مما قد يتميز به منهج البحث عند أبي حامد الغزالي هو استقصاء الجزئيات واستقراؤها بشكل متصبر وعنيد،  وذلك لبناء كلية ثابتة قد تكون قاعدة أساسية  لنظرية ما،  وعلى شكل متواصل وتشجيري.

هذا الاستقصاء قد تجلى لديه عند البحث عن الخلفيات التي تكمن وراء كل ظاهرة من الظواهر والعلة التي تكون دافعا نحو هذا العمل أو ذاك،  إذ أن كل حادث فلحدوثه سبب،  وعلى هذا فكل حركة أو سكنة عند الإنسان إلا وهي خاضعة لسبب كان وراءها،  وهذا السبب بدوره يتعقب لإدراك هل هو سبب ذاتي أم أنه سبب وراءه سبب آخر،  وهكذا حتى ينتهي إلى السبب الأصلي الذي يكون وراء  هذا النشاط الإنساني أو ذاك،  سواء كان فضيلة أو رذيلة أو شيئا محايدا…

من هذه القاعدة المنطقية والمتمثلة في ربط الأسباب بالمسببات على النمط الكلامي والفلسفي سنراه يتعقب الحركات النفسية الكامنة وراء ظهور هذا النشاط أو ذاك،  فيرى أن”مبدأ الأفعال الخواطر ثم الخاطر يحرك الرغبة والرغبة تحرك العزم والعزم يحرك النية والنية تحرك الأعضاء”[1].

أ – الخاطر والاستبطان كمحدد للسلوك

     فالخواطر في مفهومه “هي آثار تحدث في قلب العبد تبعثه على الأفعال والتروك وتدعوه إليها،  وسميت كذلك لاضطرابها من خطرات الريح ونحوها ،  وتسمى أيضا خواطر لأنها تخطر على القلب بعدما كان غافلا عنها،  وحدوثها جميعا في قلب العبد من الله سبحانه و تعالى،  لكنها أربعة أقسام:

  1. منها ما يحدثه الله تعالى في القلب ابتداء؛ فيقال له الخاطر فقط،
  2. وقسم يحدثه موافقا لطبع الإنسان فيقال له هوى النفس وينسب إليها،
  3. وقسم يحدثه عقيب دعوة الملهم ينسب إليه؛ ويقال له الإلهام،
  4. وقسم يحدثه عقيب دعوة الشيطان فينسب إليه ويقال له الوسوسة وتنسب إليه بأنها خواطر من الشيطان،  وإنما هي في الحقيقة حدثت عند دعوته فهو كالسبب في ذلك ولكنه ينسب إليه،  فهذه أربعة أقسام من الخواطر”[2].

  هذه الخواطر بصورها تمثل ركنا مهما من أركان النية،  إذ بدون الخاطر فلن تحدث رغبة ولن يحدث عزم ولن تتحقق في النهاية نية،  وهي في مفهومه تعتبر إجمالا لكل هذه الحركات النفسية ونهاية لها،  كما أنها برزخ بين النظر والتطبيق،  وتأتي بعد تخليص النفس من كل الترددات بين الخواطر المتواردة والمتعارضة وعند تقرير اعتماد بعضها دون بعض.

من هنا فقد كانت النية بهذا المفهوم هي أصل الإخلاص،  لأنها تخلص الإنسان من كل مراجعة،  بل تكون الباب الأخير نحو التطبيق  حيث عرفها بأنها “الإرادة  الباعثة للقدرة المنبعثة عن المعرفة”[3].

عند هذا التعريف يبدو أن زكي مبارك لم يعن بالسياق الذي ورد فيه تعريف النية بالإرادة،  إذ يرى أن الغزالي ليس له تعريف قار للإرادة! لأنه مرة يسميها بالقوة العاملة ومرة “قوة ومعنى للنفس هو مبدأ حركة يدعوان الإنسان إلى الأفعال المعينة الجزئية المختصة بالفكر والروية على ما تقضيه القوة العاملة النظرية،  ومرة يسميها النية ويعنونها كذلك في الأربعين والإحياء،  ويرى أن هذا التعريف الأخير هو الذي يعتبر من موضوعات الأخلاق “[4].

