يرتقي البيان الإلهي المعجز في التعبير على البيان البشري في دقة استعمال المفردة القرآنية، ويختارها بقصد دون مرادفها في اللسان، فيرتقي بالأفهام في معارج البيان.
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا )
لو كان هذا من بيان البشر لورد على نحو (لا يجزي والد عن ولده، ولا ولد يجزي عن والده شيئا)
لكنه البيان المعجز الإلهي العميق الدقيق في اختيار الألفاظ.. !
وغاية أفهام البشر، وعمالقة البيان، وأساطين البلاغة، أن يفهموا حينئذ سر الاستعمال إذ قال: (وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا)
ذلك أن المولود هو المتصل بالولادة الحقيقية المباشرة بوالده، وأما الولد فيطلق تجوزا ولغة على كل من له صلة نسب ولو كان من الأحفاد ..
فإذا كان المولود المباشر للمرء لا ينفع والده يوم القيامة، فما دونه في البنوة أعجز !