تُرى كيف يكون الإنسان مقبلا على الطاعة في شهر رمضان بشكل كبير وهو في غاية السعادة بذلك، ويريد بعد انقضاء الشهر الكريم أن يحافظ على شحنة الإيمان بعد رمضان ويستمر على نفس الأسلوب حتى يستطيع القيام بواجباته ليحافظ على ماكان عليه خلال 30 يوما كاملة من شهر رمضان وحتى لا يشعر بتقصير كبير.
الأكيد أن لشهر رمضان الكريم روح خاصة.. نعم، وهذه الروح هي السبب الذي يجعل المسلمين على اختلاف طباعهم وأحوالهم يكون لهم تعامل خاص مع الله في هذا الشهر، والمؤمن الكيس هو الذي يجعل رمضان محطة زاد وإعداد يعيش على روحه حتى يلقاه بعد عام، وصدق رسول الله ﷺ حين قال: (إن لربكم في أيام دهركم نفحات فتعرضوا لها لعل أحدكم أن يصيبه منها نفحة لا يشقى بعدها أبداً) ولذلك روي عن أصحاب الحبيب ﷺ ورضي عنهم أنهم كانوا يتهيئون لرمضان ويستقبلونه من قبله بستة أشهر، ويظلون في وداعه ستة أشهر، فهم يعيشون العام كله في رحاب رمضان.
وليعلم من يريد أن يحافظ على شحنة الإيمان بعد رمضان، أنه من بركة الطاعة أن ييسر الله لطاعة بعدها، فإذا رأى الله عز وجل من قلبك إقبالا صادقا عليه، وتقربا مخلصا منه فإن الله عز وجل أكرم، فهو الذي قال: (من تقرب إلى شبرا تقربت إليه ذراعا…)..
ويبقى دور الإنسان في الحفاظ على هذا الخير الذي تحصل عليه في رمضان، وفي ما يلي هذه بعض النصائح التي نسأل الله أن ينتفع بها الإنسان الذي نيسعى للتقرب من ربه:
1- اجتهد في الحفاظ على البيئة والروح.. فالبيئة التي كنت تعيشين فيها الطاعة والخير خلال شهر رمضان من صحبة الصالحين وزيارة المراكز الإسلامية والتواصل مع أنشطة الخير، هذه البيئة هي التي تعينك على الاستمرار والمواصلة.
2- اعلم أن للنفس إقبالاً وإدبارًا، وأنه من غير الطبيعي أن يظل الإنسان على نفس المستوى الإيماني والروحي أبدا، لكنه يعلو وينخفض ويزيد وينقص.. المهم ألا يجعل الشيطان هذا النقصان بابا لإدخال اليأس والإحساس القاتل بالتقصير إلى نفسك، فتقارن بين حالك في رمضان وحالك بعده، فترى الفرق بين الحالين، فتحس بأنك أصبحت من المفرطين، فتترك ما أنت عليه من خير.. عافاك الله من مزالق الشيطان وتلبيسه.
3- اجعل لنفسك وردًا يوميا من الأعمال التي كنت تداوم عليها في رمضان، خاصة الأعمال التي وجدت لها في قلبك أثرا، وأحسست بحلاوتها، فإذا كان القرآن في رمضان هو الأقرب إلى قلبك والأحب، فاجعل لنفسك منه قسطا يوميا، وحبذا لو كان بنفس الطريقة التي اعتدت قراءته بها في رمضان.. من حيث الوقت والمكان والكيفية.. قدر استطاعتك… وهكذا.
4- اتفق مع إحدى أخوانك أو أصدقائك المقربين، ممن كانوا عونا لك في رمضان على أن تأخذ بأيدي بعضكم البعض بعده، وأن تتواصوا بالطاعة والخير.
5- اجتهد في صيام الست من شوال، والعشر الأوائل من ذي الحجة، وعاشوراء، وتلمس مواسم الخير والطاعة، وتعرض لنفحات الله، فإن كل ذلك يحافظ على قربك، ويري الله الصدق منك.
6- أكثر من الصدقة، فكما قال رسول الله ﷺ: (الصدقة تطفئ الخطيئة).
7- ليكن لك ورد ولو بسيط في نصح من حولك ودعوتهم إلى ما تحس به من فضل الله وخير الطاعة ونورها، فإن نصيحتك ودعوتك من حولك عامل مساعد لك في التزام ما تدعوهم إليه.
8- وقبل كل ذلك وأثناءه وبعده.. استعن بالدعاء والتزم باب الله الكريم، واسأله أن يأخذ بيدك إليه، وأن يحفظ عليك نعمة الطاعة والقربى منه، وأن يجعل أيامك كلها رمضان.
الأستاذ هاني محمود5>