والحقيقة هي أن هذه التعريفات المختلفة للإرادة لديه لا تشكل تناقضا في المفاهيم العميقة والمجردة التي تحتملها،  بل إنها توظف على نظام وترتيب عقلي ونفسي موحد،  سواء وظفت عند الأخلاقيين النظريين والفلاسفة…لأنها لم تخرج عن المراحل النفسية التي تتحكم في صيرورتها لأن تسمى نية.

 فهو لم يذكر أن الإرادة هي النية بهذا الترادف الحرفي،  وإنما ذكر الإرادة المعرِّفة للنية مقرونة بخاصية ملازمة لها وهي: أنها باعثة للقدرة ومنبعثة عن المعرفة “كما  أن الفرق بين مفهوم الإرادة عند الصوفية أو الأخلاقيين عموما والفلاسفة يبقى محصورا في نوع المعرفة التي تكون باعثة لتلك الإرادة،  وكذلك فليست كل إرادة باعثة على القدرة إلا بحسب الخلفيات التي كانت وراء وجودها وهي المعرفة المعينة.

فهذا التعريف الذي أورده الغزالي للنية يبقى تعريفا نفسيا محضا ويعتبر تدقيقا منه في تفرقته بين النية النفسية والنية الأخلاقية،  إذ أنه تعريف يحدد السلوك في مراحله النفسية لا علاقة له بأية أحكام معيارية أو قيمية،  بل يبقى محايدا،  وهذا ما تصبو إليه الدراسات النفسية والأخلاقية الحديثة بمحاولة إعطاء تعريفات ومصطلحات خاصة تتميز عندها النية النفسية عن النية الأخلاقية[5].

إن مبدأ الأفعال المشخصة عن طريق النيات كما يرى هو: الخواطر،  وهي حادثة في النفس؛ ولكل حادث محدث “فمهما  اختلفت الحوادث دل ذلك على اختلاف الأسباب،  هذا ما عرف من سنة الله تعالى في ترتيب المسببات على الأسباب،  فمهما استنارت حيطان بيت بنور النار وأظلم سقفه واسود بالدخان علمت أن سبب السواد غير سبب الاستنارة”[6].

فنوع الخواطر المقلدة أو المتبعة هي المحددة للنيات،  وهي متعارضة ما بين خواطر خيرة وخواطر شريرة بحسب الأسباب التي تكون وراءها،  لهذا كان من الواجب على الإنسان أن يعلم أولا:”الفرق بين خاطر الخير وخاطر الشر في الجملة،  وثانيا الفرق بين خاطر شر ابتدائي أو شيطاني أو هوائي،  وبماذا يفرق بينها،  فإن لكل واحد منها دافعا من نوع آخر،  ثالثا: الفرق بين خاطر خير ابتدائي وإلهامي أو شيطاني أو هوائي لتتبع ما يكون من الله تعالى أو من الملهم وتجتنب ما يكون من الشيطان وكذلك الهوى”[7].

يرى الغزالي أن قلب الإنسان بأصل الفطرة صالح لقبول آثار الملك ولقبول آثار الشيطان صلاح متساويا،  ليس يترجح أحدهما على الآخر؛ وإنما يترجح أحد الجانبين باتباع الهوى والإكباب على الشهوات أو الإعراض عنها ومخالفتها.

بهذا فهو قد يرجع مسؤولية الإنسان في نشاطه وحركته العملية إلى إرادته،  إذ رغم ورود هذا الخاطر أو ذاك فإنه ليس له تأثير على سلوك الإنسان إلا بقدر الميل الذي يحصل عنده نحو خاطر دون آخر.

  هذا يعني أن النية لكي تستكمل شروطها ينبغي أن يكون هناك حضور واعي للإنسان ومعرفة دقيقة للخلفيات الكامنة وراء كل حديث نفس قد يستجيب له باعتباره حقا في ظن المتبع له إرادة.

