نشعر به جميعاً في مجتمعاتنا الخليجية. إنه ذلك “التدافع” الصامت، و”الصراع” الخفي الذي نعيشه بين ما كنا عليه وما نحن مقبلون عليه. ثقافات تصطدم، و قيم تتضارب.
نلمسه بوضوح حين تتزحزح القيم؛ نرى “الوجاهة” التي كانت تُبنى على “الخلق والاحترام” تتحول إلى سباق على “المظاهر”. ونرى “الكرم” الذي كان “عطاءً صادقاً” يصارع “الاستعراض” و”التصوير”.
هذا ليس مجرد “تفاوت بين الأجيال”، بل هو الأثر العميق لسباق التنمية الذي نخوضه. ففي سعينا لبناء أحدث المدن، نتعرض، شئنا أم أبينا، لـ “ثقافات ذات أمواج عالية “..
إن “طبيعة هذه الموجة الثقافية الطاغية”، بتركيزها على الفردانية والسرعة والاستهلاك، “تسعى بقوة لأن تكون هناك فجوة بين الأجيال”. هي تغذي هذا التباين، وتجعل كل جيل يشعر بأنه يتحدث لغة مختلفة.
و”شأننا شأن أغلب المجتمعات”، لا يمكننا “الوقوف في وجهها” بجدار منيع، فالانغلاق يعني “النكوص” الحضاري. وفي الوقت نفسه، لا يمكننا الاستسلام والذوبان، فذلك يعني أن نفقد “روحنا” و”أصالتنا”، ونبني “تنمية ضخمة بلا روح”.
أمام هذا الواقع، نحن لا نبحث عن “الصدام”، بل يجب آن نبحث عن “السلام” لمجتمعاتنا.
هنا يأتي دور “الحكمة”. “فإن حكماء مجتمعاتنا”، من آباء ومربين ومسؤولين وأصحاب رأي، “عليهم التفهم لهذا الأمر”. عليهم أن يدركوا أن هذه الفجوة ليست شراً مطلقاً، بل هي “تحدي نمو” طبيعي في عصرنا.
الحل ليس في المقاومة العمياء ولا في اللوم. الحل يكمن في “المزيد من التواصل، والحوار،. وأيضاً الحوار”.
إننا بحاجة ماسة لأن “نتجنب ما يعمق هذه الفجوة”. يجب أن نحذر من “الألفاظ” الجارحة، و”الازدراء” للجيل الجديد، أو “التصنيفات” و”الإقصاءات” التي تمارسها بعض الأجيال ضد بعضها.
قد تبدو هذه “سلوكيات فردية”، لكن “أثرها قد يتسع” ويتحول إلى شرخ مجتمعي يصعب رأبه. كل كلمة “تصنيف” هي مسمار في جسر التواصل، وكل نظرة “ازدراء” هي هدم لأساس الثقة.
إن التنمية الحقيقية التي نبتغيها لـ “مجتمعاتنا الخليجية” ليست مجرد أرقام، بل هي “تنمية متزنة” تحفظ “السلام” المجتمعي. وهذا يتطلب “الحكمة” في “فلترة” هذا الموج العاتي.
أن نأخذ “المبنى” المتمثل في (التقنية، الكفاءة، التطور)، ونُصِر على أن نملأه بـ “المعنى” (الروح، القيم، الأصالة). وهذا “الاتزان” لن يتحقق إلا بمد جسور الحوار، لنبني مستقبلاً يشبهنا في “أصالته” ويرتقي بنا نحو الأفضل.
