرة الحرية في الإسلام مع التأصيل لهذا المبدأ حيث بحث موضوع الحرية في القرآن والسنة باعتبارها من أبجديات الشريعة الإسلامية وكيف أنها مكفولة بصورها المختلفة.

وتقصى د. كمال أصلان موضع الحرية في آيات القرآن الكريم وكيف أن الآيات واضحة في امتلاك الإنسان للخيار بين سلوك طريق الخير أو الشر، “فالإنسان يستطيع بعقله أن يختار ما يرغب فيه، وما يناسبه وله في ذلك الحرية الكاملة قال تعالى : { وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} (الكهف: 29). وقال تعالى { إنا هدينه السبيل إما شاكرا وإما كفورا } (الإنسان:3) “

وشدد د. كمال أصلان في كتابه “دراسات وقضايا في الفكر الإسلامي” على أن الحرية تُمارس في إطار متوازن يضمن احترام حقوق الفرد والجماعة. ودلل على هذه الفكرة بآيات من القرآن ليؤكد أن الإسلام لا يُجبر أحدًا على الإيمان، بل يعتمد على الإقناع العقلي والاختيار الواعي.

ثم انتقل إلى الحرية في السنة النبوية وتناولها ألوان الحرية المختلفة، وذلك باستقراء للأحاديث التي أقرت مبدأ الحرية وجعلت لها أولوية خاصة “نظرًا لما يترتب عليها من مصالح إن طُبقت وفُهمت وفق المنهج الإسلامي”.

وأفرد د. كمال بابا منفصلا لألوان الحرية في الإسلام والتي اشتملت على النقاط التالية :

حرية الاعتقاد – حرية الإرادة – حرية الرأي – حرية التملك – حرية التعليم – حرية العمل – حرية المرأة.

وشرح كل نقطة على حدة مع تبيان الفكرة منطلقا من القرآن والسنة. ثم عقد المؤلف مقارنة مع الحرية في الغرب

نهضة الأمة بين القيم الروحية والتقدم المادي

تحت هذا العنوان يبدأ د. كمال أصلان بالتذكير بأحد مبادئ الحضارة الإسلامية الرامية إلى” تشييد الحضارات من خلال تحسين مستوى المعيشة والنهوض بالإنسان روحيا وماديا عن طريق التمكن والإلمام بشتى أنواع المعارف والعلوم.

ويعالج المؤلف التحدي الأكبر الذي يواجه الأمة الإسلامية، وهو كيفية الجمع بين القيم الروحية والمادية عبر تناول أبواب النهضة والحضارة المعاصرة وسماتها، والحضارة الإسلامية وخصائصها، والمخرج لما نحن فيه.

ويبرز المؤلف أهمية القيم الأخلاقية الإسلامية كأساس لتحقيق التنمية الشاملة، مستشهدًا بالتاريخ الإسلامي كدليل على إمكانية التوازن بين التقدم العلمي والالتزام الأخلاقي

يرى المؤلف أن الأمة لن تنهض إلا إذا استوعبت روح الإسلام كمرجعية أخلاقية، جنبًا إلى جنب مع السعي نحو التطور التقني والمادي.

رؤية معاصرة في تجديد الخطاب الديني الإسلامي

يشير د. كمال أصلان إلى ضرورة تجديد الخطاب الديني بما يتناسب مع المتغيرات العصرية، مع التأكيد على أهمية المحافظة على الثوابت الشرعية. يقدم المؤلف مقترحات عملية، مثل تعزيز الدراسات الفقهية والاجتهاد الجماعي، لتقديم تفسير أكثر ارتباطًا بقضايا العصر.

ويؤكد المؤلف أن التجديد يتطلب التعامل مع النصوص الشرعية برؤية موضوعية تبتعد عن الجمود الفكري والمصالح الشخصية.

الحوار الإسلامي الليبرالي: إشكالية العلاقة ومنطلقات التقارب

يناقش المؤلف العلاقة بين الفكر الإسلامي والتيار الليبرالي، مبرزًا الاختلافات الجذرية بينهما. مع ذلك، يدعو إلى حوار جاد قائم على فهم مشترك للأهداف الإنسانية العامة مثل تعزيز العدالة ومحاربة الفساد. يُظهر المؤلف أن هذا الحوار لا يعني تقديم تنازلات تؤثر على الهوية الإسلامية، بل السعي لتحقيق تقارب يخدم المصالح المشتركة مع احترام خصوصية كل تيار.

الخاتمة

يطرح كتاب “دراسات وقضايا في الفكر الإسلامي” معالجة شاملة لقضايا معاصرة بروح متجددة مع تقديم اقتراحات عملية للتجديد الفكري والخطاب الديني ويجمع بين التحليل الأكاديمي والرؤية الإصلاحية.

. يُبرز المؤلف د. كمال أصلان قدرته على تحليل القضايا الفكرية الكبرى بأسلوب يجمع بين الأصالة والمعاصرة. يُعد الكتاب إضافة لا غنى عنها للمكتبة الإسلامية، ومصدر إلهام لكل من يسعى لفهم أعمق للتحديات الفكرية والثقافية.


بطاقة الكتاب

  • العنوان: “دراسات وقضايا في الفكر الإسلامي”
  • المؤلف: د. كمال أصلان
  • سنة الإصدار: 1445 هـ / 2024 م
  • دار النشر: إبداع للدراسات والنشر – بيروت
  • عدد الصفحات: 344