الكتاب الذي أحاول عرض أفكاره هو: ” What I believe” وبالفرنسية ” Mon intime conviction” لمؤلفه طارق رمضان وفضل الباحث ترجمته إلى: “هذه آرائي” مستبعدا الترجمة الحرفية، مركزا على المقصد، وذلك بناء على مضمون الكتاب والهدف الأساسي من تأليفه. الكتاب نشر بأكسفورد سنة 2010، ويتألف من 148 صفحة، مقسمة على 17 مواضيع رئيسة، وليس مترجما، حسب علمي.

سبب تأليف الكتاب

أثار ظهور طارق رمضان ضجة في العالم الإسلامي والغربي أجمع، فتلقفه قوم على أنه المصلح المنتظر لطرح الإسلام في عصر العولمة، المتفهم لواقع الغرب، والجيل الجديد، في ظل الثورة الإعلامية الجياشة، ورماه آخرون بتشويه الإسلام، ومن خارج العالم الإسلامي انتقده العلمانيون وجمعية المساواة بين الجنسين، ومؤسسة الشذوذ.

كبرت هذه الانتقادات على طارق رمضان، فسعى إلى تأليف هذا الكتاب لتلخيص أهم معتقداته الفكرية، على أن يقلل بذلك الفجوة بينه وبين منتقديه وأن تكون أفكاره واضحة، ويكون ذلك ردا على من يتهمه بـ “صاحب الكلام المتناقض، أو المزدوج”، فهذا سبب تأليف كتابه.

ما هو اتجاهه الفكري؟

يقدم المؤلف نفسه في الكتاب على أنه ينتمي إلى التيار الإصلاحي، القائم على إعادة قراءة التراث وفق المعطيات الحضارية والثقافية والعلمية المعاصرة، وذلك في مقابل من أسماهم بالحرفيين، أو المحافظين التقليديين، فالسمة الكبرى المهيمنة على فكره هي الإصلاح.

تلقف قوم الدكتور طارق رمضان على أنه المصلح المنتظر لطرح الإسلام في عصر العولمة، المتفهم لواقع الغرب، والجيل الجديد، في ظل الثورة الإعلامية الجياشة، ورماه آخرون بتشويه الإسلام، ومن خارج العالم الإسلامي انتقده العلمانيون وجمعية المساواة بين الجنسين، ومؤسسة الشذوذ.

وقد قسم المسلمين في الغرب إلى أقسام عدة بين مؤمن ملتزم وآخر غير ملتزم مع فروق تفصيلية في ذلك، ورأى أن الغرب لا يجد مشكلة في التعامل أو الاستيعاب لهذه الأقسام، وأن هناك طائفة أخرى متشددة ونعتها بالحرفيين، وهم يحذرون من العيش والانخراط في المجتمع الغربي، ولا يرون للغرب دينا ولا قيما أخلاقيا ألبتة، ولا إمكانية للتواصل ولا السلم معه، وهذه الطائفة هي التي تقلق الغرب ـ حسب رأيه ـ

ما منهجه العلمي؟

يشرح طارق رمضان منهجه العلمي مبينا أنه يعتمد على  دراسة الآيات والأحاديث والآثار الورادة في المسألة، دون الجمود عليها، وعرض الآراء الفكرية والفقهية حولها كما في التراث الإسلامي، ثم اقتراح المناسب منها، مع استحضار البيئة المعاشة أثناء ورود هذه الآثار ومراعاة التطور الزمني والمكاني.

ومن معالمه الفكرية اعتبار الآخر وتقديره رغم الاختلاف، والتركيز على السمات العامة بين الإسلام وغيره، والتفريق بين الدين والعادة، ومراعاة الاستخدام في الكلام والسياق.

ومن معالم منهجه الذي يدعو إليه: الثقة والتناسق الفكري والعاطفي، والثبات على المبدأ والمساهمة بجديد الإبداع، وحسن التواصل والتنافس الشريف. ويحاول المؤلف ربط قضايا العصر السياسية والاقتصادية، والاجتماعية والثقافية بالإسلام، ويؤصل لها، ويبين عبرها علاقة الغرب بالشرق.

