نظمت مكتبة قطر الوطنية بالتعاون مع مبادرة الأدب القطري الماضي ندوة بعنوان “قراءة في قانون حماية اللغة العربية في قطر”، استضافت عددا من قيادات المؤسسات الرسمية والمنظمات المعنية باللغة العربية في دولة قطر.

 

وشهدت الندوة جلسات النقاشية، شارك فيها كل من الدكتور علي الكبيسي، المدير العام للمنظمة العالمية للنهوض باللغة العربية، والدكتور عز الدين البوشيخي، المدير التنفيذي لمعجم الدوحة التاريخي للغة العربية، وركزت النقاشات على محاور سلطت الضوء على “اللغة والهوية”، و”السياسة اللغوية واجراءاتها”، و”اللغة والقانون”.

شهدت الندوة عدة محاضرات ألقاها كل من السيدة لولوة الخاطر، المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية، والدكتور علي الكبيسي، المدير العام للمنظمة العالمية للنهوض باللغة العربية، والدكتور عز الدين البوشيخي، المدير التنفيذي لمعجم الدوحة التاريخي للغة العربية.

 

ناقشت الندوة القانون رقم (7) لسنة 2019 بشأن حماية اللغة العربية الذي يهدف إلى زيادة استخدام اللغة العربية في الأنشطة والفعاليات المهنية والمطبوعات والمعاملات الرسمية في دولة قطر، وذلك تأكيدا لأهمية اللغة العربية كلغة وطنية للدولة.

وقالت الدكتورة سهير وسطاوي، المدير التنفيذي للمكتبة أن هذه الأخيرة “لا تبخل جهدا في دعم اللغة العربية، فلدينا مجموعة ضخمة من الكتب باللغة العربية التي يستطيع مجتمع المكتبة قراءتها أو استعارتها، وهي مجموعة تزداد حجما وتنوعا باستمرار. كما تعمل المكتبة على نشر التعليم بين أجيال المستقبل من خلال دعم الكتاب والناشرين باللغة العربية”.

وأضافت: “تولي المكتبة أيضا اهتماما كبيرا بزيادة حجم المحتوى العربي على الإنترنت، وذلك برقمنة الوثائق والمخطوطات، واستخدام تكنولوجيا التعرف الضوئي على الحروف من أجل إتاحة النصوص العربية وتيسير الاطلاع عليها للجميع. والمكتبة بذلك تكرس مواردها الرقمية لنشر اللغة العربية وتيسير فهمها وتوسيع نطاق استخدامها”.

جدير بالذكر أن هذا قانون حماية اللغة العربية يمثل استمرارا للجهود العديدة التي تبذلها دولة قطر في حماية اللغة العربية كلغة وطنية في القطاعات التعليمية والثقافية والاقتصادية، والتي بدأت بمبادرة أطلقتها الشيخة موزا بنت ناصر، رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر، عندما أطلقت المنظمة العالمية للنهوض باللغة العربية في عام 2013.

وثمَّن المشاركون الجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة في حماية اللغة العربية، وإصدار قانون بشأنها، فضلا عن تأسيس المنظمة العالمية للنهوض باللغة العربية، والعمل على معجم الدوحة التاريخي للغة العربية، إلى جانب إطلاق العديد من المبادرات التي تعزز اللغة العربية وتحافظ على استمراريتها.

وقالت لولوة الخاطر، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، إن قانون حماية اللغة العربية، لم يتم إصداره من فراغ، بل جاء نتيجة إدراك القيادة حول الحاجة الحقيقية إلى هذا القانون، لافتة إلى أن اللغة تعد حاضنة الهوية، وأنه لا يمكن المحافظة على الهوية دون المحافظة على اللغة العربية.

وأضافت ” المسألة تحتاج إلى تفعيل، وتحتاج إلى نوع من التفاهم وتضافر الجهود، فهذه المسألة ليست مسألة إلزام وإجبار بل مسألة تتطلب أن يدرك الجميع أن هناك حاجة للمشاركة، وأننا جميعا يجب أن نعمل بشكل جماعي لسد الثغرات الموجودة”،

مشيرة إلى أن كل فرد من أفراد المجتمع يقع عليه دور في حماية اللغة العربية، وحماية هويته وثقافته، وكذلك دوره في الأسرة وفي المساحات التي يتحرك فيها..

كما شددت على الدور العائلي، وفكرة الاعتزاز باللغة العربية، والافتخار بها” وأن لا نخجل من لغتنا العربية بل نعتز بها، فهي نقطة البدء”،لافتة إلى أن دولة قطر لها آيادٍ بيضاء فيما يتعلق باللغة العربية بالخارج، وأن هناك محاولات لتفعيل مثل هذه الأفكار داخل الدولة وسوف تكلل هذه الجهود بالنجاح.

