تنزل القرآن الكريم في شهر رمضان، لذلك يلقب هذا الشهر بشهر القرآن. والعجيب أن أغلب المسلمين يهتمون بالقرآن في رمضان وحده. ويهجروه بقية الأشهر. وكأن القرآن موسم وظاهرة لها أوانها. وليس عبادة ربانية، عليها أجر وفضل كبير.
ويدل هجر القرآن على تمكن الشيطان من الإنسان، وبُعد المؤمن عن ربه. وفي ذلك خطر كبير على الصحة الإيمانية والحياة الإسلامية؛ لأن القرآن ليس مجرد كلام يتلى؛ إنما هو كلام الرب، ينقل أوامره ونواهيه، ويصل قلب قارئ القرآن برب القرآن؛ ليكون على دربه، ولا يضل أبدا.
ولكن كيف نكسر عادة هجر القرآن؛ ليصير القرآن منهجنا:
- أُكتب جدولا زمنيا لقراءة القرآن الكريم خلال شهر رمضان، توضح فيه خانات لنصيب كل يوم من قراءة المصحف.
- وطد علاقتك بالمصحف، وأجعل بينك وبين كتاب الله علاقة متميزة. اشتري كشكول لمعاني القرآن الكريم. فعندما تقرأ آية تتأثر بها؛ سجلها في هذا الكشكول، ولو استطعت أن تطلع على معنى هذه الآية؛ افعل في وقت فراغك. ثم اختار وقتا ثابتا أسبوعيا؛ لتعيد قراءة هذه الآيات إجمالا وتتدبر في معانيها, فإنك بهذا توقظ معانيها في نفسك من وقت لآخر.
- حدد الوقت الأنسب لقراءة القرآن يوميا، ولا تؤجل الموعد أو تلغيه مهما حدث، فإن كانت لديك مناسبات سعيدة تعطلك عن القراءة، فانتهز الفرصة وأقرأ ما تيسر شكرا. وإن كانت هناك مناسبات غير سارة أو ظروف حالكة؛ فلا تتراجع عن القراءة بنية الحمد والتصبر واستخلاص الحكمة من رحم المعاني الربانية.
- ابحث عن صديق يشاركك العادة اليومية لقراءة القرآن الكريم؛ لأن الصديق الصالح هو خير معين على العبادات والسلوكيات الإيجابية الدائمة، يقول عز وجل:{وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}(الكهف:28).
- إذا نسيت أو تكاسلت في إحدى الأيام عن قراءة القرآن؛ فلتقرأ اليوم التالي قسط هذا اليوم واليوم التالي من القرآن.
- اسع إلى تعلم أحكام التجويد وعلامات الوقف وغيرها، لأنَّ هذا يساعد على حسن القراءة والتدبر.
- استمع للقرآن الكريم من صوت أحب المقرئين لقلبك؛ لأن تلاوة القرآن ليست وحدها العامل في حب القرآن والصلة به. بل يمثل السماع عبادة صامتة.
- حاول أن تحيط علما بقواعد اللغة العربية؛ وذلك لأنَّه كما قال تعالى:{إنَّا أنزلناه قرآنا عربيًّا لعلكم تعقلون}، وقال: {قرآنًا عربيًّا غير ذي عوج}.
- اعملً بالقرآن الكريم، وعش به في كافة أمور حياتك؛ تنفيذا لحدود الله، وليكن شعارك “القرآن دستور حياتنا”. وجاهد نفسك لأن تتحلَّى بما ورد فيه من آداب وسلوك. فعن الحسن البصريُّ رحمه الله قال: “إنَّ من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربِّهم فكانوا يتدبّرونها بالليل، وينفذونها بالنهار”.
- أكثر من قراءة القرآن في صلاة القيام وخاصة في جوف الليل ووقت السحر. فإنَّه أنقى للمسلم أن يفتح قلبه، وتستعد نفسه لما يقذفه الله تعالى من معاني التدبر والفهم لمراده سبحانه من كلامه.
- هيأ المكان الذي ستقرأ فيه القرآن وتتدبر معانيه، فلا يكون فيه ما يشغله عن التدبر.
- حاول أن تستقطب أهل بيتك وتشركهم في هذه العادة؛ وتتسابقون في ذلك. إذ أن الجو الإيماني إن ساد في البيت؛ سيجعل مهمة الوصل بالقرآن وحسن تدبره سهلا لا مشاق فيه.
- إن كان وقتك ضيقا لقراءة القرآن. فاحمل مصحفا صغيرا في كل مكان تحل به. وأقرأ كلام الله في المواصلات، أو في استراحة العمل، أو في أي وقت يمكن تشغله بما هو نافع.
- التزم بآداب تلاوة القرآن الكريم: الطهارة، التسوك، تنظيف المكان أو وضع عطرا.
- تحلي بالإخلاص في القراءة والتلاوة، فإنَّه أدعى أن يفتح الله تعالى على قارئ القرآن من فضله، فإن قَصْد الناس بالتلاوة حاجبٌ عن فيوض الله تعالى له.
- اعمل جدولا زمنيا خاص بقراءة القرآن أول كل شهر، حتى تثبت على عادة القراءة ولو بقدر يسير؛ فأحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل.
- رتب أولويات حياتك في جدول خاص بالأدعية؛ التي تستدعي بها في كل ختمة قرآنية شهرية. فتصبح أولويات حياتك متسقة مع قراءة القرآن والعمل بع والدعاء إلى الله.
لا يمكنك بعد اتباع هذه الخطوات أن يشكو منك القرآن هجره، بل سيكون لقول الله وقع عليك. وستعمل به في كافة أمور حياتك؛ فإن لم تأخذ بأوامر الله؛ ستلح على ذاكرتك كلماته؛ بأنك قصرت في حقه.