ألقيت عليه التحية ثم أتبعت سلامي بتعريفه عن سبب وجودي هنا: “أنا المرشد الأخلاقي لهذه المدرسة من النازحين” فقال متعجبا: “وما فائدة التوجيه والإرشاد الأخلاقي”. قطبت حاجبيّ مستغربا سؤاله، لكنه لم يدع لي فرصة السؤال قائلا: “أترى هذا الطفل الصغير” فأومأت له برأسي أن نعم.. فقال: “هذا يقول كلمات كفر يهتز لها العرش”!؟
جالت هذه القصة في ذاكرتي وأنا أتابع خبر مقتل الطفل الحلبي بـ”جُرم” الكفر والاستهزاء بالنبي عليه الصلاة والسلام، صُدم الشعب الحلبي بهذا الخبر وتعالت أصوات مطالبة بالتحقيق في هذه الجريمة التي دافع مرتكبوها عن أنفسهم بكون الطفل ارتكب حد الردة!
جميع الفعاليات المدنية والسياسية أدانت الجريمة، وبدأ حراك مدني مادي ومعنوي لملاحقة القتلة وإدانتهم، وربما نسمع في الأيام القادمة خبر إلقاء القبض عليهم، لكن ما يعنيني هنا سؤال “من نلوم”؟ هل نلوم الطفل الذي “سب” و”شتم” النبي؟ وهو الذي نشأ في بيئة تجعل من الكفر أداة للتعبير عن غضبها؟ وهل يعني هذا أن نطبق حد الردة على الجميع؟ لكن ألا يجدر بنا أن نطبق حد خيانة الأمانة بمن كان مسؤولا عن هذا المجتمع وأدار ظهره عنه؟
أم هل يا ترى نلوم “الكتيبة” التي ما عرفت غير السلاح وسيلة للتأديب و”فرض” شرع الله الذي مبناه “لا إكراه في الدين”، و”ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة”؟! لكن ألا يجدر بنا أن نطبق حد سوء التعليم بمن علمها أن السلاح وسيلة لفرض الشرع؟
أم هل يا ترى نلوم المسؤولين الاجتماعين والمدنيين الذين كان همهم فيما مضى كثرة حفلات تدشين المراكز الثقافية، دون الاهتمام بتدشين الإنسان المثقف؟!
قلت للمسؤول وقتها في المدرسة: “الحق على أهله الذين نشأ بينهم، وسمع منهم هذه الكلمات فبدأ بترديدها دون علمه بمعناها”، فهز برأسه حزيناً وقال: “صدقت أستاذ.. إن أباه لا ينادي أمه إلا بالسب والشتم”!
أكرر سؤالي مرة أخرى.. من نلوم؟ وإلى أن نجد جوابا، وعلاجا، أرجو أن لا يسقط أحد ضحية سوء تربيتنا!