وأوضحت السيدة عبير الكواري، مدير شؤون خدمات البحوث والتعلم بالمكتبة ” نحن في مكتبة قطر نعمل على تجسيد قانون حماية اللغة العربية، في برامجنا وفعالياتنا كلما سنحت الفرصة لذلك، إيماناً منا بمكانة اللغة العربية التي تعد نبراساً لثقافتنا الأصيلة، بل نتخطى ذلك إلى تبني الثقافة العربية حتى في طريقة عرض الكتب على أرفف مكتبتنا التراثية، حيث تصفف الكتب التراثية والمخطوطات لدينا بالطريقة العربية الأفقية لضمان المحافظة عليها لمدة زمنية أكثر وهو ما تتميز به المكتبة عن سائر المكتبات الأخرى”، لافتة إلى أن المكتبة تضع ضمن أولوياتها اقتناء الكتب باللغة العربية في شتى المجالات والعلوم المعرفية بالرغم من ضعف النشر باللغة العربية مقارنة باللغات الأخرى.

وأضافت ” إدراكا لمسؤوليتنا تجاه التنوع الثقافي في قطر، تهتم المكتبة بطرح البرامج باللغة العربية إضافة إلى اللغات الأخرى، كما توفر خدمات الترجمة الفورية لأغلب البرامج التي تطرح بغير اللغة العربية للتركيز على أهمية اللغة العربية وتعزيز استخدامها” موضحة أن قانون حماية اللغة العربية هو أفضل تأطير قانوني للجهود المبذولة والمأمولة في دولة قطر للنهوض باللغة العربية وأهمية تعزيزها لتحتل مكانتها العريقة في المجتمع”.

وأوضحت هيا الدوسري، مؤسس مبادرة الأدب القطري، أن المجتمعات بحاجة دائمة إلى أجيال تتحلى بروح الاعتزاز بالهوية المشتركة التي تكمن في اللغة العربية ومهارات الانفتاح البناء على الآخر، أيضاً بحاجة إلى كل من يمتلك التفكير النقدي وأدوات التأصيل المعرفي الذي يسهم إسهاما فعالا في فهم قضايا الأمة المعاصرة، لافتة إلى أن رؤية مبادرة الأدب القطري تتمثل في فضاء ثقافي وفكر مؤصل.

وقالت “تجمع مبادرة الأدب القطري تحت مظلتها مجموعة من المتخصصين والباحثين في قطر، فهي تعمل في مجالات عدة في حقول اللغة العربية والنقد والأدب والدراسات الثقافية والترجمة، ولا يخفي على أحد أهمية الحركة البحثية التي تستهدف المدونة القطرية في مجالاتها كافة وذلك للبحث من أهمية في النهضة الفكرية والحركة الثقافية بوجه خاص”، مشيرة إلى أن هناك صعوبات جمة يواجهها الباحث في العثور على المصادر والمراجع التي يحتاجها في أثناء إعداد بحثه، وذلك على الرغم مما تبذله المؤسسات من جهد.

وأضافت “علينا نحن الباحثين في قطر أن نسعى ونعمل بشكل أكبر أفراد وجماعات على تهيئة قاعدة أكثر ثراء من المصادر والدراسات التي تتيح أفقاً أوسع”، موضحة بأن المبادرة تهدف إلى دعم المدونة الأدبية والنقدية وتعزيز حركة البحث وإتاحة فرص للنقاش في المجالات ذات البعد الأدبي والثقافي.

وتحدث د.علي الكبيسي، المدير العام للمنظمة العالمية للنهوض باللغة العربية، عن الواقع اللغوي في قطر في شتى المجالات الحيوية “التعليمية”، و”الإعلامية”، و “الإدارية”، والصراع اللغوي الذي يواجه لغة الهوية جراء تحديات العولمة لا سيما الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتكنولوجية، لافتاً إلى أن اللغة العربية مكون رئيس من مكونات الهوية العربية، وإن إدراك العلاقة التفاعلية بين اللغة والهوية يتطلب وعيا لغويا سليما وغياب هذا الوعي هو السبب الرئيسي في عدم تقدير مكانة اللغة العربية وأهميتها.

وأشار إلى أهمية دور الأسرة في التنشئة اللغوية للطفل العربي، وأن للغة عدة مستويات وأن كل مستوى له خصائصه اللغوية ومقامه الاجتماعي الخاص به، موضحاً أن دولة قطر تبذل جهودا كبيرا في مجال حماية اللغة العربية.

كما تطرق د.عز الذين البوشيخي، المدير التنفيذي لمعجم الدوحة التاريخي للغة العربية، إلى مفهوم السياسة اللغوية والتخطيط اللغوي وواقعهما في قطر قبل قانون حماية اللغة 2019، والآمال المتوقعة بعد إصدار القانون، حيث تحدث عن كيفية التخطيط لتطبيقه والجهة المخولة بالتخطيط لترتيب المشهد اللغوي في البلاد إلى جانب العديد من القضايا المتعلقة بالسياسة اللغوية.

وتضطلع مكتبة قطر الوطنية بمسؤولية الحفاظ على التراث الوطني لدولة قطر من خلال جمع التراث والتاريخ المكتوب الخاص بالدولة والمحافظة عليه وإتاحته للجميع. وتُوفر المكتبة فرصا متكافئة لجميع روادها للوصول إلى كافة المعلومات والخدمات التي توفرها، وتهدف إلى تمكين سكان دولة قطر من التأثير بشكل إيجابي في المجتمع عبر توفير بيئة استثنائية للتعلم والاكتشاف.