قال تعالى: (وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً) [النساء: 27].
أبرز هذا العدول عن الجملة الاسمية (والله يريد…) إلى الجملة الفعلية (ويريد الذين…) المفارقة بين إرادتين، وأشار إلى كمال المباينة بين مضموني الجملتين.

فإرادة الله إرادة خيِّرة فيها كمال النفع والصلاح لخلقه، وإرادة متبعي الشهوات إرادة شريرة خبيثة، لا خير فيها ولا صلاح. فناسب التباين في المعنى تباين المبنى… وبرز ذلك من خلال التغاير بين الجملتين.

وفي تقديم لفظ الجلالة على الفعل في قوله: (والله يريد) تكثيف للدلالة على المسند إليه وهو الله -عزوجل- وفي ذلك إشارة إلى كمال هذه الإرادة ونفاذها ما دامت صادرة منه تعالى، في حين عبّر بالجملة الفعلية عن إرادة متبعي الشهوات فقال (ويريد الذين…) للإشارة إلى تجدد هذه الإرادة منهم بإلحاح وحرص، ومع ذلك فإرادة الله غلاّبة، والله يفعل ما يريد.