لأول مرة في دولة عربية، استضافت قطر ممثلة باللجنة الوطنية لحقوق الإنسان مؤتمرا دوليا حول “دور المفوضية السامية لحقوق الإنسان في تعزيز وحماية حقوق الإنسان في المنطقة العربية” خلال الفترة من 13 إلى 14 يناير 2016 وبالتعاون مع مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان وجامعة الدول العربية و الشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان.

في مستهل أعمال المؤتمر، ألقى الدكتور على بن صميخ المري رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر كلمة أشار فيها إلى ما تمر به المنطقة العربية من مرحلة عصيبة وتهديدات خطيرة أثرت بشكل كبير على حالة حقوق الإنسان في المنطقة وعلى أداء منظمات المجتمع المدني والهيئات والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان وأدت إلى تراجع احترام حقوق الإنسان بشكل ملحوظ.

وأكد رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان على مسؤوليات الدول في تعزيز واحترام حقوق الإنسان وأنها مطلب أخلاقي وشرعي ودستوري لا يتغير بأهواء الحكومات، مشددا على دور المفوضية في تعزيز وحماية حقوق الإنسان لجعل النهوض بها برنامجا دائما في المشاريع والخطط الوطنية.

كيف لا نفتح الأبواب للاجئين ؟

بدوره قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان زيد رعد الحسين إنه رغم التفاؤل الذي رافق مع سمي بالربيع العربي إلا أن الأحداث اللاحقة دفعت المنطقة العربية إلى مزيد من التوتر، وبدلا من تعزيز حقوق الإنسان ازدادت الانتهاكات وتراجعت الحريات.

وأضاف زيد، أن المنطقة لم تشهد في تاريخها هذا المستوى من العنف والقتل والتشريد للأبرياء الذي تشهده في الوقت الحاضر.

وأشار زيد إلى ظهور تنظيمات متطرفة في المناطق التي تشهد الاقتتال والعنف، وما ترتكبه من ممارسات ظن الجميع أنها اندثرت مثل العبودية والتعذيب والقتل بسبب الهوية والاستغلال الجنسي للنساء من الأقليات الدينية والعرقية. وأبدى المفوض السامي استغرابه لظهور بعض الأصوات التي تؤيد وتبرر مثل هذه الأعمال الهمجية.

كما أبرز المفوض السامي التحدي الكبير الذي تواجهه المنطقة في محاربة الإرهاب مؤكداً أن الحلول الأمنية التي لا تراعي حقوق الإنسان ومبادئ العدالة والإنصاف لن تؤدي في النهاية سوى لمزيد من التطرف وتنامي مشاعر الإحباط والعداء تجاه الحكومات.

وتطرق المسؤول الأممي إلى ما يتردد عن “الخصوصية الثقافية للمنطقة العربية” وقال إن الكثيرين يغفلون عن ذكر أن العقيدة الإسلامية تقوم على مبدأ وحدة الجنس البشري وأن الاختلاف بين البشر يهدف إلى إعمار الكون.

وفي سياق حديثه عن هجرة الرسول عليه الصلاة والسلام إلى المدينة المنورة، وأوائل الصحابة إلى الحبشة، تساءل زيد رعد الحسين عن السبب في عدم فتح الأبواب للاجئين وحمايتهم فيما يُنتظر من الآخرين القيام بهذا الواجب.

التوصيات

 شارك في هذا المؤتمر ما يزيد عن 250 مشاركا من مختلف المنظمات الإقليمية تمثل هيئات رسمية وقانونية وممثلين عن منظمات المجتمع المدني في المنطقة استعرضوا عبر الجلسات وورش العمل دور المفوضية السامية وأنشطتها في سياق الوضع الراهن للمنطقة العربية وسبل دعم وتعزيز حماية حقوق الإنسان، كما طرحت العديد من الأوراق والأفكار في إطار توسيع الفضاء الديمقراطي وتفعيل دور المجتمع المدني.

وخرج المؤتمر في ختام أعماله بتوصيات من أهمها  : دعوة دول المنطقة إلى زيادة عمل المدافعين عن حقوق الإنسان في المنطقة والمساهمة بشكل كاف لتمويل الموفوضية السامية ، والعمل على جبر الضرر لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان عند صياغة برامج أو إقرار تشريعات لحقوق الإنسان، وإلى ضرورة حماية الأطفال والنساء واللاجئين والنازحين داخليا.

كما دعا المؤتمر المفوضية السامية والدول والمؤسسات الوطنية والمجتمع المدني إلى فتح آفاق جديدة لدعم انخراط المرأة والشباب في إعداد برامج التوعية والتثقيف، ومنحهم المزيد من العناية في خطط عمل المفوضية والشركاء في المنطقة العربية، كما دعا المفوضية السامية إلى إتاحة المجال للخبرات العربية للعمل في المفوضية السامية إلى جانب توفير فرص التدريب والمنح للشباب العربي.

ودعا المشاركون، الدول إلى العمل على مقاربة منهجية حقوق الإنسان وإدماجها في الخطط الوطنية المتعلقة بمكافحة الإرهاب والتطرف، وصون الأمن إعمالا للحق في الحياة، وقاموا بدعوة المفوضية السامية إلى تعزيز اللغة العربية فيما يتعلق بالمنشورات والإصدارات والتقارير الصادرة عن المفوضية بمختلف آلياتها، وتشجيع الإسهامات العربية لإثراء المنشورات والإصدارات الدولية.

ودعت التوصيات أيضا دول المنطقة إلى زيادة إسهاماتها التطوعية للمفوضية السامية بما يخدم برامجها في نشر وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان، وإلى تقديم الدعم لمبادرة المفوض السامي في الإصلاحات التي بدأها في 2014، وإلى تبني آليات وطنية مستدامة تهيئ قدراتها واستعداداتها على إعداد التقارير الدورية ومتابعة وتنفيذ توصيات الاستعراض الدوري الشامل وتوصيات اللجان التعاقدية.