ففي هذا السياق نجد أن كلمة (فريقاً) وردت ابتداءً مفعولاً به مقدماً للفعل (تقتلون) فقال (فريقاً تقتلون) ثم عدل عن ذلك إلى تأخيرها بعد الفعل (تأسرون) فقال (وتأسرون فريقاً) ولو جرى السياق على نمط واحد من المشاكلة لكان (فريقاً تقتلون وفريقاً تأسرون).
ولكي ندرك سر ذلك ينبغي لنا معرفة سبب نزول هذه الآية، فقد نزلت في يهود بني قريظة، وقد صدر فيهم حكم سعد بن معاذ – رضي الله عنه- أن تقتل المقاتلة وتسبى النساء والذراري، وأن تكون ديارهم للمهاجرين، فأمضى رسول الله – ﷺ- ما حكم به سعد، كما هو مفصل في السيرة.
ويوضح ابن عاشور سبب هذا العدول مستنبطاً ذلك من أسباب نزول هذه الآية فيقول: “فريقاً تقتلون، للاهتمام بذكره، لأن ذلك الفريق هم رجال القبيلة الذين بقتلهم يتم الاستيلاء على الأرض والأموال والأسرى، ولذلك لم يقدم مفعول تأسرون” إذ لا داعي إلى تقديمه فهو على أصله”.
ونضيف إلى ما قاله ابن عاشور أن الأسر دون القتل في إشفاء غليل المؤمنين من هؤلاء، فأخره في الذكر بأن أتى به على الأصل، أما قتل الأعداء فهو موضع الاهتمام فقدمه لذلك.