الدعوة إلى الإسلام الغربي

لعل جديد طارق رمضان، وأهم ما يمتاز به من فكر خلال متابعتي لكتبه، وهذا الكتاب خاصة هو الدعوة إلى “المسلم الغربي” أو “الإسلام الغربي.

يجد المتتبع تبني المؤلف لآراء يظهر في سرده لها كأنها آراء جديدة، وهو أول من دعا إليها، إلا أن المدقق يجد أن هذه الآراء موجودة من قبل وفي بعض الكتب المعاصرة.

ويعني به أن الإنسان الغربي المسلم الذي لا يعرف إلا مجتمعه لغةً وثقافةً، عليه أن ينخرط في هذا المجتمع بكل ولاء/ مساهماً فيه مثل غيره، له ما لهم وعليه ما عليهم، وأن حضوره الآن لم يعد رخصةً، وأنه ليس في دار كفر، وأن المواطنة والديانة تجتمعان، وأنه ثمة فرق بين الدين والثقافة، وأن الإسلام لا يقول العكس أبدا، على أن ثمة الكثير من مبادئ إنسانية بين المجتمعين.

تقييم عام للكتاب

سعى المؤلف إلى تقليص الفجوة بينه وبين منتقديه، ببيان سوء التفاهم الناشئ عنه عبر ما أسماه بالإشاعات، وببيان أنه غير متناقض الفكرة، لكن هل نجح الكتاب في ذلك؟ لقد نجح في إعادة عرض أفكاره، إلا أن:

ـ الإشكالية تكمن أولا في هذه الأفكار نفسها، وفي المنهجية المتبعة (الإصلاح في مقابل المحافظة أو الأصولية)، وذلك لأن الخلاف بينه وبين غيره ليس في أنهم لا يعرفون فكره؛ بل لأنهم لا يستسيغونه.

ـ يضاف إلى هذا كثرة التكرار في الكتاب، ولعل سر ذلك أن محور فكر الكاتب يدور حول أمر واحد، يحاول عرضه وتأكيده بطرق مختلفة.

ـ تركيز الكتاب في اتجاه الدفاع عن نفسه وتبرير آرائه ومواقفه!

ـ عدم التنصيص صراحة على بعض آرائه الفقهية، نجده يشير إلى بعض المسائل بإيجابية وقبول ما، دون بيان الحكم الشرعي فيها، ويكتفي بأن ثمة فرق بين الدين والثقافة مثلا.

ـ عدم التأصيل بين المؤلف أن من منهجيته عرض الآثار والآراء قبل التبني، ولم يقم بتطبيق عملي لأي من ذلك، علما أن الحاجة دعت إلى ذلك لدى حديثه عن المرأة والجهاد! وقد يقال بأن الكتاب أصغر أن يستجيب لهذه الإشكالية وما قبلها!

ـ عدم الإشارة إلى من سبقه في بعض آرائه: يجد المتتبع تبني المؤلف لآراء يظهر في سرده لها كأنها آراء جديدة، وهو أول من دعا إليها، إلا أن المدقق يجد أن هذه الآراء موجودة من قبل وفي بعض الكتب المعاصرة.

من تلك الآراء: رفض التقسيم الفقهي: دار حرب ودار سلم، و”مشكلة الإسلام”، أو “إسلامية المشكلة”، وأن يكون المسلمون شهودا – واقعيا بالمساهمة والإضافة العلمية والحضارية- على الأمم الأخرى لا متحدثين ومنظرين فقط.

أخيرا، هذا نموذج من نماذج الأعمال الأكاديمية الإسلامية، وما يدور في الكتب والمقالات العلمية ذات المعايير العالمية، ومن الواضح أنه نجح من المنظور الوظيفي الأكاديمي، إلا أنه يتباين كثيرا من حيث المفردات والأسلوب العلمي مع الكتب التراثية. وما زالت إشكالية الإصلاح والتقدم والحضارة تواجه المحافظة والتراث، ونحن بين من يرى ذلك تقدمَ الزمان، وبين من يرى ذلك فسادَ الزمان.