أعلن الأسبوع الماضي عن قطب اقتصادي جديد يهدف إلى تعزيز وتطوير المالية الإسلامية عالميا ، وذلك من خلال رؤية جديدة تهدف لتطوير السوق المالية الإسلامية في ثلاث مناطق هي أوروبا، آسيا ومنطقة الشرق الأوسط.
القطب الجديد هو ثمرة شراكة اقتصادية وتقارب في وجهات النظر بخصوص مستقبل المالية الإسلامية بين تركيا قطر وماليزيا وتعتبر هذه الدول من ضمن الدول التي حققت نجاحات هامة في هذا المجال حيث تسيطر ماليزيا على 34% من سوق الصكوك على المستوى العالمي بينما تشكل البنوك الإسلامية في قطر ثالث أكبر مساهم في سوق المالية الإسلامية على مستوى العالم.
أما في تركيا فقد وصلت قيمة الأصول في البنوك الإسلامية 45 مليار دولار حيث تمثل المالية الإسلامية 5% السوق المالية التركية ومن المحتمل أن تصل هذه النسبة 15% بحلول 2025. تتطلب الاستراتيجية الجديدة منصة للتحويلات المالية مدعومة بمنظومة تكنولوجية متطورة وهو ما تمتلك هذه الدول القدرة على توفيره، ومن ضمن هذه الاستراتجية أيضا أن تغطي تركيا التعاملات المالية الاسلامية في أوروبا ، وقطر منطقة الشرق الأوسط وماليزيا على مستوى آسيا، توحيد جهود هذه الدول لخلق هذه المنظومة العالمية الجديدة سيكون له دور بارز في ازدهار سوق المالية الإسلامية العالمي وسينعكس إيجابا على اقتصاداتها.
طموح قطري مدعوم بإصلاحات مالية
تسعى الدوحة من خلال مجموعة الإصلاحات المالية الجديدة التي كانت ثمرة لما حققه قطاع المالية على مستوى سوق التداول الإسلامي إلى خلق منصة دولية خاصة بتداولات المالية الإسلامية وذلك ضمن استراتيجية القطب الاقتصادي الجديد الذي يضم تركيا وماليزيا .
في هذا الصدد، يقدم مركز قطر للمال (The Qatar Financial Center ) رزمة من الإجراءات الفعالة لكسب المزيد من المستثمرين في قطاع المال والأعمال من ضمن هذه الإجراءات :
– إطار قانوني وقضائي يستند إلى القانون الانجليزي العام
– محكمة مستقلة ومحكمة التنظيم ومركز تسوية المنازعات
– الملكية الأجنبية بنسبة 100٪
– تحويل الأرباح بنسبة 100%
– 10 % كضريبة على الأرباح من مصادر محلية
– لا قيود على العملة المستخدمة في التداول
– عملية التأسيس لمزاولة الأعمال بسيطة وميسرة
– مجموعة واسعة من اتفاقيات الازدواج الضريبي في قطر
هذا بالإضافة إلى عدد آخر من المزايا التنظيمية لجذب الشركات الأجنبية و هذه الإجراءات التنظيمية كانت كافية حسب الرئيس التنفيذي لمركز قطر للمال لجعل الدوحة مثل هونغ كونغ في تزويد الشركات بنقطة وصول إلى أسواق المال العالمية وفق شروط ومعايير دولية.
ستلعب الدوحة دورا محوريا في القطب الإقتصادي الجديد وستشكل منصة جديدة لتداول منتجات المالية الإسلامية في منطقة الشرق الأوسط.
تركيا تتخد خطوات تطويرية
سعت تركيا خلال السنوات الأخيرة إلى تطوير منظومة المالية الإسلامية وذلك من خلال إصلاحات قانونية وتنظيمية شملت قوانين الاستثمار و قوانين عمل البنوك الإسلامية. كان لهذه الإصلاحات دور بارز في جذب الاستثمارات وخاصة منها تلك المتعلقة بالمالية الإسلامية كالصكوك، كما قطاع المالية الإسلامية مساهمة معتبرة في الدخل القومي للبلاد ، فخلال النصف الأول من سنة 2017 حققت أرباح البنوك الإسلامية 769 مليون ليرة تركية أي ما يعادل (223 مليون دولار) وهو ما يشكل زيادة بنسبة 36% مقارنة بالنصف الأول من 2016. بينما ارتفعت الأصول الثابتة للبنوك الإسلامية 8% أي ما يعادل 42 مليار دولار.
هذه الإنجازات التي تحققت خلال السنوات القليلة الماضية جعلت من تركيا إحدى الواجهات الإقليمية القوية للاستثمارات في مجال المالية الإسلامية ففي مجال الصكوك مثلا: وصلت الإصدارات الحكومية منذ عام 2010 حتى 2016 ما قيمته 26.8 مليار ليرة (7.16 مليار دولار)، أما إصدارات القطاع الخاص فقد وصلت إلى 15.5 مليار ليرة تركية (4.14 مليار دولار)، وبذلك تشكل مجموع الصكوك 42.3 مليار ليرة تركية (11.30 مليار دولار)، تركيا ستلعب دورا هاما في الحلف الاقتصادي الجديد الذي يضم قطر وماليزيا والذي يسعى لإطلاق منصة تداول عالمية لجذب المزيد من الاستثمارات إلى سوق المالية الإسلامية.
ماليزيا سوق للصكوك العالمي
ستشكل ماليزيا ركيزة قوية من ركائز القطب الاقتصادي الجديد الداعم للمالية الإسلامية ، فماليزيا ذات التجربة الطويلة والمميزة في التمويل الإسلامي ستسهم بشكل فعال وقوي في القطب الاقتصادي الجديد على مستوى آسيا ، فبالرغم من أن السوق الماليزية تستقطب نسبة 34% من قيمة الصكوك العالمي، فإن لها تجربة تنظيمية وقانونية صلبة في إدارة مؤسسات المالية الإسلامية يمكن للقطب الجديد الاستفادة منها في تطوير هذه التعاملات وتحسين أدائها.
ومن خلال مؤسساتها التعليمية ومراكزها المتخصصة قدمت ماليزيا العديد من الاستشارات في مجال المالية الإسلامية للعديد من البنوك المركزية والتجارية في العديد من البلدان ، كما قامت الوحدات المختصة التابعة للبنك المركزي الماليزي بتصميم العديد من منتجات المالية الإسلامية التى تغزوا أسواق المالية الإسلامية اليوم. تواكب المؤسسات الماليزية المختصة في صناعة أدوات المالية الإسلامية التطورات التكنولوجية وحاجيات السوق وهو ما جعل تجربة ماليزيا تجربة ثرية تمتاز بالمرونة ومواكبة التطورات الحديثة، وسيستفيد القطب الاقتصادي الجديد من هذه التجربة في تطوير آليات العمل المشترك بين مكونات هذا القطب.
تشترك الدول المكونة للقطب الاقتصادي الجديد في رؤية موحدة حول أهمية وجود منصة عالمية لتداول منتجات المالية الإسلامية التي تشكل سوقها ما قيمته 2 ترليون دولار، وتتجه الفكرة بشكل أساسي حول ضرورة أن تكون قيادة منصات التداول في سوق المالية الإسلامية تحت إدارة دولة إسلامية ، لذلك يسعى القطب الجديد إلى خلق بديل جديد يستقطب الصكوك الإسلامية ويشكل خيارا استرتيجيا عن بورصة لندن وبورصة هونغ كونغ وبورصة ليكزنبورغ.