من هنا فقط،  قد تكون مسؤولية الإنسان الجزائية،  فهو إما أن يوافق الصواب في سلوكه وإما أن يخالفه،  فيكون مسئولا عن تصرفاته،  لهذا فقد حق على”العبد أن يقف عند كل هم يخطر له ليعلم أنه من لمة الملك أو لمة الشيطان،  وأن يمعن النظر فيه بعين البصيرة لا بهوى من الطبع،  ولا يطلع عليه إلا بنور التقوى والبصيرة وغزارة العلم كما قال تعالى: “إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا ” أي رجعوا إلى نور العلم “فإذا هم مبصرون”-أي ينكشف لهم الإشكال- فمن لم يرض نفسه بالتقوى فيميل طبعه إلى الإذعان بتلبيس بمتابعة الهوى فيكثر فيه غلطه ويتعجل فيه هلاكه وهو لا يشعر”[8].

على هذا المفهوم يبدو أن المؤثر الغيبي ليس له دور إلا إثارة الانتباه نحو موضوع ما قد يعرف الإنسان مسؤوليته فيه عند تطبيقه، فالخاطر يكون دائما محل الرفض أو القبول إرادة ووعيا، وهو لا يخلو من صورتين يظهر عليهما :فهو إما يوافق العقل فيقرره، ومن ثم يكون قد وافق الصواب وما يقتضيه الواقع والحقيقة، وإما يوافق النفس الغريزية فتشير على الإنسان باتباع  هذا الهوى أو ذاك.

  هذه المسألة التي فيها نوع من التناقض الداخلي في شخصية الإنسان لا تعبر عن حالة مرضية، وإنما هي مظهر سليم لنفسيته، بل عنده تظهر قوته الواعية المميزة له عن سائر الحيوانات…

من هنا؛ يذهب الغزالي إلى أن المقياس الذي يميز به الإنسان الخاطر السليم من الخاطر المضر هو أن يعلم الشخص بأن”العقل في أكثر الأمر يشير بالأصلح للعواقب وإن كان فيه كلفة ومشقة في الحال، والهوى يشير بالاستراحة وإن يترك التكلف، فمهما عرض لك أمر ولم تدر أيهما أصوب فعليك بما تكرهه لا بما تهواه، فأكثر الخلق في الكراهة”[9].

يبدو هذا الرأي كأنه يدعو إلى توظيف منهج الاستبطان النفسي على نطاق واسع، وذلك بالعمل على فرز الحركات النفسية حيث يقع الالتباس في تحديد خلفياتها، فهناك الحكم العقلي وهناك الانفعال، وقد يتلبس كلاهما بالآخر فيصدر الإنسان عند التقرير أحكاما خاطئة بحسبه في قضايا مختلفة، وذلك بسبب عدم إدراك خلفية الخاطر الموافق للحكم العقلي أو المخالف له.

فالهوى المخالف للعقل ليس هو الشهوة ككل وإنما يمثل شطرا مهما منها؛ قد تنقسم إلى شهوة محمودة ومذمومة.

من هنا فهو لا ينظر إلى الشهوة كرذيلة بالكلية، بل يرى في تحقيقها فوائد جمة خاصة بالجسم والجنس البشري، و”ذلك من حيث ما فيه صلاح بدن الإنسان وإبقاء على نوعه”ولا تدخل تحت مصطلح الهوى إلا إذا تعدت حدودها وغلبت على العقل من حيث توجيهها له [10]

على هذا؛ البواعث النفسية والخلقية عند الإنسان لتحقيق رغباته ومتطلبات غرائزه النفسية والجسدية قد تنحصر في ثلاثة أنواع:

  1. الترغيب والترهيب بما يجري في الحال والمآل
  2. رجاء المحمدة وخوف المذمة ممن يعتد بحمده وذمه
  3. طلب الفضيلة وكمال النفس لأنه كمال وفضيلة لا لغاية أخرى وراءها

فالأول مقتضى الشهوة وهي رتبة العوام، والثاني من مقتضى الحياة ومبادئ العقل القاصر وهو من أفعال السلاطين وأكابر الدنيا و دهاتهم المعدودين من جملة العقلاء بالإضافة إلى العوام، والثالث مقتضى كمال العقل وهو فعل الأولياء والحكماء ومحققي العقلاء”[11].

 هذه البواعث قد لا تتم و ترسخ في نفس الإنسان إلا بعد ورود الخاطر الأول الذي هو بمثابة معرفة أولية يتلقاها الإنسان ويكتسبها من خلال ممارسته للعلوم، وورودها عليه في شكل تذكر ذاتي أو إلهام أو وسوسة…

ب – مراحل الحركة النفسية ومسؤولية الإنسان

إن المراحل التي يقطعها الخاطر حسب النظام الحركي للنفس تتحدد في أربعة مستويات تتفاوت فيما بينها من حيث إلزام الإنسان بمسؤوليته عن نتائجها.

