يتزايد الاهتمام بالروبوتات بشكل ملفت في عالم اليوم، ويتوسع مجال استخدام هذه الروبوتات ليشمل مجالات الطب، الصناعة، الضيافة والفندقة، الأمن، إضافة إلى الأعمال التجارية فمعظم الشركات العالمية أصبحت تستخدم الروبوتات في مجال تخزين وتغليف وتوزيع منتجاتها، من هذه الشركات شركة أمازون العملاقة وشركة تسلا للسيارات الكهربائية.

زيادة استخدام الروبوتات تسبب في آثار سلبية منها فقدان الكثير من العمال ذوو المهارة المنخفضة والمتوسطة لأعمالهم. وبالرغم من وجاهة استخدام الروبوتات في كونها تسهم في تخفيض التكلفة إلا أنها أيضا تشكل تحديات كبيرة في مجال التوظيف في العديد من الدول التي تستخدم الروبوتات بشكل واسع. تهدف هذه المقالة إلى تسليط الضوء على الروبوتات ومدى تأثيرها على الاقتصاد بشكل عام وسوق التشغيل بشكل خاص.

توسع سوق الروبوتات

تشير معدلات نمو سوق الروبوتات إلى زيادة سريعة في حجم هذه السوق ، حيث تشير التقارير الحديثة إلى أن قيمة سوق الروبوتات الصناعية العالمية وصلت 18.8 مليار دولار أمريكي في عام 2018 ، ومن المتوقع أن يتضاعف هذا الرقم ليصل إلى 59.9 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2026 ، بمعدل نمو سنوي يصل 15.7 ٪ خلال الفترة المتوقعة. ويرجع التطور السريع لهذه السوق إلى التحول المستمر من منظومة التشغيل اليدوي والتي أصبحت أقل كفاءة سواء من حيث بطىء الإنجاز أو من حيث مستوى الإنتاجية إلى منظومة التشغيل الآلي التي تسببت في زيادة الطلب على الروبوتات الصناعية. تعد تزامن الإدارة والإنتاج والتحكم أمرًا حيويًا لضمان حسن سير العمل في الصناعات.

يتنوع استخدام الروبوتات حسب مجال الصناعة وتتصدر كل من كوريا الجنوبية وسنغافورة واليابان وألمانيا أكثر الدول المستخدمة للروبوتات في العالم، حيث يوجد في كوريا الجنوبية 710 روبوت صناعي مثبت لكل 10000 موظف. وتستخدم هذه الروبوتات في قطاعي الإلكترونيات والكهرباء. تأتي سنغافورة في المرتبة الثانية حيث أن 90 ٪؜ من الروبوتات توجد في قطاع صناعة الإلكترونيات بكثافة تبلغ 658 لكل 10000 موظف. أما ألمانيا واليابان وهما رائدتان في صناعة السيارات فيبلغ معدل كثافة الروبوتات لكل منهما ما يزيد قليلاً عن 300 لكل 10000 عامل وتستخدم هذه الروبوتات بكثرة في قطاع صناعة السيارات . و تجدر الإشارة هنا إلى أن اليابان واحدة من اللاعبين الرئيسيين في مجال الروبوتات الصناعية ، حيث تسيطر على 56 في المائة من سوق العرض العالمي.

الروبوتات تسرق وظائفنا

يشير تقرير Oxford Economics أن ما يقارب 20 مليون وظيفة في قطاع الصناعات حول العالم سيتم إنجازها بواسطة الروبوتات وهو ما يعني فقدان 20 مليون شخص لوظائفهم في 2030. كما يوضع التقرير أنه كلما كانت الوظيفة أكثر تكرارا ، كلما زاد خطر محوها واستبدالها ، ويضيف التقرير أن الوظائف التي تتطلب مزيدًا من الإبداع أو الذكاء الاجتماعي من الصعب أن يتم شغلها بروبوتات لذلك سيظل الإنسان يحافظ على أداء هذه الوظائف “لعقود قادمة”. هكذا تتسب الروبوتات التي بدأت تغزوا مختلق قطاعات الصناعة و الخدمات في تحدي كبير للحكومات حيث أنه من الصعب الموائمة بين أصحاب العمل الراغبين في استخدام الروبوتات وذلك من أجل تخفيض نفقات الانتاج وبين ملايين العمال المهددين بخسارة وظائفهم. في الولايات المتحدة الأمريكية تشير التقارير إلى أن زيادة استخدام الروبوتات في قطاعات الصناعة والخدمات سيؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة و زيادة الانقسامات الاجتماعية ، وتشير التقديرات أنه في حالة تواصلت زيادة استخدام الروبوتات من الشركات والمصانع الأمريكة فإن من 3 ملايين إلى 80 مليون أمريكي سيفقدون وظائفهم. 

زيادة الانتاجية وتقليص النفقات

يرى العديد من خبراء الاقتصاد أن استخدام الروبوتات في مجالات الصناعة والتجارة والخدمات يسهم في تحقيق ميزات مهمة للمؤسسات ، ههذ الميزات هي : زيادة كفاءة الانتاج و تقليص النفقات وهذا ما يحقق أرباحا كبيرة لهذه الشركات. كما يشير هؤلاء الخبراء إلى أن قضية فقدان الوظائف التي تتحدث عنها التقارير تحوي على نوع من التضخيم ، حيث أن الروبوتات أيضا تسهم في خلق وظائف جديدة في قطاع التكنولوجيا ، وتتميز هذه الوظائف برواتب عالية إلى أن أصحابها يحتاجون أيضا لمهارات عالية من أجل القيام بالمهام الموكلة إليهم ، كما أن هذه الروبوتات يمكن استخدامها في مهام خطيرة تشكل عادة تهديد لصحة العمال الذين يقومون بها من هذه المهام فرز المواد الخام في المصانع ونقلها وتخزينها ، بينما يقوم العمال المهرة بإكمال الأدوار المتعلقة بالجودة وغيرها. وبالرغم من وجاهة هذا الطرح إلا أنه يعالج القضية بشكل جزئي ، فماذا عن عمل هذه الروبوتات في قطاعات الخدمات والصحة والأمن وغيرها من القطاعات غير الصناعية والتى لا تستخدم المواد الخام.

مع تصاعد التطور التكنولوجي والتقني يتراجع دور الإنسان في عالم اليوم وبسرعة ملفتة ، يوضح تقرير للمنتدى الاقتصادي العالمي 2020 أن الآلة ستتفوق على الإنسان في عام 2025 حيث ستصل نسبة تشغيل الآلة 52% مقابل 48% نسبة تشغيل الإنسان ، هذه التقارير مدعومة بعدة دراسات من مراكز وجامعات ترى أن تصاعد استخدام الروبوتات في القطاعات الصناعية سيؤدي إلى 50% من الوظائف في هذه القطاعات. وتشكل هذه التوقعات صدمة لحكومات العديد من الدول وذلك لما ستسببه هذه المنظومة التقنية من زيادة في حجم البطالة.