لن تتردد إن سألتك: هل تؤمن بقضية الأرزاق وأن الرزق في السماء وليس الأرض؟ فتجيب قائلاً: نعم أؤمن بقضية الأرزاق، وأن الله هو الرازق وهو يوزعها على كل دابة تدب على هذه الأرض وبمقدار محدد دقيق هو أدرى به سبحانه.. ولن يقول أحد أبداً خلاف ذلك المعنى أو المفهوم، ولكن حينما تأتي لتناقش الأمر معه، ستجد أن الواقع يختلف كثيراً عن المفترض أو الواجب أو كما هو يفهم ويعتقد، كيف؟
تجده مثلاً أحرص ما يكون وبشكل غير طبيعي على مكاسب مادية، سواء كانت على شكل منصب إداري أو عضوية في مؤسسة أو لجنة أو شركة مساهمة أو أموال يستثمرها هنا أو هناك، فتجده يحسب ويحسب، يفرح للأرباح ويندم ويحزن للخسائر!
أضف إلى ما سبق، قلقه البالغ من الغد القادم والمستقبل المجهول. تراه مهموماً يفكر يومه وليله على ما يمكن أن يأتي عليه بالغد أو بعده أو السنة القادمة.. وبالطبع التفكير جله منصب على المكاسب المادية. كم سيربح وكم الزيادة في الراتب وكم أرباح أسهمه في البورصة، وكم وكم وكم..
يذهب للعمل وهو خائف مرتاب من أي منافس له، خشية أن تضيع الوظيفة منه بسبب ذاك المنافس. يذهب ويتقدم لوظيفة من الوظائف بحسب إعلان في صحيفة أو أي وسيلة إعلامية، فتجده قلقاً لأيام عديدة ينتظر النتائج، وهل سيفوز بالوظيفة أم أن أحداً غيره سيفوز بها؟! هذا القلق الذي يعيشه كثيرون سببه الرئيسي دون شك، الضعف الشديد في الإيمان بموضوع الأرزاق، حتى وإن قالوا عكس أعمالهم وتصرفاتهم. فإنهم يقولون ما لا يفعلون أو أقرب إلى هذا المعنى..
إن كنت حقاً تؤمن بأن رزقك في السماء، فلماذا تقلق عليه خشية ألا يصل الأرض؟ وإن كنت تؤمن أن رزقك لا يمكن لأحد غيرك أن يأخذه، فلماذا تقاتل الآخرين خشية أن يأخذوه منك، أو كما تعتقد؟ وإن كنت تؤمن بأنك لن تموت حتى يكتمل رزقك وترى كل ما كتبه الله لك أو عليك، فلماذا تسهر الليالي متوتراً على مال أو وظيفة أو جائزة أو حتى أكلة تأكلها؟
إنها مسائل حياتية متكررة تحتاج منا إلى إيمان وشيء من العلم.. فهل نفعل؟