فقد ضرب مثلا بسيطا وواقعا في هذا الباب حيث يقول: “أول ما يرد على القلب الخاطر كما لو خطر له مثلا صورة امرأة وأنها وراء ظهره في الطريق لو التفت إليها رآها.

والثاني: هيجان الرغبة إلى النظر، وهو حركة الشهوة التي في الطبع، وهذا يتولد عن الخاطر الأول ونسميه ميلا بالطبع ويسمى الأول حديث النفس .

والثالث: حكم القلب بأن هذا ينبغي أن يفعل –أي ينبغي أن ينظر إليها –فإن الطبع إذا مال لم تنبعث الهمة والنية ما لم تندفع الصوارف، فإنه قد يمنعه حياء أو خوف من التفات، وعدم هذه الصوارف ربما يكون بتأمل وهو على كل حال حكم من جهة العقل ويسمى هذا اعتقادا، وهو يتتبع الخاطر، والميل الرابع:تصميم العزم وجزم النية فيه ، وهذا نسميه هما بالفعل وقصدا”[12].

ففي كل هذه المراحل التي يقطعها الخاطر لا يتحمل الإنسان مسؤوليته عنده إلا في المرحلة الأخيرة وهي الهم بالفعل ، حيث يعلل إبراؤه منها في المراحل السابقة عنها بأنها ليست لديه اختيارية وإنما هي غريزية أو شبهها، ومن ثم فلم تصل إلى مستوى الاختيار الكامل والإرادة المجردة من كل إكراه أو تلبس.

فلا حديث النفس ولا الميل ولا الاعتقاد بوجوب عمل شيء أو الامتناع عنه قد يعتبر الإنسان مسئولا عن تبعاته جزائيا؛ سوى نقطة واحدة وهي: الهم بالفعل.

بل حتى هذه الأخيرة قد تراعى فيها أحوال وظروف محددة لوجهه وأسباب منعه أو إجرائه ، بحيث لوترك شخص هما بالفعل -كان قد أوشك على تطبيقه -بسبب خوف من الله تعالى وبموجب التقوى فإنه سيكون جزاؤه عكس ذلك الهم، بانتقال الجزاء من كونه  سيئة إلى اعتباره حسنة، لأنه في هذه الحالة يكون قد قام بعمل عظيم وقاوم رغباته وشهواته وأهوائه رغم الميل الكلي لنفسه نحو الاستجابة عند وجود الهم بالفعل الأولي، ومن ثم فسيكون مجاهدا لها وموجها إياها لمصلحتها العليا ألا وهي: تحقيق كمالها وسعادتها.

أما إذا كان الترك لهذا الهم بالفعل لعارض لا إرادي كيفما كان نوعه فهذا يؤاخذ عليه ويتحمل مسؤوليته، لأن الخاطر يكون قد اجتاز مراحل عدم الاختيار إلى الاختيار، الذي هو خاصية الإنسان في التكليف وعليه ركزت الشريعة في تحديد المسؤولية الجزائية.

فنظرا لأهمية هذه المراحل التي يقطعها الخاطر في النفس وينمو بحسب منازلها حتى يصير إما باعثا على العمل الخير وإما باعثا على الشر كان الغزالي يركز دائما على أنه من الضروري لمن يريد أن يعرف هذه الأحوال”أن يدرس أسرار الشخصية الإنسانية وخفاياها وأن يتفهم تركيبها، وعليه أن يعرف ما تتضمنه هذه الشخصية من صفات وخصائص وميول ليستطيع عن طريق معرفته لها معرفة مواضع النبل فيها ومواطن العيب والدمار، وعليه أن يعرف ما هي الشهوات والنزعات التي قد تسيطر عليها وتتملكها؛والدوافع التي تستطيع التأثير على اتجاهها وكيف يمكن ضبط كافة هذه الشهوات والدوافع والرغبات وتطهيرها لتؤدي عملها بصورة سليمة”[13].

