مقامات التزكية : لقد ركز القرآن الكريم على تزكية النفس ومجاهدتها لتستقيم على أمر الله تعالى، لأن مدار النجاة والهلاك في الآخرة على التزكية. ولأجل ذلك كانت من أجلّ مهمات الرسل، وبها يتطهر الإنسان من الشرك والكفر والنفاق، ويتخلص من دنس الذنوب والمعاصي، ويتخلق بأخلاق الإسلام الرفيعة، ويتحقق بمقامات الإيمان واليقين.
مقامات التزكية الثلاث
وللتزكية آثار تظهر جلية في سلوك الإنسان ومواقفه العملية، وفي التعامل مع الله عز وجل ومع الخلق، وفي تكييف القلب على الإذعان والخضوع، وضبط الجوارح على الطاعة، وتعويد اللسان على الذكر.
تطهير النفس
على أن التزكية تقوم في المقام الأول على تطهير النفس من الكفر والشرك والنفاق والرياء والفسق والبدعة، وكل ما يشين القلب ويذهب بضيائه ونوره من أمراض القلوب، كحب الجاه والرئاسة، والحسد، والعجب، والكبر، والشح، والغرور، والظلم، واتباع الهوى، وحب الدنيا، وغيرها من الأمراض المهلكة التي تميت القلب وتطبع عليه.
العبودية والتوحيد
وتقوم في المقام الثاني على التحقق بالعبودية والتوحيد، ويدخل في هذا: الإخلاص لله عز وجل، والصدق معه، ومحبته، وتعظيم أمره، والتسليم له، والرضا بحكمه وقضائه، والخوف منه، وخشيته ورجائه، وشكره باللسان والقلب والجوارح، واليقين بوعده ووعيده، والصبر على طاعته ومُرِّ أقداره، ومراقبته ومشاهدته إلى أن يصل المرء إلى درجة الإحسان، والتوبة المستمرة مع كل ذلك.
التخلق بأخلاق الإسلام
أما المقام الثالث من مقامات التزكية، فهو التخلق بأخلاق الإسلام، بضبط اللسان من الآفات وهي كثيرة: كالكلام فيما لا يعني، والخوض في الباطل، والمراء والجدال، والخصومة، والفحش، والسب، واللعن، والسخرية، والاستهزاء، والكذب والغيبة والنميمة. ورأس الأمر في ذلك: التخلق بأسماء الله الحسنى على مقتضى العبودية، والتخلق بشمائل النبي ﷺ، والاقتداء به القول والفعل، في اليسر والعسر، وفي المنشط والمكره.
ومن أمهات الوسائل في التزكية، إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، والصوم، والحج، وتلاوة القرآن، والذكر، والتفكر في خلق الله تعالى، وذكر الموت وقصر الأمل، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا في الأرض.
وللتزكية ثمرات تعود بالخير والنفع على المتزكي وهي: نماء المال وتثميره، والفضل والخير، والحلال والطهر، ورفعة الدرجة، والتواضع وعدم تزكية النفس ومدحها، والتطهر من الذنوب والتخلص من دنسها.