القلب معرض دائما للخواطر التي لها مداخل متعددة:منها الظاهرية والباطنية ” أما من  الظاهر فالحواس الخمس وأما من الباطن  فالخيال والشهوة والغضب والأخلاق المركبة من مزاج الإنسان، فإنه إذا أدرك بالحواس شيئا حصل منه أثر في القلب وكذلك إذا هاجت الشهوة مثلا بسبب الأكل وبسبب قوة في المزاج حصل منه في القلب أثر ، وإن كف عن الإحساس فالخيالات الحاصلة في النفس تبقى، وينتقل الخيال من شيء إلى شيء، وبحسب انتقال الخيال ينتقل القلب من حال إلى حال،  والمقصود أن القلب في التغير والتأثر دائما من هذه الأسباب”[14]وهي الخواطر الواردة عليه.

   على إثر هذا يرى أن الخواطر هي المحركة للرغبة كما رأينا ، وليس ما تراه بعض المدارس النفسية الحديثة من أن الرغبة هي المحرك الأول للإنسان[15]، لأنها لا تكون إلا بعد معرفة المرغوب فيه، ويضرب لذلك مثالا محسوسا يهم جانبا مهما من الرغبات الشهوية الأولية ، فيقول: “مثاله أنه خلق فيك شهوة الطعام إلا أنها قد تكون فيك راكدة كأنها نائمة، وإذا وقع بصرك على طعام حصلت المعرفة بالطعام فانتهضت الشهوة للطعام فامتدت إليه اليد، وإنما امتدت إليه بالقوة التي فيها المطيعة لإشارة الشهوة و انتهضت المعرفة المستفادة من طبيعة الحس”[16].

 لا يهمنا الآن موضوع الغرائز بقدر ما تهمنا الفكرة الرئيسية فيه، وهي :الخواطر ودورها في انبعاث الإنسان نحو سلوك معين ، إذ نظرا لدورها الخطير في صياغة السلوك فقد “احتاجت الحركة الإنسانية إلى حسن عناية وتكليف بتأييد وتسديد وتعريف، فإن الحركة الفكرية يدخلها حق وباطل، فيجب أن يختار الحق دون الباطل، والحركة القولية يدخلها صدق وكذب فيجب أن يختار الصدق دون الكذب، والحركة الفعلية يدخلها خير وشر ويجب أن يختار الخير دون الشر، ولن يتحقق هذا الاختيار إلا من تأييد وتسديد وتعريف”[17].

هكذا يتحدد السلوك الإنساني من خلال باعثه الداخلي ومحركه الأساسي كخطاب نفسي متشابك ومعقد قد يحتاج معه إلى التوقف وحساب الخطوات والكلمات والهمسات والهواجس، أي أن كل واحد ينبغي أن يكون يقظا وواعيا ومسؤولا عما يصدر منه بعد المرور عبر مراحل النية كما رأينا وهذه هي البصيرة محل المحاسبة كما قال الله تعالى:” بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ  وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ”.


[1] الغزالي:إحياء علوم الدين    ج3ص23

[2] الغزالي: منهاج العبدين  مكتبة الجندي   1392-1972   ص62

[3] الغزالي: الأربعين في أصول الدين ،  منشورات دار الآفاق الجديدة بيروت  ص170

[4] زكي مبارك: الأخلاق عند الغزالي   ص99

[5] الدكتور عبد الله دراز: دستور الأخلاق في  القرآن،  مؤسسة الرسالة  دار البحوث العلمية ط3 ، 1400-1980 ص423

[6] الغزالي: إحياء علوم الدين  ج3ص23

[7] الغزالي: منهاج العابدين  ص63

[8] الغزالي: إحياء علوم الدين ج3ص26

[9] الغزالي: ميزان  العمل ص؟

[10] نفس  ص66

[11] نفس ص103

[12]الغزالي: إحياء علوم الدين  ج3ص37

[13] علي عيسى عثمان: الإنسان عند الغزالي  ص115

[14] الغزالي: إحياء علوم الدين ج3ص23

[15] فاليري ليبين: مذهب التحليل النفسي والفلسفة  الفرويدية الجديدة دار الفارابي  بيروت ط1-1981ص41

[16] الغزالي: الأربعين في  أصول الدين   ص171

[17] الغزلي: معارج القدس   ص39